أصيبت الحكومة اللبنانية بانتكاسة كبيرة، أمس، بعد استقالة وزيرة الإعلام منال عبدالصمد وتوجه عدد من الوزراء فيها إلى تقديم استقالاتهم بعدما أصبحوا على قناعة بأن الحكومة لا يمكن لها أن تستمر وسط تطويق الشارع لها وتخاذلها في كشف ملابسات تفجير المرفأ الكارثي يوم الثلاثاء الماضي. وكشفت مصادر متابعة لـ "الجريدة"، أمس، ان "وزراء كثيرين كانوا يتحضرون لتقديم استقالاتهم، على رأسهم وزير الاقتصاد راوول نعمة، ووزير التربية طارق المجذوب، ووزير البيئة ديمانوس قطار، وهذا يفتح الباب لإمكانية تقدم رئيس الحكومة حسان دياب باستقالة الحكومة اليوم".
وأضافت أن "دياب جهد لإقناع الوزراء بتأجيل استقالاتهم، وعقد اجتماعاً وزارياً لبحثها، أو لبحث الاستقالات الجماعية وهو أراد التقاط فرصة جديدة، وتأجيل الاستقالة إلى ما بعد جلسة الحكومة اليوم". وتابعت: "الرئيس دياب يفكّر إذا ما كان سيستمر، ويتم تعيين بدلاً عن المستقيلين، أم يأخذ الاستقالة بصدره، فلا يرى وزراءه يتساقطون الواحد تلو الآخر، ويستقيل هو فتستقيل الحكومة كلها". ولفتت إلى أن "دياب نجح في "إقناع نعمة وقطار بالتريّث في قرارهما الاستقالة لغاية اليوم". وأتت "موجة" الاستقالات مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، جلسات مفتوحة للمجلس النيابي قبل ظهر يوم الخميس المقبل لمناقشة الحكومة على "الجريمة المتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب وتجاهلها"، وهو ما فسر ان هناك قراراً بإسقاطها في المجلس النيابي عبر طرح الثقة بها". وتساءلت المصادر: "هل يستبق دياب بهدلة النواب ويقدم على الاستقالة أم يتمسك بكرسي الرئاسة الثالثة؟". وأتت التطورات الحكومية بعد إعلان النائب نعمة أفرام صباح أمس، استقالته من البرلمان اللبناني، وهو سادس نائب يعلن استقالته منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت.وبعد اجتماع مطول للحكومة صرح وزراء بأنه لم يُتخذ أي قرار بالاستقالة.
الراعي: لاستقالة الحكومة
ودخل البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، على خط الأزمة الحكومية قائلاً، إنه "لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب، تحسساً مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها إذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلاً من مجلس بات عاطلاً عن عمله". واعتبر الراعي "فاجعة المرفأ جريمة موصوفة ضد الإنسانية. ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دولي لكشف حقائقها كاملة وإعلانها، مع وجوب محاسبة كل مسؤول عن هذه المجزرة والنكبة مهما علا شأنه". ولاقى الراعي رئيس حزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد حنبلاط الذي طالب، أمس، "باستقالة الحكومة والذهاب باتجاه حكومة حيادية وإنشاء لجنة تحقيق دولية واعتماد انتخابات جديدة على قاعدة قانون انتخابي جديد يخرج من القيد الطائفي أو المذهبي". وكان رئيس الجمهورية ميشال عون أعاد التأكيد في بيان، أمس أن "المطالبة بالتحقيق الدولي في قضية المرفأ الهدف منه تضييع الحقيقة"، مشدداً على أنه "لا يعود للحكم أي معنى إذا طال صدوره والقضاء يجب أن يكون سريعاً لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة، بل يجب أن تكون فورية ومن دون تسرع ليتم التأكد من هو مجرم ومن هو بريء".مؤتمر المانحين
