بنك الكويت الوطني: أسعار النفط تحركت ضمن نطاق محدود في يوليو
بسبب ضبابية آفاق النمو وعودة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد
قال الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط تحركت ضمن نطاق محدود خلال معظم فترات الشهر الماضي، إذ استقرت الأسعار حول مستوى 40 دولاراً للبرميل، ولم ترتفع سوى خلال الأسبوع الماضي، إذ تمكنت من الوصول إلى أعلى مستوياتها المسجلة في أربعة أشهر، وبلغ سعر مزيج خام برنت 44.32 دولاراً للبرميل في حين ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 41.96 دولاراً للبرميل. ووفق الموجز، فإن المكاسب الناتجة عن شح الإمدادات تم كبحها إلى حد كبير بسبب المخاوف بشأن ضعف الطلب على النفط فترات طويلة مع ارتفاع حالات العدوى بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.وفي إطار الدور الذي تلعبه كمؤشرات للطلب على النفط، كانت التحركات الأسبوعية لمخزونات الخام والمنتجات الأميركية - وبدرجة أقل – معدل التشغيل لمصافي التكرير هي المقاييس الرئيسية لمعدلات ثقة السوق ومحفزات حركة أسعار النفط. وكان هذا الأمر أكثر وضوحاً نظراً لإشارة المقومات الرئيسية لجانب العرض إلى حد ما نحو الاتجاه الصحيح بفضل جهود تقليص الامدادات من «أوبك» وحلفائها.
وساهمت خطط التحفيز المالي والنقدي الموجهة للتخفيف من الآثار السلبية للجائحة في دعم الأسعار، إذ ساهمت أنباء توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن صندوق التعافي الاقتصادي بقيمة 750 مليار يورو في دفع سعر مزيج خام برنت للارتفاع إلى أعلى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر يوم الثلاثاء الماضي، كما أن الأخبار المتعلقة بتطوير العقاقير واللقاحات المضادة للفيروس كان لها تأثير ملحوظ على تحركات أسعار النفط والأسواق المالية عموماً. لكن خفض «أوبك» وحلفائها حصص الإنتاج والتقليص الاضطراري لإنتاج النفط الصخري الأميركي في الولايات المتحدة وتطوير الرمال النفطية الكندية تعتبر من العوامل الرئيسية التي عززت مكاسب الأسعار منذ نهاية أبريل، ومن المتوقع أن تواصل الأسعار ارتفاعها للشهر الثالث على التوالي في يوليو، مع ارتفاع سعر مزيج خام برنت بنسبة 6 في المئة تقريباً هذا الشهر (على الرغم من تراجعه بنسبة تخطت أكثر من 34 في المئة في عام 2020). وكان القرار الذي اتخذته مجموعة «أوبك» وحلفائها، بعد اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة الأخير، بالبدء في التخفيف من خفض الإنتاج الذي بلغ 9.7 ملايين برميل يومياً والعودة لزيادة الإنتاج مجدداً في أغسطس للمرة الأولى منذ أبريل ذا تأثير ضئيل على الأسواق، إذ تم تسعير جزء كبير من ذلك القرار بالفعل بفضل وضوح رؤية مجموعة المنتجين. كما أن الكميات الإضافية المتوقع إنتاجها في أغسطس ستكون حوالي نصف ما كان مقرراً في البداية، إذ سيتعين على المنتجين مثل العراق ونيجيريا وأنغولا الاستمرار في إجراء تخفيضات أعمق للتعويض عن عدم وصولهم للمستويات المستهدفة في مايو ويونيو وربما حتى يوليو.وارتفع خام التصدير الكويتي بنسبة 19.5 في المئة هذا الشهر بعد تراجعه بشدة عدة أشهر، كما تمكن من الوصول إلى مستويات أسعار درجات الخام المنافسة ذات الجودة المماثلة. وقفز سعر خام التصدير الكويتي فوق حاجز 40 دولاراً للبرميل في 1 يوليو ووصل إلى 44.75 دولاراً للبرميل يوم الخميس الماضي قبل أن يتراجع هامشياً إلى 43.4 دولاراً للبرميل يوم الجمعة الماضي.وفي واقع الأمر، فإن الخامات المتوسطة مثل خام التصدير الكويتي والخام السعودي المتوسط وخام البصرة الخفيف، التي تباع عادة بأسعار أقل مقارنة بالخامات الخفيفة التي تنتج المزيد من البنزين والديزل ووقود الطائرات لكل برميل، حققت أداءً جيداً خلال الأشهر الأخيرة، إذ كانت أسعارها أعلى من المعتاد نتيجة لضعف الطلب (مما انعكس على هوامش التكرير) على وقود الديزل ووقود الطائرات بسبب الجائحة.
