الانفجار المروع الذي وقع في ميناء بيروت يوم الثلاثاء ٤ أغسطس٢٠٢٠، والذي لم يشهده لبنان في تاريخه الطويل، هز العالم وليس لبنان فقط، وقد تابعنا هذا الحدث الجلل عبر أجهزة التلفاز وشاهدنا الدمار الكبير الذي حل بالمنطقة وما جاورها من مناطق بعيدة، وشاهدنا الهلع والخوف والاضطراب والارتباك عند الناس الذين يبحثون عن أقاربهم وأصدقائهم، خصوصا في مكان الحادث وفي المستشفيات التي لم تستوعب أعداد الضحايا والمصابين، وسمعنا وشاهدنا صراخ الناس وهم يهرولون إلى المستشفيات والشوارع المحيطة، كان المنظر مؤثرا، خصوصا منظر الجرحى في الشوارع وسيارات الإسعاف تسابق الزمن لنقل المصابين إلى المستشفيات التي لم تستوعب الجرح، كان هذا المنظر الحزين يشبه ما حصل في نيويورك في ١١ سبتمبر ٢٠٠١. كان أقارب الضحايا في المقابلات المتلفزة يصبون جام غضبهم على ما حدث، ويتهمون السلطات المختصة بالإهمال واللامبالاة، ولم تسلم الأحزاب السياسية من الهجوم، لاسيما زعماءها الذين أوصلوا لبنان الذي كان منارة ثقافية واقتصادية ووجهة سياحية في المنطقة إلى هذا الوضع المأساوي، وما وصلت اليه البلاد من فساد وتناحر بين الأحزاب السياسية، وكان لبنان هو الضحية. لقد هبت الكويت كعادتها عندما سمعت بما حل بلبنان من جراء هذا الحدث المروع لنصرة الأشقاء، وأعلنت تضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق لما حل به من كارثة كبيرة أودت بالكثير من القتلى والجرحى والمفقودين، فأرسلت المعونات إلى لبنان، فكانت الطائرة العسكرية الكويتية أول طائرة إغاثة تحط في مطار رفيق الحريري حاملة المساعدات الطبية والأدوية للأشقاء في لبنان. وأدعو العلي القدير أن يرحم موتاهم ويشفي جرحاهم ويحفظ لبنان وشعبه الشقيق ويعينه على تجاوز هذه المحنة.
وبما أن الكويت تشبه لبنان في كثير من الأمور كصغر المساحة وحرية الرأي وممارسة الديمقراطية وحرية الصحافة، فإننا نتخوف أن يحل بِنَا مثل ما حصل في لبنان الذي تتنازعه الخلافات الحزبية، وينتشر فيه الفساد مع التخبط في اتخاذ القرارات أحيانا، لذلك علينا أن نتعظ بما حصل في لبنان ونجنب بلدنا الغالي الكويت الكوارث والفتن والتناحر والنزاعات، وتفكك المجتمع بين أصحاب التيارات السياسية، وندعو العلي القدير أن يحفظ بلدنا، وأن نتكاتف جميعا ونحترم الدستور ونطبق القوانين على الجميع دون تفرقة وأن ننبذ الفاسدين والمفسدين.الدبلوماسيون مرة أخرى بعد مقالي السابق عن الدبلوماسيين الكويتيين، وما قاموا به من جهود إبان الغزو العراقي على بلدنا الحبيب، اتصل بي أخي العزيز السفير سليمان ماجد الشاهين، وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق الذي كان يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية إبان الغزو الغاشم، وكان مقرها المؤقت في سفارة الكويت في الرياض. كعادة بوعمار كان دائما يشيد بمقالاتي التي أعتبرها متواضعة، وقد أضاف إلى معلوماتي ما قام به الدبلوماسيون الكويتيون العاملون في وزارة الخارجية في مقرها المؤقت بالسفارة الكويتية بالرياض "كانت وزارة الخارجية تقوم بعمل دبلوماسي كبير بتواصلها الدائم مع بعثاتها الدبلوماسية بالخارج، وكان عدد البرقيات ورسائل التوجيه وإعطاء المعلومات بالآلاف، مما يدل على أن الدبلوماسيين الكويتيين كانوا يعملون في الصف الأول لمواجهة هذا العدوان، يفندون ادعاءات العراقيين، ويشرحون للعالم عدالة القضية الكويتية، وأن الكويت تستحق أن تحرر لأنها دولة معتدى عليها، وأن الكويت ذات سمعة طيبة في جميع المجالات الدبلوماسية والإنسانية وغيرها. ولمقياس نجاح الدلوماسية الكويتية فإن الإجماع الشامل الذي حظيت به قضية الكويت سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن الدولي يدل على الدعم القوي لعدالة القضية الكويتية، وصدور قرارات مجلس الأمن حتى تم التحرير بفضل الله ومساعدة الأشقاء والأصدقاء". أشكر الأخ سليمان الشاهين على مساهمته وملاحظاته وأضيف عليها بأن الدبلوماسيين الكويتيين يستحقون التكريم بعد التحرير لما قاموا به من عمل جبار، وليس من الضروري أن يكون التكريم ماديا بل التكريم المعنوي له مردود أكبر لأن دورهم في تلك الحقبة من تاريخ الكويت أكبر. أبطال الكويت أيام الغزو عندما غزا العراق الكويت في ليلة ظلماء تصدى له أبطال الكويت من رجال ونساء وبذلوا دماءهم رخيصة في سبيل الوطن الغالي، وعندما أراد النظام المحتل تشكيل حكومة صورية لم يجد أي كويتي شريف ينضم لها، للأسف البعض يشكك في وطنية بعض الرموز الكويتية التي رفضت المشاركة في تلك الحكومة الصورية، وكانت نتيجة الرفض الإعدام لبعض الرموز الوطنية الكويتية، وعلى سبيل المثال لا الحصر الشهيد فيصل الصانع ورفاقه رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.
مقالات
لبنان الجريح
09-08-2020