الإصلاح عمل وسياسات لا أقوال وتطمينات
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
وقد سجلت الكويت منذ ذلك التاريخ، أقصد 1976، وما زالت حتى اليوم، أسوأ الأزمات الاقتصادية والسياسية، وتفشت فيها مظاهر الفساد المالي، وأُهدرت فيها النظم، وتدهور العمل المؤسسي للدولة بمرافقها وأجهزتها، وتضخم الجهاز الإداري وترهل، وتزايد دور الأجانب في الإدارة الحكومية بشكل مخيف، وظهرت المحسوبية والواسطة، مع غياب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتزايدت السرقات والنهب للمال العام بمناقصات موجهة وفاسدة، أو بعمولات مخزية أو قذرة، وطفت على السطح طبقة سياسية طفيلية التوجه والممارسة على كل المستويات، ونجحت بابتلاع ثروات البلاد ونهبها، فالوفورات المالية بددت أو سرقت، ودخلت الدولة في عجز موازنة الدولة لسوء الإدارة الحكومية وتفريطها بمسؤولياتها، وراجت فكرة نائب الخدمات والمال السياسي الفاسد، الذي شكل حلقة للنزيف السياسي والمالي والاجتماعي والتنموي للدولة، فلا غرو أن تحصد الكويت نتيجة لكل ذلك تقهقراً سياسياً وديمقراطياً، وهدراً مالياً، وتآكلاً للبناء المؤسسي، وتدهوراً للبنى التحتية، وأصبحنا في ذيل قائمة الدول في كل المستويات، وفِي المؤشرات الدولية والآثار السلبية المباشرة وطنياً.ومنذ عام 1976 والكويت تعيش جملة من الاختلالات الاقتصادية والسياسية والسكانية والإسكانية والتعليمية والصحية والثقافية والديمقراطية، فتراجع كل شيء، ووُئدت الحريات وأُفرغت السلطات من مقوماتها وتعطلت منظوماتها، وتآكلت مؤسّسيتُها حتى بلغت الكويت حالة أسوأ من حقبة ما قبل الاستقلال، وكل تلك الاختلالات في تفاقم مستمر.ومنذ عام 1976 والحكومات المتعاقبة تطلق الوعود وترفع الشعارات، وتتحفنا بالخطابات وتكرر التطمينات، لكنه كلام للاستهلاك السياسي وللتخدير الاجتماعي، ولذا فقد شُيّد وطن من السراب، رغم امتلاك مقومات البناء القويم للدولة وتحقيق تنمية حقيقية، وقد بات اليوم تبديد سحب الوعود بالتحول للإنجاز الحقيقي خياراً ملحاً، وهو لن يتحقق إلا بالقضاء على كل مظاهر الفساد السياسي والمالي والاجتماعي، الذي أدى لتآكل الدولة، وهو يستلزم عملاً وسياسات، ولا مجال لبيع الناس وعوداً وتطمينات، وكلما أتانا مسؤولون أو أعضاء مجلس للأمة كان أغلبيتهم هم مصدر الفساد وهدم الدولة، وعلى الناس أن تقسو ولا تتسامح مع الطبقة السياسية بعد اليوم، فالكويت لن تحتمل مزيداً من التردي، وإلا فسيكون مآلها الضياع، والعياذ بالله.