أعلنت وزارة الدفاع في كازاخستان، الأسبوع الماضي، أن كتيبة رابعة من قوات حفظ السلام سوف ترسل إلى قوات اليونيفيل في لبنان خلال الشهر المقبل.وتعتبر كازاخستان الدولة الأحدث إسهاماً في قوات حفظ السلام. وقال متحدث باسم «اليونيفيل» إن هذه الخطوة تبعث على الفخر، مشيراً إلى أن قيرغيزستان نشرت 14 جندياً، وطاجيكستان 6 جنود، ولا تسهم أوزبكستان ولا تركمانستان في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وترجع مساهمة كازاخستان في قوات حفظ السلام الدولية إلى بداية القرن الحالي، وقد أسهمت بشكل سنوي في هذا المجال منذ عام 2003 بالمشاركة مع قوات بريطانية وأميركية وتركية وهندية. وتجدر الإشارة الى أن قوات اليونيفيل تشكلت في عام 1978، وكانت واحدة من أقدم القوات في هذا الميدان، وهي تهدف الى «تثبيت الانسحاب الاسرائيلي من لبنان واستعادة السلام الدولي ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعلية في المنطقة». وقد تم تعديل مهمة وتفويض اليونيفيل في عامي 1982 و2000 فيما تعززت تلك القوات، بعد حرب عام 2006، كما أنه اعتباراً من شهر مارس الماضي ارتفع عدد تلك القوات ليصل الى 9982 جندياً و198 ضابطاً، ومن سوء الحظ أنها تعرضت الى مقتل 318 من عناصرها.
مركز تدريب للمهمة
ومن أجل ضمان التدريب للقيام بمهامها ضمن قوات اليونيفيل، عمدت حكومة كازاخستان الى اقامة مركز لحفظ السلام يدعى «كازاسنت»، بمساعدة من وزارة الخارجية الأميركية، وذلك قبل توجه تلك القوات الى لبنان، وتستمر تدريبات تلك القوات لستة أشهر وتشمل المعرفة الثقافية وقواعد الاشتباك والدوريات والمساعدة الأولية وحماية المدنيين.وكانت كازاخستان بدأت عملياتها في لبنان في أواخر شهر أكتوبر من عام 2018، وانضمت وحدتها الى قوات هندية تتمركز في منطقة إبل السقي في الجنوب الشرقي من لبنان -بحسب تقرير صدر عن الأمم المتحدة حينذاك. وبحسب إحصائيات المنظمة الدولية فسوف تتم عملية تناوب للقوات الكازاخية، خلال شهر أغسطس، وهي تعمل في الوقت الراهن مع قوات في قاعدتين على مقربة من ابل السقي، حيث تنتشر قوات برازيلية واندونيسية ونيبالية وصربية وإسبانية، اضافة الى قوات من دول اخرى.أهداف العملية
ثمة سؤال يتردد دائماً ويتعلق بمهام قوات كازاخستان في لبنان. وبحسب تصريحات المتحدث باسم اليونيفيل والكثير من عناصر حفظ السلام، فإن تلك المهام تشمل تسيير دوريات راجلة ومحمولة وتجهيز مراكز المراقبة ونقاط التفتيش بالعتاد والرجال وتوفير الأمن لمراكز الأمم المتحدة.وأوضح عدد من ضباط قوة كازاخستان أن عملياتها تتم في المناطق التابعة مباشرة لليونيفيل، وعلى امتداد الخط الأزرق بين لبنان وفلسطين المحتلة، والذي تشكل كجزء من عملية الانسحاب الاسرائيلي برعاية الأمم المتحدة. وأضاف الضباط أن «الدوريات تتم بصورة مستقلة ومع الجيش اللبناني».وتعتبر عمليات الدورية بطبيعتها معقدة وخطرة، وعلى الرغم من ذلك فقد أثبتت القوة الكازاخية قدرة لافتة على الأداء وتحقيق الهدف. وفيما تختلف التضاريس في لبنان عن تلك الموجودة في كازاخستان فقد تمكن السائق الكازاخي من التعود على هذا التغيير بسهولة، ولم تعد تلك مشكلة يمكن أن تعرقل تنفيذ المهام المطلوبة، بحسب أحد عناصر قوة حفظ الأمن من كازاخستان، الذي أوضح ذلك في مقابلة اذاعية مع راديو يونيفيل 185.في غضون ذلك صرح الرائد أمانغاليولي، وهو ضابط عمليات لوجيستية في قوات اليونيفيل، أنه اضافة الى المسؤوليات المتعلقة بالجوانب اللوجستية فهو يشارك أيضاً في مهام عملياتية مثل الدوريات الراجلة والمحمولة مع زملائه من القوة الهندية، من أجل تحديد القضايا اللوجستية واسناد الوحدة الهندية.دور قوة كازاخستان
