● كيف جاءتك فكرة مشروعك التوثيقي لتلوين وترميم صور الأفلام الكلاسيكية؟

- أعمل في إنتاج الأفلام الوثائقية، وفي عام 2014 كنت أعمل على فيلم "عمّال السد العالي"، ولأن هذه الأفلام تتطلب مواد أرشيفية، فقد بحثت كثيراً عن مادة تؤرخ تلك الفترة فلم أجد الكثير، فبدأت أبحث عن مصورين عاصروا تلك الفترة، وبعد سنوات التقيت مصوراً روسياً كان قد وثّق تلك الفترة بمادة فيلمية ملونة، ومن هنا أصبحت مشغوفاً بالبحث عن المواد الأرشيفية وتأريخها بشكل يحفظها من التلف، ومنذ ذلك الحين أجمع المواد الأرشيفية من كل البلدان التي أزورها أو من شخصيات كالممثلين والمخرجين لترميمها إن كانت تالفة، وإرسالها إليهم، وأحفظ نسخة منها لمكتبة مشروعي الذي أنوي إنشاءه.

Ad

● حدثنا عن خبراتك كمصور فوتوغرافي ومصمم غرافيك في مجال ترميم الصور التي أهلتك لخوض هذا المشروع؟

- التصميم تحديداً كان له النصيب الأكبر، وهو الذي قادني لأخوض تلك التجربة نظراً لما أملكه من خبرات في العمل بهذا المجال، كما أن إحساسي باللون ميزة اكتسبتها من عملي بالتصوير، وأفادتني في تلوين الصور.

الوكالات الثقافية

● بالتأكيد تطلب الأمر الحصول على صور أبيض وأسود للأفلام وأفيشاتها بجودة عالية، من أين حصلت عليها؟

- كنت أعمل في وقت ما مصوراً صحافياً في إحدى الوكالات الثقافية التي كانت توثق للحياة الثقافية في مصر، وكان العمل يتطلب منا التصوير مع شخصيات من زمن الفن الجميل. طلبت من إحدى الفنانات ترميم صورة لها كانت تضعها على الحائط في منزلها فوافقت، وكان الأمر متعباً في البداية نظراً لضعف البرامج المتخصصة وقتذاك، وقررت بعدها هذه الفنانة أن تعطيني صوراً عديدة أرممها وأعيدها إليها مقابل احتفاظي بنسخٍ منها وأيضاً، كنت أجمع صوراً من هواة السينما، ففي لبنان مثلاً التقيت رجلاً يجمع تراث السينما العربية منذ 40 عاماً، وعرضتُ عليه أن أرمم ما لديه من صور وملصقات أفلام المادة، فوافق وأعطاني نسخاً من ألف أفيش.

● ما أبرز الصعوبات التي واجهتك أثناء العمل؟

- الوقت الطويل، فقد بدأت المشروع قبل نحو 6 سنوات، وأدفع الكثير من المال لرقمنة المواد، إلى جانب شرائي بعض الصور.

● ما إجمالي عدد الصور والأفيشات التي انتهيت من ترميمها وتلوينها؟

- نحو 800 صورة حتى الآن، ولكن لا يزال عندي الكثير من الصور لذلك يتطلب الأمر مجهوداً كبيراً، ومع كل فترة، أعمل على مجموعة صور منها وأحفظها.

● بعد تلوين الصور وظهورها في شكلها النهائي هل يمكن القول إن تلك هي الألوان الحقيقية التي كانت عليها في الواقع؟

- قطعاً لا، قد تقترب بنسبة كبيرة، لكنها تبقى محاولة تجريبية من خلال خبرتي كمصمم عن مدى حساسية اللون مثلاً في بعص الصور الخاصة بالفنانات، لا بد من تخيُّل لون الفستان بشكل تقريبي، وإلا سيصبح الأمر تشويهاً وليس تجميلاً، فبعض الأماكن الداكنة في الأبيض والأسود، قد تكون لوناً أزرق أو أخضر، لذا الأمر يأخذ وقتاً طويلاً للاقتراب من اللون الحقيقي.

