شهدت المفاوضات الجارية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي حول سد النهضة الإثيوبي انتكاسة جديدة، إذ تقرر تعليق المباحثات بعد أن تقدمت إثيوبيا بورقة مفاجئة تتضمن رؤيتها لاتفاق غير ملزم حول قواعد تشغيل السد وطلبها إبرام اتفاق جزئي حول الملء الأولي لبحيرة السد الضخم وإرجاء حسم مصير التشغيل والتخزين إلى حين التوصل لاتفاق بشأن مياه النيل الأزرق، الرافد الرئيس للنهر، وهو ما رفضته مصر والسودان.وأعلنت مصر، مساء أمس الأول، تعليق مشاركتها بالمفاوضات، التي كان مفترضاً أن تستكمل اليوم، مؤكدة أن إثيوبيا لم تقدم أي قواعد لتشغيل السد.
وذكرت وزارة الري المصرية، في بيان، أن الاجتماع كان مخصصاً لمناقشة النقاط الخلافية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل السد على مستوى اللجان الفنية والقانونية، وفقاً لما تم التوافق عليه خلال اجتماع وزراء المياه من الدول الثلاث الذي عقد أمس الأول. وقالت إن «وزير المياه الإثيوبي وجه خطابا لنظيريه المصري والسوداني يطرح رؤية لا تتضمن أي قواعد للتشغيل، ولا أي عناصر تعكس الإلزامية القانونية للاتفاق، فضلاً عن غياب آلية قانونية لفض النزاعات».
مفاجأة إثيوبية
وأكدت وزارة الري المصرية أن الخطاب الإثيوبي جاء خلافاً لما تم التوافق عليه في اجتماع الاثنين الماضي بين وزراء المياه والذي خلص إلى ضرورة التركيز على حل النقاط الخلافية لعرضها في اجتماع لاحق لوزراء المياه الخميس المقبل، ثم طلبت كل من مصر والسودان تعليق الاجتماعات لإجراء مشاورات داخلية بشأن الطرح الإثيوبي الذى يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال قمة هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي فى 21 يوليو 2020، كذلك نتائج اجتماع وزراء المياه أمس 3 أغسطس الجاري.اتهام سوداني
في موازاة ذلك، رهن السودان استمرار مشاركته في المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي بعدم الربط ما بين التوصل لاتفاق بشأن الملء والتشغيل من جهة والتوصل لمعاهدة حول مياه النيل الأزرق من جهة أخرى.واتهم وزير الري السوداني ياسر عباس، إثيوبيا بخرق «اتفاق المبادئ» الموقع بينها وكل من مصر والسودان في 2015.وكشف الوزير السوداني، أن الخطاب الإثيوبي تضمن أن يكون الاتفاق على الملء الأولي فقط لسد النهضة، بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق.واعتبر وزير الري السوداني، في خطاب وجّهه إلى وزيرة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في جنوب إفريقيا، أن «ما جاء في الخطاب الإثيوبي يمثل تطوراً كبيراً، وتغييراً في الموقف الإثيوبي يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي»، معتبراً ذلك خروجاً على إعلان المبادئ.وشدد البروفيسور عباس على جدية المخاطر التي يمثلها السد الإثيوبي للسودان وشعبه، بما في ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية وعلى سلامة الملايين من السكان المقيمين على ضفاف النيل الأزرق، كذلك على سلامة سد الروصيرص، الأمر الذي يعزز ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل يغطي جانبي الملء والتشغيل، مؤكداً أن السودان لن يقبل برهن حياة 20 مليوناً من مواطنيه يعيشون على ضفاف النيل الأزرق بالتوصل لمعاهدة بشأن مياهه.وتشير مطالبة إثيوبيا بإبرام اتفاق حول تقاسم مياه النيل الأزرق إلى الخلاف المحتدم بينها وبين مصر والسودان بشأن حصة كل دولة من المياه إذ تتمسك القاهرة بالحصول على نحو 55 مليار متر مكعب، فيما ترى أديس أبابا أن الحصلة منحت من خلال اتفاقية أبرمت إبان الحقبة الاستعمارية وترى أن السد سيحول جريان المياه إلى بحيرة بدلاً من تدفقه عبر الحدود.مناسيب النيل
ولاحقاً، وجّه وزير الموارد المائية والري في مصر، د.محمد عبدالعاطي، بمتابعة الموقف المائي في البلاد، ومدى تأثرها بالإجراء الأحادي الذي اتخذته إثيوبيا بالتخزين الأولي لـ«النهضة». وترأس الوزير اجتماعاً للجنة الدائمة لإيراد النهر لمتابعة الموقف المائي في البلاد، واستعرضت اللجنة مناسيب محطات القياس الرئيسية على منابع النيل ومدى تأثرها بالإجراء الأحادي لإثيوبيا، وكذلك مناسيب وتصرفات السد العالي بما يساهم في توفير الاحتياجات المائية.ووجه عبدالعاطي بالمتابعة المستمرة لمناسيب أعالي النيل ومعدلات سقوط الأمطار مع استمرار عقد اللجنة بصفة مستمرة لمتابعة معدلات الأمطار والمناسيب على منابع نهر النيل كذلك حالة السدود المختلفة على طول النهر.وتابعت اللجنة موقف توفير الاحتياجات المائية لموسم أقصى الاحتياجات، وما يتطلبه ذلك من تنفيذ آليات إدارة وتوزيع المياه بحيث تفي بأغراض الاستخدامات المختلفة، بحسب المتحدث الرسمي للوزارة.ولفت إلى أنه تم استعراض موقف التنبؤ بموسم الفيضان، وأشارت البيانات إلى أن معدلات الأمطار في تزايد على منابع النيل وأنه من المبكر الحكم على فيضان هذا العام.الجدير بالذكر أن أديس أبابا أعلنت في الحادي والعشرين من يوليو الماضي انتهاء أولى مراحل ملء خزان السد بنحو خمسة مليارات متر مكعب في خطوة أحادية قوبلت برفض من القاهرة والخرطوم.