استمرار مسلسل المفاجآت حول الحرامية والغسالين وغيرهم من المتاجرين بالبشر وبروز أسماء متورطة والكشف عن أحداث جديدة وتفاصيل دقيقة كل ذلك يؤكد حتى الآن جدية تبني ملف مواجهة الفساد واصطياد الحرامية واحدا تلو الآخر، فالآمال والأعين تتجه نحو أسماء كبيرة شفطت أموال الشعب على مدى أعوام بأساليب مختلفة وملتوية، عبر بيع العقار وبعض المزادات وعمليات بيع الساعات والأراضي بأرقام خيالية وغيرها لتصبح غطاء لممارسات السلب.ولكن الأهم من ذلك كله معرفة من يقف وراء هؤلاء الغسالين والحرامية؟ وأين دور الجهات الرقابية منذ بدء دخول الأموال غير المشروعة في حسابات بعض المشتبه فيهم؟ وأين الوحدات المختصة في التحريات عن هؤلاء؟ وهل سيتم استدعاء هذه الأجهزة لإخضاعها للتحقيق في عدم الكشف المبكر عن المشتبه فيهم وتضخم أرصدتهم بصورة تفوق الخيال رغم إعلان بعضهم المستمر عن آلية البذخ والصرف بمبالغ كبيرة مقابل شراء بعض الأشياء التي تفوق أرقامها العقل، والتي أصبحت مكشوفة وواضحة، وتخطت أرقامها مؤشر أحمالنا الكهربائية وحرارتنا الحارقة "واللاهوب" الذي أذاب جلودنا؟
إن الإصلاح الحقيقي هو تطهير البلد من الفساد حتى تدور عجلة التنمية التي لا تزال بطيئة جدا، وألا نعلق الشماعة على كورونا كما يبرر البعض لأن هذا الأمر منذ سنوات. فالإصلاح الحقيقي يكمن في معالجة بعض المناصب والكراسي والمسميات التي ضقنا بها ذرعا، وعدم تفعيل دورها وعدم تحريكها ساكنا تجاه الفساد الماثل أمامهم، وفي الدور الرقابي على مداخل ومخارج الأموال التي بدأت تتحول إلى جمرات تتقاذفها بعض الأيادي القذرة والتي همها الأول والأخير الاختلاس بقدر الإمكان.والإصلاح يتمثل أيضا بتحديد المسار في القضاء على بقايا الطفيليات من الحرامية وإصدار تشريعات أشد حزما في مواجهة ملف الفساد، وفي معالجة تركيبة النواب وعقول بعض الناخبين الذين يزحفون خلف التصويت لمن لا يستحقون الكرسي الأخضر.الجميع يتابعون بكل اهتمام وشغف مدى جدية الإصلاح والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه استخدام أساليبه الملتوية للتكسب غير المشروع، ومن ذلك فضيحة الصندوق الماليزي الذي أصبح ككرة الثلج كلما تدحرجت كبرت لتكشف عن أحداث ومفاجآت، خصوصا أن هذه الملفات أصبحت مترابطة مع عمليات النصب المختلفة.يجب محاسبة كل من يثبت تورطه بتقديمه إلى العدالة حتى يصبح عبرة لغيره، وذلك يتطلب أيضا من بعض النواب متابعة هذه الملفات مع الحكومة والكشف عن أي متورطين جدد دون أي مجاملات أو ترضيات، مع استمرار الكشف عن تجار إقامات آخرين من خلال زيارة بعض المجمعات التجارية التي حجزت فيها المكاتب الوهمية دون وجود حقيقي لأصحاب الشركات أو المؤسسات سوى رخص تجارية لموضعها، وكذلك على جميع الجهات الحكومية مسؤولية متابعة هذا الملف بدءاً من وزارات الداخلية والتجارة والبلدية وهيئة القوى العاملة والمعلومات المدنية.
مقالات - اضافات
شوشرة: المواجهة والإصلاح
14-08-2020