دستوريون يطالبون بلجنة عليا للانتخابات مع اقتراب «أمة 2020»
تزامناً مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الأمة المقبلة والمقررة في موعد أقصاه أوائل ديسمبر، تبدأ حرارة التحضيرات الانتخابية بالتزايد وسط الكثير من المآخذ على القانون الحالي والإجراءات التمهيدية للعملية الانتخابية، لا سيما ما يتعلق بقيود الناخبين. وفي محاولة لاحتواء المآخذ على القانون الراهن تتزايد المطالبة بلجنة عليا للانتخابات، من شأنها أن تتلافى ثغرات كثيرة بما يسهم في تحصين العملية الديمقراطية، وهو ما عبر عنه عدد من الخبراء الدستوريين لـ"الجريدة". إذ يرى د. محمد الفيلي أن الانتخابات تكون نزيهة بقدر ما يكون القانون جيداً وخالياً من المسائل الغائبة عنه، خصوصاً تمويل الحملة الانتخابية وغيرها من نواقص التشريع.وبالإضافة إلى موضوع التمويل، يدعو عميد كلية القانون الكويتية العالمية د. فيصل الكندري إلى تغليظ العقوبات الواردة في قانون الانتخاب، باعتبار أن الحالية لا تشكل أي رادع يمنع تزوير إرادة الناخبين، كما ينبغي تعديل مسألة استطلاعات الرأي أثناء فترة العملية الانتخابية.
في حين تقترب انتخابات مجلس الأمة المتوقع عقدها مطلع ديسمبر المقبل، أجمع عدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين على ضرورة تعديل قانون الانتخاب الحالي، الذي يعود إلى نحو 60 عاماً، ولا يتناسب مع الانتخابات، ويسمح بإدخال المال المجهول فيها لدعم مرشحين دون آخرين، فضلاً عن ضآلة العقوبات الموقعة على من يخالف المحظورات الواردة فيه. وقال الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي لـ "الجريدة"، إن قانون الانتخاب صدر تقريبا في وقت يتزامن مع صدور الدستور، وكان هذا مهم لتفعيل الدستور، لأن دخول الأخير حيز النفاذ كان مرتبطاً بإجراء أول انتخابات لمجلس الأمة، لافتا إلى أن قانون الانتخاب في الديمقراطيات النيابية مهم جدا للعملية الديمقراطية، كما أنه يمثل من الناحية الواقعية وسيلة الأمة لممارسة سيادتها، وهو أمر لا يتأتى، على الأقل، إلا في التشريع من خلال انتخابات نواب، والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية كما نظمها الدستور.
مسائل غائبة
وأضاف الفيلي أنه بقدر نجاح المشرع في وضع احكام على ترجمة التوجيه الدستوري كالانتخاب العام والسري والمباشر، وفي ترجمة التوجه الأوسع وهو أن الانتخابات تكون نزيهة بقدر نجاح المشرع في ترجمة ذلك، بقدر ما يكون تشريعه، وهو قانون الانتخاب، جيدا، وقانون الانتخاب منذ صدوره تم تعديله أكثر من مرة وبعض تعديلاته كانت وقتية، "ومع ذلك نلاحظ أن بعض المناطق فيه غائبة، وكذلك بعض المسائل غائبة أو ناقصة، وثمة مسألة غائبة تماماً وهي تنظيم تمويل الحملات الانتخابية، والانتخابات اليوم نعلم أن لها تكلفة". وتابع "نعلم تماما أن المال، وإن لم يكن هو العنصر الوحيد الذي يؤثر في النجاح، فإنه عنصر مهم جدا، ولذلك بعض الدول تدخلت لوضع تنظيم للتمويل بتحديد سقف للإنفاق الانتخابي أو بإيجاد آلية تلزم بشفافية أساليب التمويل او جمع الاثنين بوضع سقف للانفاق الانتخابي وشفافية التمويل، وهذا الموضوع غائب في قانون الانتخاب الكويتي، سواء في موضوع الشفافية، أو في سقف التمويل"، مشيرا إلى أن بعض الدول تربط سلامة العملية الانتخابية باحترام هذه التوجيهات، وهذا معناه أنه يمكن إعلان بطلان العملية الانتخابية إن كانت هناك مخالفات من هذا النوع.التأثير على الناخبين
