في تهديد ضمني للولايات المتحدة والدول الأوروبية والخليجية، حذّر الرئيس الإيراني حسن روحاني من تمديد مجلس الأمن الدولي حظر السلاح المفروض على بلاده، والذي ينتهي أكتوبر المقبل، مُحمّلا "الساعين والمؤيدين" للخطوة التي تقودها واشنطن مسؤولية التداعيات التي ستترتب عليها.وقال روحاني، في تصريحه خلال اجتماع الحكومة في طهران، أمس: "يحدونا الأمل بفشل أميركا، لكن في الوقت ذاته موقفنا واضح لو تمت المصادقة على القرار في الأمم المتحدة ضد جزء من القرار 2231، فمعنى ذلك حصول انتهاك صارخ للاتفاق النووي، وحينها ستكون تداعياته ملقاة على عاتق المتبنين والساعين له".
واستغرب الرئيس الإيراني تصريح نظيره الأميركي دونالد ترامب، الذي أكد الأحد الماضي أنه سيتوصل إلى اتفاق مع الجمهورية الإسلامية في غضون 4 أسابيع، إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلاً: "إذا كنتم تريدون حقا الاتفاق مع الشعب الإيراني وحل المشاكل، فلماذا لا تفعلون ذلك اليوم؟ لماذا تعادوننا اليوم؟ لماذا تؤجلون الاتفاق إلى اليوم التالي للانتخابات؟ هذا يظهر أنكم لستم صادقين".ورأى أن طرح الولايات المتحدة لمسودة قرار جديد أمس الأول بهدف تمديد حظر السلاح على بلاده، دليل على عدم صدق نواياه ترامب بشأن عقد اتفاق، مشددا على أن واشنطن فشلت في "محاولاتها الرامية إلى إثارة الشقاق في صفوف الشعب الإيراني وبين السلطات الثلاث" عبر الضغوط والعقوبات الاقتصادية.من جانب آخر، سعى روحاني إلى طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي بشأن تسلح بلاده بعد أن دعت الأمانة العامة للمجلس العربي مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة مد حظر السلاح الإيراني. وقال الرئيس إن "إيران كانت دوما داعمة لدول الخليج، وإنها لو منحت الضوء الأخضر لصدام حسين إبان الحرب لاحتل السعودية والإمارات وقطر وابتلع كل دول الخليج". وزعم أن "إيران دانت هجوم صدام على الكويت قبل إدانة مجلس التعاون، وساعدنا الشعب الكويتي. نحن نقف إلى جانب دول المنطقة وندعم السلام الإقليمي".
رفض ظريف
في موازاة ذلك، جدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، رفض بلاده إجراء أي تغيير في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الدولية، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في مايو 2018.وقال ظريف، عقب اجتماع الحكومة: "إيران لن تقبل أي تغيير في الاتفاق النووي"، مستبعداً إمكانية التوصل لاتفاق جديد مع واشنطن.وأضاف: "الشخص الذي لم ينتهز فرصة ثلاثة أعوام ونصف العام، للتوصل إلى اتفاق مع إيران، لا يمكنه العمل في غضون أسابيع قليلة"، في إشارة إلى تصريحات ترامب.وفي وقت سابق، استبعد المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، التوصل لاتفاق مع ترامب "حتى لو فاز بفترة رئاسية ثانية، مادام يواصل سياسة الضغط القصوى".وجاء ذلك بعد نفي وزارة الخارجية الإيرانية لتقرير عن وساطة ألمانية- بريطانية لإلغاء بعض العقوبات عن طهران مقابل اطلاق مباحثات مع ترامب بغضون أيام من أجل التوصل لاتفاق.نسخة مبسطة
وجاءت المواقف الإيرانية بعد ساعات من سعي الولايات المتحدة، لحمل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تمديد حظر الأسلحة المفروض على طهران بنسخة مبسطة من مشروع قرار وصف، في وقت سابق، بأنه مشدد، ويهدد، في حال تمريره، بتدمير الاتفاق النووي التي ترغب الدول الأوروبية في الإبقاء عليه.وحسب وكالة "رويترز" قد تمنح خطوة واشنطن المزيد من الدعم في المجلس المكون من 15 عضوا، لكن من غير المرجح أن تتغلب على معارضة روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو).وتتكون المسودة الجديدة، من أربع فقرات فقط، وستمدد حظر الأسلحة على إيران "إلى أن يقرر مجلس الأمن غير ذلك"، مؤكدة أنه "ضروري لحفظ السلم والأمن الدوليين".وينتهي الحظر المفروض منذ 13 عاما في أكتوبر، وفق الاتفاق نووي الموقع بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، والذي يمنع طهران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات.وكان دبلوماسيون ومحللون وصفوا المسودة الأميركية السابقة لمشروع القرار بأنها مشددة، وكانت تشمل أكثر من عشر صفحات، وتلزم الدول بتفتيش الشحنات القادمة من إيران والمتجهة لها، كما تضمنت ملحقا بعقوبات تستهدف أفرادا وكيانات.وقال دبلوماسيون إنه في حين أن المسودة الأميركية الجديدة قد تمنح الولايات المتحدة المزيد من الأصوات، فمن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستستطيع الحصول على 9 أصوات، وهو الحد الأدنى اللازم لتمرير مشروع القرار، ويقولون إنه من غير المرجح أن تقنع موسكو وبكين بالامتناع عن التصويت.وكتب مدير فرع مجموعة الأزمات الدولية لدى الأمم المتحدة ريتشارد جوان، على "تويتر": "لا يخدعكم إيجاز المسودة الأميركية الجديدة. النقطة الرئيسية هي أنها تفوض بتمديد غير محدد الأجل لحظر الأسلحة على إيران. والصين وروسيا لن يعجبهما ذلك".وأضاف جوان: "هناك احتمال كبير جداً بأن تفشل المسودة الأميركية بحلول يوم الجمعة".خطة وانتقاد
في شأن منفصل، وصف الرئيس الإيراني الانتقادات القائلة ان حكومته تعتزم ترحيل الأزمة إلى الحكومة المقبلة بخطة "الانفراجة الاقتصادية" بأنها "كاذبة ولا أساس لها"، في حين انتقدت أوساط إيرانية تبشير روحاني بـ "انفراجة اقتصادية" في الأسبوع المقبل عبر البيع المسبق للنفط الذي يواجه شللا شبه كامل بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على بيعه بالأسواق العالمية. من جانب آخر، لم يحصل وزير الصناعة والمناجم والتجارة المقترح، حسين مدرس خياباني، على ثقة النواب في التصويت الذي أجري أمس بالبرلمان.