وتقول ادارة اليونيفيل إن البعض من ضباط كازاخستان يقومون بأدوار جديدة في مقار اليونيفيل، وإن «الكثير من أولئك الضباط يحضرون دورات تدريبية متعددة في القطاع الشرقي، اضافة الى دورات تدريبية مع الجيش اللبناني».ونظراً لأن مهمة اليونيفيل تتمثل في الحفاظ على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان، فإن من المهم بالنسبة الى كل أصحاب القبعات الزرقاء اقامة علاقات جيدة مع الجيش اللبناني، كما أن قوة كازاخستان وخلال وجودها في لبنان عملت بشكل جيد ولافت مع الجيش اللبناني ويعمل الجانبان في أغلب الأحيان معاً أثناء القيام بدوريات. ويقول متحدث باسم اليونيفيل: «نحن نتفاعل بشكل جيد مع السكان المحليين ومع أصدقائنا في الجيش اللبناني».وأوضحت «اليونيفيل» أن ذلك التفاعل مع السكان المحليين يحدث في أغلب الأحيان، «خلال تنفيذ مشاريع مجتمعية، أو عندما تدعم قواتنا جهود السكان في إطفاء الحرائق».تعاون كازاخستان والهند
يمثل التعاون بين القوات الكازاخية والهندية قضية تستحق درجة كبيرة من التحليل، وذلك لأن القسم الأعظم من القوات الكازاخية يشكل جزءاً من التركيبة المعروفة باسم اندبات، والتي تجمع بين قوات البلدين وهي مستعدة للانتشار حيث تدعو الحاجة.وفي صورة اجمالية على أي حال، تحقق قدر من التعاون الوثيق الذي وصل الى حد التكامل بين البلدين، كما ثبت ذلك في تعاونهما في دولة ثالثة. ويقول متحدث باسم اليونيفيل إن الدولتين نفذتا عمليات مشتركة في شتى الميادين والمناطق، ومنها، على سبيل المثال، عملية تم تسجيلها على شريط فيديو في 23 يناير من عام 2019، وتظهر كيف أن قوات البلدين، على الرغم من انتشار الضباب والأمطار والثلوج استمرت في أعمال الدورية اليومية الراجلة والمحمولة في منطقة شبعا.ويشعر الجهاز العسكري الكازاخي بسرور مماثل أيضاً بسبب عمله مع نظرائه الهنود حتى الوقت الراهن، ومن دون أي عقبات أو خلافات.ويضيف المتحدث: «نحن ننسق ونعمل معاً في مهامنا، وقد تعلمنا اضافة الى ذلك نوعية جديدة من المقاييس من أصدقائنا الهنود خلال تنفيذ مهام حفظ السلام، كما أنني لمست درجة عالية من المهنية والصداقة لديهم، وذلك على الرغم من اختلاف اللغة والديانة والتقاليد إلى حد كبير. وفي وسعي القول اننا أصبحنا عائلة واحدة». وأشار في مناسبة اخرى الى أنه «بخلاف أنشطة العمليات والتدريب، نحن نتشاطر مطبخنا التقليدي وموسيقانا وألعابنا الرياضية مثل المصارعة».وتجدر الاشارة الى أن تلك التفاعلات الثقافية، التي تبدو غير ذات أهمية كبيرة، تساعد على خلق زمالة بين قوات اليونيفيل من الكثير من الدول.واللافت أن الضباط يتناوبون أدوار قيادة الدوريات، التي تتكون في العادة من 50 عنصراً من كل قوة، وتقول مصادر ميدانية إن التعاون المشترك يحقق الهدف المرجو ويضمن حالة الاستقرار وحفظ النظام في مستويات عالية. ويقول الرائد أمانغاليولي مؤكداً ذلك الواقع: «نحن مع أصدقائنا الهنود نعقد اجتماعات ومؤتمرات مع ممثلين من دول اخرى مختلفة في اليونيفيل، من أجل بحث واستعراض شتى جوانب مهام عملنا».وليس من قبيل الصدفة قيام تعاون بين الهند وكازاخستان نظراً لوجود تاريخ قوي من التعاون بينهما في علاقات الدفاع. وعلى سبيل المثال فقد نفذ البلدان تدريبات مشتركة تدعى برابال دوستكي في عام 2017، اضافة الى أن صحيفة تريبيون الهندية تحدثت في أواخر شهر يونيو عن قرار الحكومة الهندية حول بناء منشأة اضافية في مركز كازاخستان «كازاسنت»، الواقع في ألماتي. ولا يعرف الكثير عن ذلك المشروع ولكن الصحيفة تقول إن «وجود المركز في وزارة الدفاع الكازاخية يثبت الثقة في الهند».يذكر أن عدداً من جنود كازاخستان تدربوا في الهند وتخرجوا من الأكاديميات الحربية فيها، وخلال فترة تدريب ما قبل الانتشار قام البعض من الضباط القادة بزيارة إلى الهند استمرت نحو أسبوعين من أجل حضور تدريبات عسكرية مشتركة تدعى «كينبوت». وبعد ذلك، توجه فريق التدريب إلى كازاخستان لاطلاع عناصر الجيش على مستجدات المهام.حجم قوة اليونيفيل
تشارك في قوات اليونيفيل 45 دولة، وينطوي تعاون الكتيبة الهندية على أصداء ايجابية تتعلق بمبادرات الدفاع في المستقبل بين الهند وكازاخستان. وتعرب مصادر اليونيفيل عن الأمل في توسيع عملياتها في حفظ السلام في المستقبل، ويقول أحد عناصرها انه على استعداد للعمل خارج بلاده، من أجل ضمان السلام في العالم، «وأنا أفتخر بحصولي على فرصة من أجل المساهمة في خلق بيئة سلمية في لبنان».● وايلدر أليغاندرو سانشيز