وقال الفيلي: "نأتي الى ملاحظة ثانية، وهي أن المشرع الكويتي نظم عملية تجريم بعض انواع السلوك التي تؤثر على تداول المعلومات، او التي تؤثر على إرادة الناخبين، فجرم الرشوة الانتخابية وسماها شراء الاصوات، وجرم استخدام الوسائل الاجتماعية للضغط على إرادة الناخبين، والضغط على الوسائل النفسية فجرم الانتخابات الفرعية، وجرم استخدام مراكز النفوذ الأدبي في التأثير على إرادتهم فجرم استخدام دور العبادة، وكل هذا التجريم له غرض وهو حماية العملية الانتخابية من التأثير عليها، ومع ذلك فالمشرع لم يربط الإدانة بهذه الجرائم وسلامة العملية الانتخابية، لافتا إلى أن بعض الدول في مثل هذا السلوك ربطت مخالفة قواعد التمويل للعملية الانتخابية ببطلانها وعدم سلامتها، وموضوع أثر الجرائم، فالتوجه في بعض الدول يقول إنه إذا ساد العملية الانتخابية التأثير على ارادة الناخبين بشكل غير مشروع ومن الممكن ان يؤثر ذلك على سلامة العملية الانتخابية، والآن المشرع الكويتي وإن كان قد جرم تلك الافعال إلا انه لم يوجه للقاضي ذلك، بل ترك له ان يفعل ذلك أو لا يفعل وفق تقديره.تعدد القضاة
وذكر أن من المسائل الغائبة أيضا عدم تنظيم عملية الاعلام الانتخابي لقواعد النشر والبيانات والتوقعات، فلا يوجد فيها تنظيم تشريعي. نعم هناك محاولات من السلطة التنفيذية بإصدار لوائح، ولكن هذا التنظيم يثير اشكاليةـ وهي انه وفق الدستور فإن تنظيم العملية الانتخابية يكون بقانون وليس بلائحة، وإذا يمكن للمشرع العادي ان يضع أساسا لذلك تنطلق منه السلطة التنفيذية. وأضاف أنه "في إطار ما نستطيع أن نسميه نواقص التشريع او مناطق الفراغات هناك اشكالية تعدد قضاة العملية الانتخابية، وتعدد القوانين التي تنظم التقاضي في العملية الانتخابية او الطعون عليها. فهناك أولا قاضي الجدول الذي ينظر في سلامة ادارة مرحلة اعداد الجداول الانتخابية، وهذا قاض ينتدب من المحكمة الكلية والموضوع ينظم بدرجة واحدة ولا يوجد به استنئاف او تمييز، ونلاحظ ان عدم تعدد درجات التقاضي وفق المحكمة الدستورية ليس سببا للقول بعدم دستورية قانون، الا اذا كان هناك إخلال بمبادئ أخرى، ولكن مبدأ ضمان التقاضي لا يقتضي وفق أحكام الدستورية تعدد درجات التقاضي".