في موازاة ذلك، عقدت، أمس، أعمال مؤتمر المانحين المخصص لدعم لبنان(إلكترونياً)، عقب الانفجار المدمّر الذي هزّ مرفأ بيروت. وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في افتتاح المؤتمر أنه "علينا حشد كل القدرات الممكنة لمساعدة الشعب اللبناني"، لافتاً إلى أن "من المهم أن تصل المساعدات إلى مؤسسات المجتمع المدني بأقرب وقت ممكن". وأضاف: "على السلطات اللبنانية الاستجابة لمطالب الشعب الذي يعبّر عن مطالبه بطريقة مشروعة في الشوارع"، مشيراً إلى أن "الأمم المتحدة يجب أن تعمل على مراقبة وتنسيق المساعدات المقدمة للبنان". وتابع: "الفوضى تحركها أطراف تريد زعزعة الاستقرار في لبنان والمنطقة، وفتح تحقيق شامل في تفجير بيروت هو مطلب للشعب اللبناني"، مشدداً على أن "الفوضى في لبنان ستؤثر على المنطقة". ولفت الى أن "المساعدات ستصل إلى الشعب اللبناني بمشاركة صندوق النقد الدولي ومؤسسات أخرى". ودعا الرئيس الفرنسي السلطات في لبنان إلى القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يطالب بهاالشعب"، محذراً من أن "تسود البلد الفوضى والعنف". وأتى تحذير الرئيس الفرنسي بعدما شهدت مدينة بيروت مظاهرات حاشدة، أمس الأول، شارك فيها الآلاف اقتحموا مرافق عدة أبرزها وزارة الخارجية، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت.عون
وقال رئيس الجمهورية ميشال عون خلال المؤتمر، إن "إعادة بناء ما دُمّر واستعادة بيروت بريقها تتطلبان الكثير، فالاحتياجات كبيرة جداً وعلينا الإسراع في تلبيتها خصوصاً قبل حلول الشتاء حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى". وأضاف: "بما يتعلّق بصندوق التبرعات المنوي إنشاؤه فأشدد على أن تكون إدارته منبثقة عن المؤتمر". وتابع: "عدد من المسؤولين وفرق الإغاثة الدولية الذين سارعوا بالمجيء إلى لبنان عاينوا حسيّاً حجم المأساة التي طالت كل القطاعات لا سيّما تلك التي تشملها الأولويات الأربع الواردة في كتاب الدعوة لمؤتمركم، الصحة، والتربية، وإعادة الإعمار، وتأمين الغذاء".الكويت
وترأس الشيخ صباح الخالد رئيس مجلس الوزراء وفد دولة الكويت في المؤتمر بمشاركة وزير الخارجية أحمد الناصر. وقال الخالد في كلمته: "لقد بادرت دولة الكويت انطلاقاً من وقوفها وتضامنها مع لبنان الشقيق وبتوجيهات سامية من سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله - بتقديم المساعدات الإغاثية للبنان الشقيق منذ وقوع الانفجار عبر جسر جوي، ويسرني أن أعلن استعداد دولة الكويت لتقديم الدعم في مواجهة هذه الكارثة بالتزامات مسبقة على الصندوق الكويتي للتنمية يعاد تخصيصها لمصلحة لبنان بما يقارب 30 مليون دولار سيتم التنسيق بشأنها مع السلطات اللبنانية لدعم الأمن الغذائي إضافة إلى مساعدات طبية وغذائية عاجلة تصل إلى 11 مليون دولار إضافة إلى تبرعات الجمعيات الخيرية الكويتية". وفي ختام الاجتماع الدولي غرد ماكرون باللغة العربية كاتباً: "الآن يتحدد مستقبل لبنان". وكانت تقارير أفادت بأن ماكرون طالب بحكومة وحدة وطنية بدلا من حكومة دياب ذات "اللون الواحد".جاء ذلك، بينما تجددت المواجهات في الشارع لليوم الثاني على التوالي، خصوصا أمام مجلس النواب.