انتخابات العراق بلا موعد فعلي... و«حزب تشرين» وحده قادر على قلب الموازين
تخشى كل الأطراف العراقية تجربة الاقتراع النيابي المقبل، لأنه سيجرى في لحظة فاصلة ومختلفة، وهو ما عبر عنه رجل الدين والسياسي البارز عمار الحكيم بأنه مزاج عراقي مختلف كلياً عن المعادلة، التي تلت سقوط صدام حسين عام 2003، داعياً الجميع إلى الاستعداد لنتائج مختلفة وموازين جديدة في البرلمان المقبل.ودعا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الأسبوع الماضي، إلى انتخابات مبكرة، إثر اتهامات وجهها له أنصار إيران بأنه ينوي التمسك بالسلطة ومخالفة مطلب الاحتجاجات الشعبية المنادية بانتخابات مبكرة.وفي الوقت نفسه، تريد الميليشيات موعداً مبكراً كي تستبق حملات حكومية لضبط السلاح قد تُفقد الفصائل الموالية لإيران نفوذها تدريجياً، كما تريد الميليشيات تقليص المهل لمنع حركة الاحتجاج الشعبي من أخذ الوقت اللازم لتنظيم صفوفها، استعداداً للاقتراع العام.
وتتناقل الأوساط السياسية اعتراضات حركة الاحتجاج على موعد الحكومة المقترح للانتخابات، وهو يونيو المقبل الحار بطقسه، ويزيد المحتجون أنهم لا يتخيلون سهولة تنظيم صفوفهم وإعلان قياداتهم، وسط حركة نشطة للفصائل التي تخطف وتقتل العناصر الليبرالية والمعارِضة لنفوذ إيران، خصوصاً بعد اغتيال الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي، الشهر الماضي.لكن الأوساط ذاتها تتناقل أن قيادات الاحتجاج الوطني تخوض حوارات داخلية مكثفة لبلورة قيادة للحراك، الذي يستعد لخوض الانتخابات، ويمكن لقيادة تنسيقيات الاحتجاج إذا أتقنت تحالفاتها أن تخلق كتلة نيابية جيدة، مع ضمان قانون تمثيل عادل ورقابة دولية تقلل فرص التلاعب والتزوير. وتحدث رئيس الجمهورية برهم صالح، في بيان، عن ضرورة الانتخابات المبكرة لأنها مطلب الاحتجاج الشعبي، الذي سيفرز برلماناً جديداً يمكن أن يدفع الإصلاحات، مشيراً إلى أنه على استعداد للموافقة على حل البرلمان إذا طلب منه رئيس الحكومة ذلك.وحسب دستور العراق، فإن رئيس الحكومة يمكنه أن يطلب حل البرلمان بموافقة رئيس الجمهورية، شرط أن يوافق أغلبية النواب على ذلك.لكن الأوساط السياسية تستبعد إمكانية أن يوافق البرلمان على حل نفسه، خشية الفراغ التشريعي في ظروف سياسية حساسة، ويفضلون أن يكون ذلك قبيل موعد الانتخابات فقط.ويقول المراقبون إن من الوارد جداً تعديل الموعد المقترح في يونيو المقبل وتمديده إلى خريف 2021، لكن ذلك سيمنح الكاظمي المزيد من الوقت لضبط فوضى السلاح، وملاحقة عناصر الاغتيالات الموالية لإيران، كما يمنح المحتجين وقتاً لتعويض خبرتهم الناقصة في التنظيم والاستعداد للاقتراع وجمع التمويل اللازم لحملاتهم وأخذ احتياطات لردات فعل الخصوم، ضمن الفصائل المسلحة التي ترى في الناشطين قوة علمانية ناشطة تريد عراقاً حليفاً للمحيط العربي والقوى الغربية.ومن شأن انتخابات عادلة تحت رقابة دولية أن تعيد صياغة الأوزان في برلمان العراق، وتقلّص تمثيل الميليشيات، وتدفع بجيل الشباب الجديد والتكنوقراط إلى الواجهة.وقاطع نحو 80 في المئة من الناخبين اقتراع 2018، لكن من المتوقع أن تشهد الانتخابات المقبلة مشاركة واسعة، إذا تأكد الناخبون من إمكانية تغيير الأوزان البرلمانية وتعزيز الإصلاحات الجذرية، بنحو يصل إلى تغيير عميق في النظام الحالي المتهم بالفساد والفشل في معالجة المشاكل الجوهرية في الاقتصاد والإدارة، استناداً إلى تغير لافت في مزاج الجمهور، كما يبدو في تحذيرات وتصريحات يطلقها قادة الأحزاب التقليدية.