يجيب الموسيقار هاني شنودة في كتاب "عراب الموسيقى... هاني شنودة" للكاتب مصطفى حمدي عن التساؤل المطروح بأن مشواره طويل إذ حسب بالسنين، فهو من مواليد 1943 ولكن مضى المشوار بالنسبة له ولم يشعر به مع مرور الأيام إلا عندما نظر في المرآة ورأى ما فعله به الزمن، فهو مصمم على الاستمرار في إسعاد الناس حتى نهاية حياته.
بداية فنية
يروى هاني شنودة بداية حياته في مدينة طنطا بدلتا مصر حيث نشأ في أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة، والده صيدلي ووالدته ربة منزل لكنها تجيد العزف على العود والبيانو، وتملك صوتاً جميلاً، لم يهوَ الموسيقى في البداية بقدر هوايته للرسم، لكن بداية اهتمامه بالموسيقى بدأت وهو في الصف الثاني الثانوي، وكان أصدقاؤه يحبون الموسيقى التي جمعتهم في البداية، من بينهم عاطف منتصر الذي أصبح فيما بعد صاحب شركة صوت الحب ومنتج ألبوماته وألبومات فنانين آخرين.وأسس هاني شنودة فرقته الأولى وهو في الثانوية وهي الفرقة التي تأثرت بالعازفين الجريك، إذ تابعهم بدقة ليتعلم منهم ما يفعلونه ويستفيد من الموسيقى الغربية التي يعزفونها، بينما شجعه والده بعد انتهاء دراسته الثانوية على الالتحاق بدراسة الموسيقى بسبب عشقه لها خصوصاً مع قناعة والده بأن الموهبة من دون دراسة لن تساعده ليلتحق بالمعهد العالي للتربية الموسيقية بالقاهرة، ليتنقل بين القاهرة وطنطا يومياً بناءً على رغبة أسرته، لكن حادثاً تعرض له جعله يستقر في القاهرة من السنة الدراسية الثانية.فرقة حديثة
بدأ هاني شنودة العزف في فرقة أجنبية كانت تعزف في فندق سميراميس ليقوم بعد سفر صاحبها بالتعرف على يحيى خليل الذي كان عائداً من أميركا وعرض عليه الانضمام إلى فرقة حديثة يعزف فيها مع عمر خورشيد والمطرب نزيه المصري، وينضم بعدها لفرقة "لي بيتي شاه" التي أسسها وجدي فرانسيس عام 1967 وضمت عمر خيرت، وعزت أبوعوف، وفريد رزق، وعمر خورشيد، وصادق قلليني وآخرين.عالم الهندسة
ويقول هاني شنودة عن هذه الفرقة: "وجدت معهم حرية التجريب والتجديد والتعبير عن الأفكار، وجدت معهم مساحات كبيرة من الحرية لتنفيذ أفكاري، فكنت أقوم بدور عالم الهندسة العكسية في الفرقة، إذ كنت آتي بالأغنية الغربية الأصلية وأقوم بتفكيك الموسيقى وأحدد مهمة كل آلة وأكتب نوتتها، وهي مهمة قد تكون شاقة بالنسبة للبعض لكنها لدارس الموسيقى أمير غير معقد".ويتذكر هاني شنودة مقابلة أجراها نجيب محفوظ بصفته صحافياً في جريدة الأهرام معهم في الفرقة التي ذاع صيتها لدرجة أن نجيب جاء إلى الإسكندرية من أجل مقابلتهم ومحاورتهم، لكنه فاجأه بجملة لم يستطع نسيانها وكانت نقداً لاذعاً فوجئ به يقول هم "انتو زوبعة في فنجان" ليرد عليه بعنف "وحضرتك جاي من القاهرة إلى الإسكندرية علشان تشوف زوبعة في فنجان" ليتواصل بينهم الحوار ويسأله لمَ لا تكون فرقة مصرية؟ وهو السؤال الذي ظل معه وجعله مستقبلاً يقوم بتأسيس فرقة المصريين.وحضر عبدالحليم حافظ حفلات الفرقة في فندق عمر الخيام، وأعجب بها، وحضر حفلاتها في الإسكندرية، وتعرف على هاني شنودة الذي ظل يتهرب منه ومن الجلوس معه باعتبار أن الموسيقى التي يقدمها تختلف عما تقدمه الفرقة، وظل هاني يتحجج ويهرب منه حتى قام العندليب الأسمر بالاتصال به ويخبره بشرائه لأورغ جديد "سوبر سترينجس" وهو الأورغ الذي أحدث ثورة في المزيكا، واشتراه حليم من الخارج، فذهب إليه على الفور بمنزله في الزمالك وطلب منه أن يقوم بتأسيس فرقة صغيرة على غرار "لي بيتي شاه" ليقوموا بالعزف معه، وهو المشروع الذي اقتصر على حفلة واحدة فقط بعدما داهم المرض العندليب الأسمر وتسبب في وفاته.فرقة المصريين
ويتذكر شنودة تأسيس فرقة المصريين خلال تسجيل البوم الفنان محمد منير "علموني عنيكي"، وبدأت الفرقة تسجيل البومها الأول "بحبك لا" والذي وضع فيه هاني بصمته الموسيقية، وتولي كتابة الكلمات فيه صلاح جاهين وعمر بطيشة، لتنطلق الفرقة بتقديم الاغنية الاجتماعية معبرة عن المجتمع المصري.ويروى شنودة كيف تغيرت بطلات الفرقة خلال سنوات قليلة والسبب واحد هو قرارهن الزواج والاعتزال بداية من إيمان يونس مروراً برندا وصولاً إلى منى عزيز، فيما يروى كواليس تسجيل أغنية "زحمة يا دنيا" لأحمد عدوية التي كان يرفضها المنتج، وقلق عدوية من تسجيلها في البداية لكنه عاد وتحمس لها بعدما علق معه اللحن المكتوب الذي وضعه هاني شنودة.بدايات
ويقول الموسيقار المصري أنه اتبع مع الفنان محمد منير منهج التحفيظ والتلقين في البداية، فكان منير يحفظ الكلمات والألحان ثم يأتي إليه ليسمع طريقة غنائه، ثم يضع اللزم والمقدمات الموسيقية للأغنية، فيما استعان بعازف دف نوبي واتفق مع عازف البيز جيتار والدرامز على صياغة إيقاع يمزج بين الآلات الثلاثة، ونجحت التجربة التي يمكن أن تسمى موسيقى الجاز المصرية الحديثة.أما اللقاء الأول بين شنودة وعمرو دياب فكان في بورسعيد عندما كانت تقدم فرقة المصريين إحدى حفلاتها ودخل إليه عمرو دياب طالباً منحه فرصة الاستماع لصوته، فأعجب به وأخبره أنه صوته جيد لكن لهجته البورسعيدية طغت على إحساسه، بالإضافة إلى حاجته إلى دراسة الموسيقى، ليفاجأ في اليوم التالي بوجود عمرو أمام باب الفندق حاملاً حقيبة سفره ويخبره فيها باستعداده للسفر إلى القاهرة وتقديم أوراقه في المعهد العالي للموسيقى، فضلاً عن وجود منتج صديقه سيقوم بإنتاج شريط غنائي له وطلب منه أن يتولى إدارة هذا المشروع.