أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ما تريد الإدارة الأميركية فعله وما تخطط له لتحقيق أهدافها الطموحة بكلمات واضحة، فقال إن الولايات المتحدة تخلّت عن سياسة «التواصل» وبدأت تتبنّى اليوم استراتيجية لا تحظى بتأييد واسع في الأوساط السياسية الأميركية: تغيير النظام.رسمياً تتابع وزارة الخارجية الأميركية "التواصل" مع الصين بحسب قول بومبيو، لكنها "تفعل ذلك بكل بساطة لمطالبتها بالعدل والمعاملة بالمثل". لقد انتهى الزمن الذي يتواصل فيه الدبلوماسيون الأميركيون مع الصين لدعم الحزب الشيوعي، ففي الماضي أنقذ الرؤساء الأميركيون الشيوعية الصينية ثلاث مرات: نيكسون في عام 1972، وبوش في عام 1989، وكلينتون في عام 1999. الأهم من ذلك هو كلام بومبيو عن طرح شكل جديد من التواصل: "يجب أن نُشرِك الشعب الصيني ونقويه، فهو شعب حيوي يحب الحرية ويختلف بالكامل عن الحزب الشيوعي الصيني، وهذه العملية تبدأ بإطلاق دبلوماسية شخصية". يظن المحللون أن ذلك الخطاب البارز هو "دعوة إلى الحرب"، فمن المعروف أن القيادة الصينية التي تفتقر إلى الأمان لا تخشى شيئاً بقدر مخاطبة الولايات المتحدة للشعب الصيني مباشرةً، ولهذا السبب من المنطقي أن يعتبر حاكم الصين شي جين بينغ كلمات بومبيو أشبه بدعوة إلى الحرب. كذلك، يتكلم الكثيرون في الأسابيع الأخيرة عن إقدام الولايات المتحدة على إطلاق "حرب باردة جديدة"، لكنّ هذه الفكرة جزء من خطاب بكين ولا تعكس الواقع بدقة، فلا شيء "جديدا" في هذا الصراع المتعدد الأجيال والعابر للقارات. حتى هذه المرحلة، كانت الأوساط السياسية الأميركية تظن أنها تستطيع التعامل مع الصين عبر الدبلوماسية التقليدية، فاستعملت الولايات المتحدة فعلياً "استراتيجية دقيقة ومدروسة" طوال عقود، لكن لم تنجح هذه الطريقة في التعامل مع النظام المتشدد الذي يقوده شي جين بينغ. يبدو تشدد الصين مرعباً، حيث يتحرك اليوم عناصر جيشها، وحتى بعض قادة البلد المدنيين، وكأنهم متعطشون للدم، فعشية 15 يونيو مثلاً، قتل الجنود الصينيون 20 جندياً هندياً في جنوب "خط السيطرة الفعلية" في الأراضي التي تسيطر عليها الهند في شرق "لاداخ"، وفي حين تطبّق بكين "دبلوماسية الذئب المحارب" في أنحاء العالم، لا سيما على طول حدودها الجنوبية والشرقية، يستطيع الرد الصارم وحده تحقيق النجاح إذا كان النظام يعجز عن التصرف بمسؤولية أو حتى تطبيق الإصلاحات.
يشمل خطاب بومبيو الشامل مجموعة من المراجع التي تُغيّر معالم السياسة الخارجية الأميركية: خطابان لنائب الرئيس مايك بينس، أحدهما في أكتوبر 2018 والآخر بعد سنة، وخطاب لبومبيو في أكتوبر الماضي، وثلاثة خطابات في يونيو ويوليو الماضيين لمستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي، والمدعي العام ويليام بار، إذ يأتي تغيير المعايير المتعلقة بالصين اليوم في الوقت المناسب، فقد قال بومبيو يوم الخميس الماضي: "حان الوقت كي تتحرك الدول الحرّة"!يشبه خطاب بومبيو عبارة رونالد ريغان الشهيرة "أسقطوا هذا الجدار!" حين تطرّق إلى جدار برلين، وهو يوحي بأن كل شيء أصبح على المحك اليوم ولا يمكن تضييع الوقت بعد الآن.* غوردون تشانغ * «ناشيونال إنترست»
مقالات
بومبيو يعلن السياسة الأميركية الجديدة تجاه الصين
06-08-2020