تتجه الأنظار بعد غد إلى حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. ويخشى كثيرون أن تكون للحكم المرتقب، ولو كان شبه معروفٍ سلفاً، تداعياته على الواقع اللبنانيّ، غير المستعدّ اليوم لأيّ هزّات غير محسوبة سواء على الصعيد الوطنيّ ككلّ، أو على صعيد العلاقة بين «حزب الله» والعديد من المكوّنات اللبنانية، وعلى رأسها تيار «المستقبل»، الذي سيكون رئيسه، رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري موجوداً في لاهاي لحظة النطق بالحكم.
احتواء أمني
وكشفت مصادر سياسية متابعة لـ»الجريدة»، أمس، أن الحريري التقى أمس، قائد الجيش العماد جوزيف عون في حضور مدير المخابرات العميد طوني منصور، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مشيرة إلى أنه «تم التشاور في مرحلة نطق الحكم وما يليها وكيفية ضبط الوضع الأمني في البلاد والتحوّط لأي ردات فعل محتملة». وأضافت المصادر أن «زعيم المستقبل عقد اجتماعات مع كوادر تياره خلال الساعات القليلة الماضية وشدّد على ضرورة ضبط الشارع وعدم الانجرار إلى ردات فعل غير محسوبة قد تؤدي إلى توترات مذهبية في المناطق». ولفتت المصادر إلى أن «قرار منع التجول الذي سيصدر خلال ساعات من الحكومة في محاولة منها لاحتواء فيروس كورونا سيستغل لمنع التجمعات وقطع الطرقات يوم صدور الحكم».كيف ستتعاطى الحكومة؟
اعتبر مراقبون ان «السؤال الأساسي يبقى في كيفية تعاطي حكومة مواجهة التحديات أمام تحدّي قرار المحكمة الدولية وهي حكومة يصفها المجتمع الدولي بأنها حكومة حزب الله وتخضع لنفوذه». وتساءل المراقبون: «هل ستتعاون هذه الحكومة التي أغلقت بوجهها كل أبواب المجتمع الدولي بسبب عدم تجاوبها مع مطالبه بإجراء إصلاحات، مع حكم يراكم الضغوط على مكوّن سياسي وإن كانت المحكمة أعلنت في أكثر من مناسبة أن حكمها موجّه لأفراد وليس لحزب أو فئة لبنانية معيّنة؟» وقالت مصادر مقربة من تيار «المستقبل»، أمس، إن «موقف السلطة لن يكون إلى جانب الحكم الصادر بل سيساير حزب الله كما حصل في استحقاقات سابقة، وقد تكتفي السلطة بالإعلان أن الحكم ليس نهائياً وأنه حكم بدائي وعلينا أن ننتظر حكم الاستئناف».تعقيد المساعدات الفرنسية
وفي وقت يحاول لبنان معالجة أزمة اقتصادية طاحنة، من الممكن أن يعرض حكم الإدانة للخطر مساعيه التي تساندها فرنسا للفوز بدعم دولي. وقال نائب رئيس تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية نبيل بومنصف، إنه «سيتعين على فرنسا أن تأخذ موقفاً من حزب الله بعد صدور الحكم». وأشار إلى أن «لا الحريري ولا أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يرغبان في تصعيد التوتر»، متوقعاً أن «يدعو الحريري إلى تسليم المتهمين إذا ما أدينوا وهو ما سيضع حزب الله في موقف الدفاع على الصعيد السياسي رغم ما يملكه من قوة عسكرية». وختم: «إذا رفض الحزب تسليم المتهمين فقد تضع الحكومة التي ساعدت في تشكيلها في موقف صعب». أما المحلل السياسي سالم زهران المقرب من «حزب الله»، فاعتبر أن «من حق حزب الله أن يشكك في المحكمة التي قال إنها تحولت إلى تصفية حسابات سياسية بعيدة عن الحقيقة»، مضيفاً أن «أي حكم يصدر لن يكون له قيمة لدى الحزب».تسلم وتسليم
في موازاة ذلك، تسلّم وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة مهامه في الوزارة من سلفه ناصيف حتّي خلال مراسم تمت في مقر الخارجية أمس. واستعرض وهبة جدول أعماله في الوزارة، مشيراً إلى أنّ «الخارجية ستعمل على الورقة التي أقرها مجلس الوزراء بشأن عودة النازحين على أمل تحقيق العودة الآمنة للتخفيف من العبء عليهم، وسنلتزم رفض التوطين وتأمين العودة للفلسطينيين».كما شدد وهبة على تمسّكه «بتطبيق القرار 1701 وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية والتمسّك بالحدود البرية والبحرية، إضافة إلى العمل لاستعادة مزارع شبعا المحتلة والجزء اللبناني من الغجر». وأشار وهبة رداً على سؤال حول إمكانية زيارة سورية إلى أنّ «كل شيء بوقته». ويأتي هذا الرد بعد ساعات على تأكيده في حديث تلفزيوني على أنّ «نحن وسورية بلدان جاران، زيارتها يجب أن تكون مبنية على توافق مجلس الوزراء وعلينا التعاون بموضوع النازحين».اعتصام أمام «الطاقة»
في سياق منفصل، وفي إطار تحركاتهم أمام الوزارات، تجمّع عدد من الناشطين والمحتجين من «الحراك»، أمس، أمام وزارة الطاقة اعتراضاً على الأوضاع المتردية اقتصادياً ومالياً ومعيشياً واجتماعياً وتردي حال الكهرباء، وسط إجراءات أمنية مشددة. وحاول بعض المحتجين الدخول إلى الباحة الداخلية في وزارة الطاقة، وحصل إشكال وتدافع بينهم وبين القوى الأمنية التي عملت على منعهم من اقتحام الوزارة. واشتد الاشكال عندما حاولت القوى الأمنية توقيف المحامي الناشط واصف الحركة.