بالغت بريطانيا باستحصال الضرائب من المواطنين الذين يعيشون في أميركا الشمالية تحت هيمنتها، مما دفع بعض المواطنين الذين يقطنون في ولاياتها المترامية الأطراف إلى أن ينظموا أنفسهم، ويتداعوا إلى الانفصال عن الهيمنة البريطانية، كڤيرجينيا مثلاً، حيث أعلنت: "نحن أهالي ڤيرجينيا قررنا:أولاً: من حق المستعمرات التمتع بنفس المميزات التي يتمتع بها الشعب البريطاني.
ثانياً: فرض أي ضريبة لا يعتبر قانونياً، إلا إذا كان عن طريق أهل المستعمرة أنفسهم.ثالثاً: كل مَنْ سيحاول أن يفرض علينا قبول قانون لا نرضى عنه يعتبر عدواً لمستعمرة ڤيرجينيا.***• واجتمع العقلاء من الولايات المختلفة، وقرروا إرسال مندوب إلى لندن، للحيلولة دون ارتفاع الضرائب بهذا الشكل الجنوني، لكن المندوب بنجامين فرانكلن عاد ليقول: "التيار المعارض لمطالبنا متصلب جداً، وأي محاولة لإرغام الشمس على عدم الغروب أسهل من إلغاء قوانين الضرائب الجديدة في بريطانيا".***• وهنا تمَّت دعوة قادة حروب المواجهة مع بريطانيا إلى مؤتمر في فيلادلفيا، وتم انتخاب جورج واشنطن، الذي كان قائداً لتلك المواجهات، ليلقي وثيقة الاستقلال، بعد أن قرر الجميع الانفصال عن بريطانيا، فبدأ بالقول:"أيها السادة مندوبو الولايات المتحدة الأميركية، اسمحوا لي أن أقرأ عليكم الوثيقة، التي قام المؤتمر بإعدادها على مدى ثمانية أيام متصلة... وعلى الشعب الأميركي قبل أي شعب آخر.إن الناس جميعاً خُلقوا متساوين، وإن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة لا يجوز أن تُستلب منهم، ومن بين هذه الحقوق حق الحياة، حق الحُرية، ونشدان السعادة". وأتم الجنرال جورج واشنطن قراءة وثيقة استقلال منطقة لا تقل مساحتها عن تسعة ملايين كيلومتر مربع عن الوطن الأم –بريطانيا– فقرأ مقدِّمة تفسيرية جاء فيها:"حين تقتضي الضرورة في سير الأحداث البشرية أن يقوم أحد الشعوب بفصل الروابط السياسية التي تربطه بشعب آخر، لكي يتبوأ مكانته بين الدول في المكان الذي يتساوى فيه مع شعوب أخرى، والذي تخوِّله إياه نواميس الطبيعة وسُنن الكون، حينئذ يقتضي احترام إرادة البشرية أن يعلن هذا الشعب الأسباب التي تحمله على الانفصال، والحقائق واضحة، كما فصّلتها، وكما أشرت في هذه الوثيقة، وهي: المساواة بين الناس، واحترام حريتهم، والعمل على سعادتهم".وضمن ما جاء في الوثيقة: "إذا كان بروتس تصدَّى لقيصر، وكرومويل تصدَّى لشارل الأول، فإن الشعب الأميركي من أجل حُريته سيتصدَّى لجورج الثالث".***• وبعد يوم 4 يوليو 1776، وعقب إعلان تلك الوثيقة، بزغت أسس وجذور الدولة الأعظم في العالم.***• ولا أريد في نهاية هذا المقال أن أندب حظي، كمواطن عربي، لما فعلته أميركا من كوارث في وطني العربي، لكنني أتساءل: "هل وصلت الحال بدولة بحجم أميركا، وبتاريخها النضالي في مواجهة بريطانيا، وما قدَّمته للإنسانية خلال قرنين ونيف، أن يتولى رئاستها كائن من عينة ترامب؟!".
أخر كلام
هكذا بدأت أميركا... فأين ستنتهي؟!
28-07-2020