وأشار إلى أن "هناك قاضيا معنيا بالرقابة على تسجيل الترشيح، ونلاحظ ان هذا الامر غير منظم تشريعيا، فلا يوجد قانون ينظم هذا الموضوع، واذا لجأنا الى القواعد العامة، ونعتبر تسجيل الترشيح قرارا اداريا، وبالتالي ننزل عليه الاحكام المعروفة في مخاصمة القرار الاداري، وهنا ننسى أمامنا خصوصية بأن موضوع تسجيل الترشيح وفق القانون مدته 10 ايام، واحيانا نجد أن هناك استئنافا مستعجلا وتمييزا مستعجلا بطريقة تجعل العملية تسير بشكل لاهث، ثم هناك قاض ينظر نتائج العملية الانتخابية، وهذا ينظمه حاليا قانون، ولكنه قانون المحكمة الدستورية لا قانون الانتخاب، إذاً نحتاج الى نظرة لربط المنازعات القضائية المتصلة بالعملية الانتخابية، لأنها حاليا مشتتة وفي بعض مراحلها غير منظمة".ولفت الفيلي إلى انه عندما وضع قانون الانتخاب كان النمط السائد ان السلطة التنفيذية تدير العملية الانتخابية، عبر مباشرة وزارة الداخلية، واليوم هناك توجه لدى العديد من الدول والدساتير لتعديل ذلك، لتكون إناطة العملية الانتخابية، على الاقل في مراحل الإعداد لها، لغير الحكومة، على أن يناط الأمر لجهة مستقلة أو جهة مستقلة داخل السلطة كأن تكون هيئة عامة. وأوضح أن "الدستور الكويتي لا يفسح مكانا لهيئة مستقلة تماما، ولكن يمكن تبني فكرة الاستقلال عن الحكومة بأن يظل الجهاز مرتبطا بالسلطة التنفيذية دون ان يكون مُدارا بشكل مباشر من الحكومة، وهنا نستخدم الامكانية الموجودة وفق نص المادة 133 من الدستور لإنشاء جهاز اداري به قدر عال من الاستقلال الوظيفي، وفي نفس الوقت يكون به الابتعاد عن الادارة المباشرة من وزارة الداخلية، وهذا امر يستحق التفكير فيه، وهذا خيار افضل للحكومة حتى تخرج من شبهة القول بانها تتدخل لطرف او ضد طرف، وهذا هو التوجه المنتشر بالعالم في الاعداد للانتخابات أو لادارتها". وبين الفيلي أنه "عند وضع قانون الانتخاب كان التوجه العام أن تكون الادارة من خلال السلطة التنفيذية مع وجود رقابة عليها بوسائل الرقابة القانونية، أما التوجه الحالي فيستحق ان يكون محل تفكير لتعديل تشريعي، ولنقل هناك مناطق غائبة، وهناك مسائل يمكن أن يعاد أسلوب التفكير في تنظيمها".تشديد العقوبات
من جانبه، قال عميد كلية القانون الكويتية العالمية وأستاذ قانون الجزاء د. فيصل الكندري لـ "الجريدة"، إن "العقوبات الواردة في قانون الانتخاب الكويتي هي عقوبات بسيطة وليست رادعة، قياسا بالعقوبات الواردة في قانون الجزاء، واقصى عقوبة تصل الى الحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، حتى وان كان هناك تزوير واختلاس لأوراق الانتخابات، او تزوير في ارادة الناخبين، وعليه يجب تشديد العقوبات الواردة في قانون انتخابات اعضاء مجلس الامة، خاصة أنه القانون الخاص، ولا يوجد نص يعيدنا الى القانون العام لتطبيق العقوبة الاشد". وأضاف الكندري أن التعديل الثاني الذي يلزم العمل عليه هو تنظيم التمويل المالي للمرشح في الانتخابات، والملاحظ ان هناك نفقات باهظة لمجموعة كبيرة من المرشحين أثناء الانتخابات لا تتناسب تماما مع وضعيتهم المالية، قياسا الى ما سيتم بعد ذلك الحصول عليه من المقعد النيابي، وهذا التمويل الانتخابي يجب أن يصدر به تعديل وقانون ينظمه، ومن يخالف نظام التمويل ونفقاته الانتخابية يجب ان تكون هناك عقوبات رادعة لمن تتجاوز نفقاتهم المقررة أو