أجرى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أمس، زيارة الى القاهرة تركزت على الملف الليبي و"التصدي لمحاولات دول إقليمية توسيع نفوذها وتأثيرها السلبي في المنطقة العربية"، بينما استعرضت مصر قواتها على الحدود الغربية.وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي بعد جلسة مباحثات ثنائية في القاهرة، ووجود تنسيق كامل بين البلدين لمواجهة التحديات في الساحة العربية، واستعادة الاستقرار، والتصدي لكل المحاولات من دول إقليمية لتوسيع نفوذها وتأثيرها السلبي في المنطقة العربية، وأن الدولتين عليهما مسؤولية الأمن والاستقرار في المحيط العربي تحت مظلة الجامعة العربية.
وقال شكري إن اللقاء تطرق الى سبل تحقيق طفرة جديدة في العلاقات، عبر العمل على تحقيق مصلحة الأمن والاستقرار العربي بشكل كامل، وأكد أن موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية هو السعي لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، في إطار وقف إطلاق النار.وشدد الوزير المصري على أن بلاده "ستواصل الدفاع عن مصالحها ودعم المسار السياسي في ليبيا، لكنها لن تقبل بأي شكل من الأشكال بأي نوع من التعدي، أو اختراق الحدود التي تم تحديدها للدفاع عن المصالح والأمن القومي المصري"، في إشارة إلى إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي الشهر الماضي، عن تحديد خط سرت- الجفرة خطًا أحمر للأمن القومي لبلاده.وقال شكري ان الانخراط في العملية السياسية الليبية، يجب أن يشمل كل القضايا المتعلقة بالحل السياسي، بما يتعلق بتشكيل المجلس الرئاسي، ووجود حكومة تلبي وتوفر الخدمات للشعب الليبي تحت إشراف مجلس النواب، ومن يتولى منصب محافظ البنك المركزي، وإعادة ضخ البترول على أن توزع عوائده بشكل متساو على كل أفراد الشعب الليبي.وأشار إلى أن المجتمع الدولي وضع الكثير من الأسس التي تسعى لتنفيذ الحل السلمي في ليبيا، لكن للأسف لا توجد آليات لتنفيذها ولا إرادة سياسية لوضعها موضع التنفيذ، "بل نرى توسعا لرقعة الإرهاب والمقاتلين الأجانب، وهذا هو التحدي الثاني الذي يواجه مصر والمملكة، التحدي للتيارات المتطرفة والعناصر الإرهابية واستهدافهم للأمن القومي العربي، سواء في ليبيا والعراق وسورية".من جهته، قال الوزير بن فرحان إنه التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مقر الرئاسة المصرية، واستمع لرؤية الأخير حول القضايا والتحديات الكبرى التي يواجهها أمن المنطقة. وكشف الوزير السعودي عن تلقيه تعليمات من القيادة السعودية بالتنسيق الكامل مع القاهرة لخدمة مصالح البلدين ومصالح المنطقة، والعمل معا على حل المشاكل العربية "من خلال منظومة العمل العربي المشترك، التي مصر والمملكة عمودان أساسيان فيها".وأكد الوزير السعودي دعم الرياض الكامل للموقف المصري في الملف الليبي، ودعم إعلان القاهرة، وموقف المملكة الثابت بحل الأزمة الليبية عبر المشاورات السياسية السلمية ووقف إطلاق النار، مع احترام مقومات الأمن القومي المصري، وأهمية إبعاد ليبيا عن التدخلات الخارجية، لافتا إلى وجود "توافق مصري سعودي" في هذا الملف.
استعداد قتالي
وفي ظل التوتر الحاكم في منطقة شرق المتوسط، شهد رئيس أركان حرب القوات المصرية، الفريق محمد فريد، أمس الاثنين، إجراءات الاصطفاف والاستعداد القتالي لعناصر القوات المسلحة على الاتجاه الاستراتيجي الغربي (على الحدود الليبية)، في إطار خطة القوات المسلحة لمتابعة التدابير والإجراءات المشددة لحماية حدود الدولة وأمنها القومي في جميع الاتجاهات الاستراتيجية براً وبحراً وجواً.وقال بيان القوات المسلحة إن رئيس الأركان استمع إلى الإجراءات المتخذة لرفع درجات الاستعداد القتال، وعرض قرارات القادة على جميع المستويات، وتنظيم التعاون بين كل عناصر تشكيل العملية الاستراتيجية للقوات البرية والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، بما يضمن تنفيذ العناصر للمهام بكل دقة، وفي التوقيتات المحددة، وتناقش مع عدد من القادة والضباط في أسلوب تنفيذ المهام المخططة، وكيفية مجابهة التغيرات الحادة والسريعة أثناء سير أعمال القتال.ووافق البرلمان المصري، خلال جلسة عامة له الأسبوع الماضي، على "إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي العربي، ضد أعمال الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية".التمسك بالأمل
لكن اهتمام القاهرة بملف الأزمة الليبية، لم ينسها الاهتمام بملف منابع النيل، إذ علمت "الجريدة" أن جولة المفاوضات الجديدة حول سد النهضة الإثيوبي، بين وفود مصر والسودان وإثيوبيا تحت إشراف ومشاركة الاتحاد الإفريقي، ستنطلق قبل نهاية الأسبوع الجاري، بينما قال المتحدث باسم وزارة الري المصرية محمد السباعي إن موقف بلاده ليس ضعيفا في المفاوضات، وإن القاهرة تتمسك بالأمل بشأن حدوث انفراجة في المفاوضات المتعثرة.وأبدى السباعي تعجبه واستغرابه من المراوغات الإثيوبية، وشدد على أن التصريحات الإثيوبية الأخيرة بشأن مياه النيل استفزازية، في إشارة إلى تصريح سابق لوزير الخارجية الإثيوبية قال فيه إن النيل أصبح ملكا للإثيوبيين بعد الانتهاء من الملء الأول لبحيرة السد بشكل منفرد، وهو خطوة وصفها السباعي بأنها لا تتفق مع القانون الدولي، لافتا إلى أن مصر ترغب في الانتهاء من النقاط العالقة في الشقين الفني والقانوني من المفاوضات.من جهته، طالب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، د. نادر نور الدين، في تصريحات لـ "الجريدة"، بضرورة أن يغير المفاوض المصري طريقة تفاوضه ومطالبه، "وأن يطلب بشكل واضح وصريح التفاوض على حجم المياه التي تخرج من الهضبة الإثيوبية وتصب في مجرى النيل الأزرق سنوياً بغض النظر عن عدد السدود التي ستقيمها إثيوبيا".وتابع: "تقدر كمية المياه حاليا بـ 49 مليار متر مكعب في المتوسط، ويجب أن تتعهد إثيوبيا بأن تسمح بضخ نحو 40 مليار متر مكعب سنويا في سنوات الفيضان والمنسوب العادي، و32 مليارا في سنوات الجفاف السبع التي تأتي كل 20 عاما، وبذلك تحل جميع مشاكل مصر مع السدود الإثيوبية، فطالما تعهدت أديس أبابا باستمرار تدفق هذا القدر من المياه سنويا ضمن اتفاقية ملزمة بضمانة الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، فلا يهمنا عدد السدود التي تبنيها إثيوبيا الآن أو في المستقبل".