توتر تركي - يوناني في «المتوسط» ومبادرة أميركية لليبيا
أثينا تعلن التعبئة العامة لقواتها
عقد رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح مشاورات مع السفير الأميركي في القاهرة جوناثان كوهين تناولت جهود واشنطن الهادفة إلى تحييد مدينتي سرت والجفرة واستئناف مسار الحل السلمي للنزاع الليبي، في حين أطلقت أنقرة مناورات بحرية وتحركات لاستكشاف النفط والغاز بالبحر المتوسط ورفع الجيش اليوناني حالة تأهبه للدرجة القصوى.
كثفت الولايات المتحدة الأميركية جهودها الدبلوماسية لإقناع طرفي الصراع الليبي بقبول خطة لفرض منطقة منزوعة السلاح في سرت والجفرة، وفتح قطاع النفط المغلق منذ مطلع العام الحالي، في حين استأنف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في القاهرة، سلسلة لقاءات دولية وإقليمية في إطار المساعي الرامية لحلحلة الأزمة أمس، بعقد اجتماع مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلند.وصرح المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان، فتحي المريمي، بأن صالح ناقش مع السفير الأميركي، «نزع المظاهر المسلحة من سرت والجفرة، ومبادرات حل الأزمة الليبية، مع التأكيد على التوزيع العادل للثروة فيما يخص حقول النفط»، مضيفاً أن كوهين شدد على «ضرورة الحل السلمي في ليبيا».وأضاف، إن الاجتماع بين صالح ونورلاند، ناقش الخطوات الفعلية المتخذة للمضي قدماً في العمل بمبادرة صالح التي توجت بإعلان القاهرة وفقا لمخرجات مؤتمر برلين.
وأكد أنه تم الاتفاق على استمرار وقف إطلاق النار، والإبقاء على مدينتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح، لحين استئناف الحوار السياسي والعودة إلى طاولة الحوار. ولاحقاً عقد صالح الذي يحظى بتأييد قوات «الجيش الوطني» بزعامة خليفة حفتر مباحثات مع وفود غربية بالإضافة إلى القيادات المصرية.ويأتي ذلك فيما بدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترجمة اقتراحها بإيجاد حل عن طريق ايجاد منطقة منزوعة السلاح في سرت والجفرة، لتفادي اندلاع معركة، بين قوات حفتر، المسيطرة على المدينتين التي عدتهما القاهرة خطاً أحمر، وحكومة «الوفاق» بزعامة فايز السراج المدعومة خصوصاً من تركيا.وأجرى مدير مجلس الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميغيل كوريا، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، اتصالات للدفع باتجاه اتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة لتنفيذ المقترح الأميركي الذي يهدف إلى تحييد سرت والجفرة وقطع الطريق أمام المزيد من التدخلات الدولية العسكرية وخصوصاً الروسية.ولم يتم الاتفاق بعد حول من سيشرف على الجانب الأمني في المنطقة منزوعة السلاح، هل هي قوات أممية أو أوروبية أو الشرطة التابعة لحكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً.ووسط أنباء عن مشاورات دولية وإقليمية لتعديل اتفاق الصخيرات الذي انبثقت عنه حكومة «الوفاق»، نظم «الجيش الوطني الليبي»، احتفالية بالذكرى الـ 80 لتأسيسه، في القاهرة أمس الأول، وحضر الاحتفال المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، وعدد من شيوخ القبائل الليبية، وممثل عن وزارة الدفاع المصرية وبعض أعضاء البرلمان المصري.
