سغ.ري.غيشن!
لم أعد أقرأ العداد اليومي للإصابات ولكنه بطبيعة الحال يظهر في حسابات التواصل الاجتماعي المختلفة التي أتابعها، تتناقل الخبر كل يوم في الساعة نفسها والتوقيت ذاته، ففي الكويت تحرص الجهات الرسمية على ذكر الأرقام اليومية كمعلومة عامة تهم كل البشر، كما تحرص أيضا على تفصيل أرقام الإصابات وتقسيمها بين المواطن والمقيم!لماذا؟ ما الفائدة التي تعود على الشعب من معرفة أعداد اصابات المواطنين ومقارنتها بغير المواطنين كل يوم؟ لماذا ونحن نعيش على أرض واحدة لا أحد يخرج منها منذ 5 شهور ولا أحد يدخل إليها؟ وهل تحرص الدول المجاورة على تكرار تقرير هذه المعلومة بصورة يومية في تعداداتها العامة؟ وما تبعات تقرير هذه المقارنة؟ وما الدولة الخليجية التي تنتهج هذا المنهج غير الكويت؟ جولة سريعة على الحسابات الرسمية لدول الخليج أبرزها وزارات الصحة في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وجدت أنه لا ذكر لهذا التفصيل إلا في تعداد دولة الكويت ودولة عمان الشقيقة، أما السعودية والإمارات وقطر والبحرين وحتى العراق، فلا وجود لهذه المعلومة بتاتا! هذا التقسيم لا ذكر له، فبالتالي لم يكن يوما هاجسا أو سببا يصوّب عليه العنصريون سِهام اللوم والتنكيل الى فئات غير منتمية إلى الوطن! في الحقيقة أنا لا أعرف سببا وراء ذكر أعداد المصابين الوافدين في التعدادات الرسمية العمانية، ولكنها بالطبع لا تشكل ثقلا ذا تبعات سياسية وصحية في عمان خصوصا أن التركيبة السكانية متوازنة لديهم، حيث أثبتت تقارير 2019 أن نسبة العمانيين هي 60% مقابل الوافدين والمقيمين على الأراضي العمانية.
في الكويت الوضع مختلف! فدوي صرخات صفاء مازالت تتردد في رأس كل الكويتيين حتى قبل كورونا، هناك هم شعبي صامت من مشكلة التركيبة السكانية وتخوّف من تبعات أمنية، وشح وظائف وفرص للكويتيين! جاء كورونا ليضخم صدى الصرخة، فالخوف لم يعد أمنيا ووظائفيا فقط، بل في فترة زمنية صغيرة تضاعف الهم ليصل للمخزون الغذائي والدوائي وقدرة المؤسسات الصحية على الخدمة والاستيعاب، والمشكلة الإسكانية والضمير الإنساني!برأيي أن الكثير من الأحداث المؤسفة حصلت ومازالت تحدث لأننا- حكومة وشعبا- زدنا الفجوة، ووسعنا الشق بين كل من يقطن هذه الأرض، ففي خضم مواجهة مرض لا يفرق بين الناس، كينونتهم وكيفيتهم ومن أين أتوا، نحن من أصررنا على التفرقة والتقسيم! حجر مناطق دون مناطق، ونشر تقارير وتصريحات تلميحية مليئة بالرسائل الضمنية التي تزيد الوقود على النفس العنصري!نحن فشلنا في ترميم الصدع حتى في أحلك الظروف، ولمّ شمل النسيج الاجتماعي وتقويته ليتمكن من المقاومة والعبور متكاتفا متآلفا ومتينا الكثير، فمنا فشل في إكرام الضيف حتى لو في القلب، والترفع عن المهاترات التي من شأنها أن تزيد الهم وتضاعف الخطر. تحديث: توقفت وزارة الصحة عن ذكر أرقام إصابات الوافدين والمواطنين في يوم 15/ 7 لسبب غير معلوم، والتقارير التي صدرت بعد التاريخ المذكور تعلن الإصابات بشكل عام.