عندما تكون نفقاتهم من مصادر غير معلومة او مشروعة، "خاصة أننا اليوم امام مشكلة كبيرة وهي غسل الاموال، ولا يستبعد ان يستخدم في المستقبل عدد من المرشحين الكاش والمواد النقدية كغسل الاموال، وأن تعطى له الاموال أثناء فترة الانتخابات، ويقوم بصرفها على الحملة الانتخابية، ولذلك يلزم اليوم تمويل النفقات الانتخابية بشكل جيد". وأكد أنه يجب ان يتم تعديل مسألة استطلاعات الرأي أثناء فترة العملية الانتخابية، خاصة بعد زيادتها في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا بعدما أقدم العديد من الشركات على ممارسة نشاطات استطلاعات الرأي، وليس هناك تنظيم لهذه الاستطلاعات، والعينة التي تؤخذ، وماهية الاسئلة الموجهة، ومن يقوم بها، وما هي مصلحتهم من ذلك، لافتا إلى عدم وجود نظام متكامل خلال فترة الانتخابات، وتقرير العقوبات لمن يخالف. وأوضح الكندري أن القوانين المقارنة تقرر أن المخالفات التي تقع من المرشح خلال فترة الانتخابات تحرمه من الانتخاب والترشيح، وفي الفترة الاخيرة كان لدى اللجنة التشريعية اقتراح بأن من يدان في قضايا الانتخابات الفرعية يتم حرمانه من الترشح، وهذا تفرد لجريمة واحدة، ولكن يجب أن يشمل جميع الجرائم الواقعة خلال فترة الانتخابات والتي تؤدي الى حرمان المرشح متى ما أدين بها كما هو في القوانين المقارنة، "ولذلك أرى أنه من الضروري اتخاذ إجراءات التعديل نحو تلك المسائل في قانون الانتخاب الكويتي الذي يفتقد هذه الجوانب المهمة التي ستنعكس على سلامة العملية الانتخابية، وتظهر التعبير الصادق على إرادة الأمة".
في القانون الحالي مناطق غائبة ومسائل ينبغي إعادة التفكير في تنظيمها
المال يؤثر في نجاح المرشحين... والمطلوب تنظيم التمويل وتحديد سقف للإنفاق الانتخابي
المشرع لم يربط الإدانة بجرائم الرشوة الانتخابية و«الفرعيات» بسلامة الانتخابات الفيلي
إنشاؤها ضرورة... ويجب تنظيم تمويل الحملات الانتخابية الفيلي
رقابة الإنفاق الانتخابي حتى لا يدخل في غسل الأموال... وعقوبة مُزوِّر الانتخابات 3 سنوات فقط!
القوانين المقارنة تقرر أن المخالفات التي تقع من المرشح خلال فترة الانتخابات تحرمه من الانتخاب والترشيح
ضرورة تعديل مسألة استطلاعات الرأي أثناء فترة العملية الانتخابية
لا نستبعد استخدام عدد من المرشحين «الكاش النقدي» كغسل للأموال الكندري
المال يؤثر في نجاح المرشحين... والمطلوب تنظيم التمويل وتحديد سقف للإنفاق الانتخابي
المشرع لم يربط الإدانة بجرائم الرشوة الانتخابية و«الفرعيات» بسلامة الانتخابات الفيلي
إنشاؤها ضرورة... ويجب تنظيم تمويل الحملات الانتخابية الفيلي
رقابة الإنفاق الانتخابي حتى لا يدخل في غسل الأموال... وعقوبة مُزوِّر الانتخابات 3 سنوات فقط!
القوانين المقارنة تقرر أن المخالفات التي تقع من المرشح خلال فترة الانتخابات تحرمه من الانتخاب والترشيح
ضرورة تعديل مسألة استطلاعات الرأي أثناء فترة العملية الانتخابية
لا نستبعد استخدام عدد من المرشحين «الكاش النقدي» كغسل للأموال الكندري