عقوبات أوروبية
في غضون ذلك، تعتزم كل من ألمانيا و فرنسا وإيطاليا الدفع نحو فرض عقوبات أوروبية على منتهكي حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.وذكرت مصادر في الاتحاد، أن الدول الثلاث أعدت قائمة بالشركات والأفراد الذين يسخرون السفن والطائرات أو غيرها من الخدمات اللوجستية لنقل الأسلحة.وتشمل القائمة ثلاث شركات من تركيا وكازاخستان والأردن إلى جانب شخصين ليبيين.وكانت فرنسا اتهمت تركيا مراراً بانتهاك حظر توريد الأسلحة التي أطلق الاتحاد الأوروبي «عملية إيريني» لمراقبته، فيما ردت أنقرة باتهام باريس بغض الطرف عن دعم روسي وعربي عسكري لقوات حفتر.توتر المتوسط
وفي جانب آخر لارتدادات الصراع الليبي على التوتر الجيوسياسي بشرق البحر المتوسط، أصدرت البحرية التركية إخطاراً ملاحياً قالت فيه، إن السفينة التركية «إروج ريس»، وسفينتين مساعدتين، ستجري عمليات مسح زلزالي، في شرق البحر المتوسط، في خطوة من المرجح أن تجدد التوتر مع اليونان وهي عضو مثلها في حلف شمال الأطلسي «الناتو».وأفادت أنقرة، التي أبرمت اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع «الوفاق» الليبية في وقت سابق، بأن السفينة التي ستمهد لعمليات تنقيب عن الهيدروكربونات ستجري عمليات المسح خلال الأسبوعين المقبلين.وتزامن الإعلان مع بدء البحرية التركية مناورات عسكرية في شرق البحر المتوسط، أمس، إذ ترتفع حدة التوتر مع اليونان التي أبرمت اتفاقية مع القاهرة لترسيم الحدود البحرية الخميس الماضي. وتسبب إخطار مماثل يوليو الماضي في إثارة خلاف بين أنقرة وأثينا تم نزع فتيله بعد تدخل المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل.لكن الرئيس التركي طيب إردوغان اعتبر أن اليونان لم تف بوعودها بعد إبرامها لاتفاق ترسيم الحدود مع مصر بشأن المناطق الاقتصادية الخالصة.تأهب وقلق
في المقابل، عقد رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي التابع للحكومة بعد إعلان تركيا بشأن الاستكشاف في المنطقة بين قبرص واليونان.ودعت وزارة الخارجية اليونانية أنقرة إلى «التوقف عن الأعمال غير القانونية التي تقوض السلم والأمن في المنطقة»، مشيرة إلى أن أثينا لن تقبل «أي ابتزاز تركي وستدافع عن سيادتها».وذكرت تقارير أن الجيش اليوناني رفع حالة التأهب في قواته إلى أرفع مستوى، بالتزامن مع التدريبات العسكرية التركية بين جزيرتي رودس وكاستيلوريزو شرق المتوسط.وأكد موقع «أرمي فويس» أن قيادة الجيش اليوناني ألغت إجازات العسكريين في جميع الوحدات تقريباً واستدعت الضباط المجازين إلى أماكن الخدمة.وأشار الموقع إلى أن التعبئة جارية بوتيرة سريعة، لاسيما في مناطق حساسة بينها مقاطعة إفروس اليونانية القريبة من الحدود البرية مع تركيا.وتعتبر هذه المرة الثانية خلال أسابيع التي يعلن فيها الجيش اليوناني التعبئة العامة في قواته.وفي وقت سابق، اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن تحركات البحرية التركية في المتوسط بعد توقيع الاتفاق البحري بين مصر واليونان «تبعث على القلق الشديد».واعتبر بوريل أن «التعبئة البحرية ستؤدي إلى زيادة الخلاف وانعدام الثقة». وشدد المسؤول الأوروبي على أن «الحدود البحرية يجب أن ترسم عبر الحوار والمفاوضات والقانون الدولي، وليس عبر التحركات الأحادية وتعبئة القوات».وخلص إلى أن «المسار الحالي لن يخدم مصالح الاتحاد الأوروبي أو تركيا. علينا العمل معاً من أجل أمن المتوسط».في السياق، اتهمت نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، الدول الغربية بمحاولة الاستيلاء على موارد النفط في ليبيا وفنزويلا، المعروفتين بامتلاكهما احتياطيات كبيرة من الذهب الأسود.
تنسيق أوروبي لفرض عقوبات على شركات تركية وأردنية لانتهاك حظر سلاح ليبيا