● بعد نشرك بعض هذه الصور في حالتها الجديدة كيف وجدت ردود الفعل؟

- لم أتوقع ردود الفعل حقيقة، ففي ديسمبر 2019، قام موقع أجنبي متخصص في تلوين الصور الأبيض والأسود عن طريق الذكاء الاصطناعي، وانتشرت بالفعل بعض الصور الملونة بتلك الطريقة، لكنها كانت تنطوي على مشكلات عديدة، لاعتمادها طريقة تفرض لوناً واحداً فقط على كل الصورة، وبما أنني متخصص في هذه التقنية، رأيت أن ذلك يفسد جماليات الصورة، فترى لون البشرة مثل لون الأثاث المنزلي في نفس اللقطة، وكان الأمر غير طبيعي، فقررت بعدها بشهرين أن أعلن مشروعي وأنني أنفذ ذلك يدوياً، فكانت الصور مختلفة عما هو مطروح على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتالي كان المردود جيداً.

● ما المكسب الكبير الذي يتحقق من وراء هذا المشروع؟

- مشروعي يستهدف التخلص من القبح والبحث عن الجمال في أصل الأشياء، للارتقاء بالذوق الفني الذي ينعكس بدوره على تثقيف الشعوب.

●... وماالتقنيات التي تعتمد عليها في عملك لترميم وتلوين الصور الكلاسيكية؟

- أدواتي في التعامل مع الصور جهاز "لاب توب"، وبرنامج "فوتوشوب" و"لايت روم"، وفي ترميم الفيديو أستخدم أيضاً برامج تلوين مثل "دافينشي"، وجهاز تابلت غرافيك صغير، للتحكم في الصور والفُرَش بشكل أكثر دقة.

● ما أهم الأفلام التي قمت بتلوين صورها؟

- فيلم "بورسعيد" إنتاج 1957 بطولة فريد شوقي، أبهرتني تفاصيله التي دارت حول تلك الملحمة التي خاضتها المقاومة الشعبية في مدن قناة السويس، فقد أدهشني مدى كفاءة صنّاع الفيلم في محاكاة الواقع عبر تصميمهم شوارع ومنازل وحروباً داخل ستوديو بسيط ليبهروننا بهذا الجمال الذي رأيناه في عمل فني مكتمل العناصر.

● ما كان يدهشك أنت شخصياً من التفاصيل حين تنتهي من تلوين صور معينة؟

- التفاصيل كانت مهمة بالنسبة إليّ، إذ أعتبر نفسي من صنّاع العمل الوثائقي، لذلك تبهرني التفاصيل، وكنت دائماً أتساءل: كيف تُصنع هذه الاستوديوهات الضخمة لتصوير أعمال عديدة كانت ولا تزال مؤثرة في وجداننا مثلاً كنت أرى بعض الصور طبيعية بلونها الحقيقي "الأبيض والأسود"، ولكن بعد تلوينها أرى العجب، من أن هناك أناساً أفنوا حياتهم ليظهروا هذه الأفلام بشكل مثالي لإقناعنا بالواقع المجتمعي الذي تدور فيه قصة الفيلم أيضاً كثيراً ما رأيت اللوحات التي كانت تعلق على الجدران حتى ولو كانت في مشهد بحي شعبي، وهذا دليل على أن المصريين من كل الفئات كانوا يتذوقون الفن، لأن السينما محاكاة للواقع.

* ما الخطوة القادمة في مشروعك... هل ستتيح هذه الأعمال على موقع إلكتروني؟

- الموقع سيكون مجانياً وسأنشر فيه الأعمال بشكل جمالي يحفظها من التلف ليستمتع بها عشاق الزمن الجميل، وسأحاول جاهداً أن يكون ذلك من خلال عرض الصور بشكل متحفي، بحيث تكون كل صورة مرفق معها فقرة تتضمن معلومات عن العمل الفني وتاريخ إنتاجه مع صوت المشهد وكأننا بنعيد ذاكرتنا وننشطها.