تحسن توقعات الطلب... والمخاطر السلبية مستمرة
كان الارتفاع الكبير لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد مجدداً في عدد من الدول بعد أسابيع من إغلاق الأنشطة الاقتصادية مقلقاً، خصوصاً في الولايات المتحدة، وكان من الضروري إعادة فرض بعض القيود على حركة التنقل. وتأتي تلك الخطوة في ذروة موسم القيادة الصيفي، الذي يشهد عادة تزايد استخدام البنزين، لذا فمن المقرر أن يُضاف استمرار الجائحة إلى مشاكل الطلب على النفط في الولايات المتحدة خصوصاً. وكانت مخاطر ضعف الطلب على النفط لفترات طويلة بمنزلة مؤشر رئيسي لتنقيح الطلب على النفط من وكالة الطاقة الدولية ورفعه لعام 2020، إذ أشارت الوكالة في تقريرها الصادر عن سوق النفط في يوليو إلى أن رفع توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2020 بمقدار 360 ألف برميل يومياً (مقارنة بالتوقعات الصادرة في يونيو) مرهون بالسيطرة على الجائحة، وبذلك يصل متوسط تراجع الطلب العالمي على النفط إلى 7.9 ملايين برميل يومياً بدلاً من 8.1 ملايين برميل يومياً كما كان متوقعاً في وقت سابق. كما تتصاعد المخاطر السلبية على توقعات الطلب على النفط الخام إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تراجع الطلب خلال الربع الثاني من عام 2020، والذي قدر بحوالي 16.4 مليون برميل يومياً، إضافة إلى استمرار تفشي الجائحة في أجزاء كبيرة من نصف الكرة الجنوبي واستمرارها في الاقتصادات الأكثر استهلاكاً للنفط في نصف الكرة الشمالي.وحالياً يتسارع استهلاك النفط في الدول التي أنهت إجراءات الحظر، ففي الشرق الأقصى وأوروبا والشرق الأوسط، تؤدي درجات الحرارة في الصيف عادةً إلى تزايد الطلب المحلي على توليد الطاقة (التبريد وما إلى ذلك). وأشار وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى أن آثار الطلب الموسمي على النفط كانت أكثر «وضوحاً» هذا العام وسط بقاء سكان دول مجلس التعاون الخليجي في منازلهم نظراً إلى استمرار فرض القيود على السفر.وطمأن الأمير مراقبي السوق المترقبين لطوفان من الإمدادات السعودية الجديدة بأنه «لن يتم تصدير برميل إضافي واحد». وتبنى وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك نفس نبرة تصريحات الأمير قائلاً، إنه يعتقد أن معظم انتاج النفط الإضافي يتم استهلاكه عبر الأسواق المحلية بدلاً من تصديره.وعلى الرغم من أن سعر مزيج خام برنت ما زال منخفضاً بنسبة 36 في المئة منذ بداية العام، فإنه قد تمكن من تعويض أكثر من نصف خسائره منذ انخفاضه إلى أدنى مستوياته المسجلة ببلوغه 19.33 دولاراً للبرميل (-70 في المئة منذ بداية العام الحالي) في 21 أبريل. وتمثل المكاسب الأسبوعية التي تم تحقيقها يوم الجمعة الماضي ارتفاعاً لأسعار النفط على مدى سبعة أسابيع من أصل الثمانية الماضية.