في تظاهرات غاضبة، خرج اللبنانيون إلى الشارع أمس؛ للمطالبة برحيل الطبقة السياسية ومحاسبة جميع المسؤولين عن الانفجار الضخم الذي ضرب بيروت الثلاثاء الماضي وتسبب في مقتل أكثر من 150 شخصاً وإصابة ستة آلاف آخرين. وتحت شعار «علقوا المشانق» عبر المواطنون عن سخطهم ورفضهم لممارسات السياسيين في البلاد، لاسيما بعد ثبوت إهمالهم القاتل في كارثة المرفأ، مطالبين باستقالة رؤساء الجمهورية ميشال عون والحكومة حسان دياب ومجلس النواب نبيه بري، معتبرين أن الجميع مسؤول عن تدمير العاصمة اللبنانية وتشريد مئات الآلاف.
وبينما كان المتظاهرون يحاولون اقتحام مجلس النواب في ساحة النجمة وسط بيروت، نجح آخرون في اقتحام مقر وزارة الخارجية بشارع سرسق في الأشرفية، ورفعوا لافتة كبيرة على أحد الجدران كُتب عليها: «بيروت مدينة منزوعة السلاح»، وأخرى «بيروت عاصمة الثورة».وسيطر المتظاهرون على الوزارة لبعض الوقت، وتلا أحدهم وهو عميد متقاعد ما أسماه "البيان رقم 1 للثورة" .وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين حاولوا عبور الحواجز الأسمنتية للوصول إلى مبنى البرلمان وسط بيروت، مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى بينهم.
وعلى وقع الشارع، توالت الهزات على المشهد السياسي الداخلي، مع إعلان حزب «الكتائب اللبنانية»، أمس، استقالة نوابه (3) من البرلمان اعتراضاً على مجمل أداء الدولة فيما يخص انفجار الثلاثاء الماضي. وبذلك يصبح عدد النواب المستقيلين من المجلس خلال الأيام الماضية 5 نواب (3 كتائب، وبولا يعقوبيان ومروان حمادة). من ناحيته، رهن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، استقالة كتلته النيابية بقرار مشترك بينه وبين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، موضحاً أنه لا يمكن ترك المجلس النيابي للسلطة في حال عدم وجود عدد كافٍ من الكتل مستعد للاستقالة بطريقة تنزع الشرعية التمثيلية عن البرلمان.وأتت تظاهرات أمس عشية مؤتمر دعم دولي للبنان اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لبيروت الخميس الماضي، وتنظمه بلاده بالتعاون مع الأمم المتحدة بعد ظهر اليوم بمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خصوصاً. ورغم احتفال بعض أوساط «حزب الله» والعهد بفك الحصار الدولي المفروض على «حكم اللون الواحد»، كشفت مصادر متابعة أن «المجتمعين الأحد مصرون على الفصل بين الدعم المالي للدولة والمساعدات الإغاثية»، مشيرة إلى أن «الدعم لا علاقة له بالتعافي الاقتصادي والمالي للبنان، الذي يتطلب تطبيق الإصلاحات المرتقبة من الشعب اللبناني والمجتمع الدولي». وشهد لبنان أمس مجيء وفود عربية وأوروبية أبدت استعدادها لمساعدته في محنته، لكنها شددت على أولوية الإصلاح. وزار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بيروت، وأكد أن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب لبنان»، داعياً إلى «الشفافية وتطبيق الإصلاحات». بدوره، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، بعد وصوله إلى بيروت أمس، «التضامن العربي مع شعب لبنان والمساندة المطلقة من الجامعة العربية واستعدادها للمساعدة والدعم بما هو متاح لديها». من جهة أخرى، لا تزال الدعوات تتوالى لإجراء تحقيق دولي أو على الأقل إشراك خبراء دوليين في التحقيق بما جرى في المرفأ، مع تزايد المؤشرات والمعلومات المسربة حول إمكانية أن يكون ما حدث داخلاً في إطار الصراع بين إيران و«حزب الله» من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. ودعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى تحقيق شفاف، مشدداً على حق اللبنانيين في معرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة.