في تجربة سياسية غير مسبوقة بالولايات المتحدة، يعقد الحزب الديمقراطي، اعتباراً من يوم غد ولمدة 4 أيام، مؤتمره الوطني بشكل كامل على الإنترنت، لتسمية نائب الرئيس السابق جو بايدن كمرشح لمنافسة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات المقررة في 3 نوفمبر 2020.وباختياره السناتورة كامالا هاريس، أول امرأة من أصحاب البشرة الملونة تترشّح لمنصب نائب الرئيس، يركز بايدن في حملته على توحيد بلد تمزّقه الاضطرابات السياسية والعرقية والمخاوف بشأن قمع الناخبين والقلق من تفشي فيروس كورونا.
وفي ظل هذه الظروف الفريدة، يسعى المرشحان لمنصبي الرئيس ونائبه لإيصال رسالتهما الهادفة لإقناع القاعدة الديمقراطية وجذب الجمهوريين المحبطين. ولن يشهد المؤتمر هذه السنة هتافات أو إلقاء بالونات على حشود ومرشحين متحمّسين، كما جرت العادة في المؤتمرات السياسية الأميركية.وبدلاً من ذلك، يعيد المنظّمون ترتيب أدواتهم لإجراء نشاطاتهم عبر الإنترنت، على غرار تحديد منبر الحزب وتنسيق عشرات المحاضرات والخطابات، اعتبارا من منتصف يوم غد.ومساء الأربعاء، ستسلّط الأضواء على هاريس، السناتورة البالغة 55 عاماً والمدعية السابقة المولودة لمهاجرين من الهند وجامايكا. وروّج بايدن لقصة حياتها على أنها مثال على "الحلم الأميركي".ويبلغ المؤتمر ذروته ليل الخميس، عندما يدلي مندوبو الولايات بأصواتهم عبر الإنترنت لترشيح بايدن، الذي سيلقي خطاب قبوله من ولايته ديالاوير.وكان من المقرر أن ينعقد المؤتمر في ميلووكي، في ولاية ويسكنسن "المتأرجحة"، وشكل إلغاؤه ضربة قاسية للمدينة التي أنفقت ملايين الدولارات على التحضيرات لاستضافة المناسبة.
خطة بايدن
وفي وقت خسر الاقتصاد ملايين الوظائف جرّاء الوباء، سيروّج بايدن خطته البالغة قيمتها 700 مليار دولار تحت شعار "إعادة البناء بشكل أفضل"، والتي تعد باستثمارات في التكنولوجيا الحديثة وتتعهّد بخلق خمسة ملايين فرصة عمل جديدة، في تحد قوي لسياسة ترامب الاقتصادية.ووعد المنظّمون بمؤتمر حيوي تصل أصداؤه إلى "أنحاء أميركا"، رغم الأجواء المربكة المحتملة جرّاء عقده عبر الإنترنت. وقالت المسؤولة عن تنفيذ برنامجه ستيفاني كاتر: "في غضون ثلاثة أيام، سنطلق المؤتمر الوطني الديمقراطي، الذي سيحمل شكلاً وطابعاً مغايراً جداً عن المؤتمرات الماضية".وأضافت أن المشاركين سيسلّطون الأضواء على "قيادة دونالد ترامب الفاشلة والوعود بشأن ما يمكننا وما علينا أن نكون بوجود جو بايدن كرئيس".ودعا الحزب شخصيات لامعة في صفوفه، بدءاً من أوباما وزوجته ميشيل اللذين سيلقي كل منهما خطابا افتتاحياً يومي الأربعاء والاثنين على التوالي، وصولاً إلى هيلاري وبيل كلينتون وحاكم نيويورك أندرو كومو.وسيلقي كلمات كذلك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، الذين نافسوا بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب، بينهم بيرني ساندرز وإليزابيث وارن.وفي مسعى لتجنّب الانقسامات، التي خيّمت على الحزب في 2016 عندما اصطدم أنصار هيلاري كلينتون مع مؤيدي ساندرز، راعى فريق حملة بايدن دعوة الجناح اليساري الأكثر ليبرالية للمساعدة في تشكيل منصة الحزب.وسيكون للشخصيات التقدمية الصاعدة فرصتها لإلقاء كلمات على المنصة الافتراضية، بما في ذلك عضوة الكونغرس البالغة 30 عاماً، والتي تتمتع بشعبية كبيرة في صفوف التيار اليساري ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز. وغداً، سيتحدث حاكم أوهايو السابق جون كاسيتش، الذي يمثّل شخصيات الحزب الجمهوري التي تخلّت عن ترامب.المؤتمر الجمهوري
وبينما ألغى الديمقراطيون خططهم في ميلووكي، سيزور ترامب ولاية ويسكنسن غداً، في مسعى لترك بصمته مجددا في الولاية، التي انتزعها قبل أربع سنوات من كلينتون، عندما لم تجر حملتها الانتخابية فيها.وقال ترامب، في اجتماع مع الناخبين عقد عبر الإنترنت الأربعاء، إن الديمقراطيين "سيتجاهلون ويسكنسن تماماً كما فعلوا في 2016"، مؤكداً أنه سيلقي خطابا في أوشكوش، شمال ميلووكي، سيشير فيه إلى "إخفاقات" بايدن في مجال الوظائف والاقتصاد، بحسب فريق حملة الرئيس.ولن يحضر ترامب مؤتمر الحزب الجمهوري شخصياً في الأسبوع التالي، لكنه سيلقي خطاباً من مكان سيعلن عنه لاحقاً.ومن شأن ذلك أن يقلّص من الدور الحيوي للمؤتمر، بما في ذلك الكيفية التي يشكّل فيها المكان عادة ساحة حيوية للصفقات ووضع الاستراتيجيات بين المجموعات المختلفة والمندوبين، والذين عادة ما "يهتفون بحماسة" عند تسمية المرشّح، بحسب أرترتون.واستبق بايدن وهاريس المؤتمر بمهاجمة ترامب، بما في ذلك معارضته للتصويت عبر البريد ورفضه إقرار تمويل طارئ لخدمة البريد الأميركية لضمان إيصال الأصوات في موعدها. وركّزا في اليوم الأول من حملتهما المشتركة على موضوع الوباء، سعياً لمحاربة طريقة تعامل ترامب وإدارته مع هذه الأزمة.وفي اليوم نفسه، اتهم ترامب، في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، منافسه الديمقراطي بـ"تسييس" الجائحة ورفض دعوته إلى فرض وضع الكمامات، مؤكداً أن "جو النائم يفضل على المقاربة العلمية فكرة احتجاز الأميركيين في المنازل لأشهر".وفي مفاجأة، أدى اختيار جو بايدن للسناتورة كامالا هاريس، أول امرأة سوداء على "تذكرة رئاسية" في الولايات المتحدة، إلى تقسيم أصوات الناخبين السود بطريقة قد تكون ضارة.وفي أحدث استطلاع للرأي أجراه موقع "راسموسن"، وهو واحد من أوائل استطلاعات الرأي، منذ أن اختار بايدن هاريس لتكون نائب الرئيس في حال فوزه، قال ثلث الناخبين السود إنهم "أقل احتمالاً" للتصويت لصالح الحزب الديمقراطي. كما قال ثلث آخر إنهم "أكثر احتمالاً" لدعم بايدن وهاريس. أما الثلث الأخير من الناخبين السود فاعتبروا أن اختيار هاريس لم يكن له أي تأثير على تصويتهم. ومع ذلك، كشف الاستطلاع أن لدى الناخبين السود وجهة نظر إيجابية تجاه هاريس، سناتورة كاليفورنيا، حيث قال حوالي 37 في المئة من المستطلعين إن لديهم رأيا "إيجابيا جداً" عنها، مقارنةً مع 28 في المئة من الناخبين البيض.وبدا ان ترامب يحاول استخدام سلاح ضد هاريس استخدمه في السابق مع اوباما. وقال الخميس إنه سمع أن المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس "لا تستوفي الشروط للمنصب". وكان ترامب يشير على ما يبدو إلى مقال نشر في مجلة نيوزويك لأستاذ قانون محافظ، قال مخطئا إن السناتورة عن كاليفورنيا غير مؤهلة لمنصب نائب الرئيس أو الرئيس، لأنه رغم ولادتها في الولايات المتحدة لكن أبويها وهما من جامايكا والهند ربما لما تكن لديهما إقامة دائمة آنذاك، مما يعني انها ليست اميركية بالمولد.لكن رد خبراء قانون على هذه الحجة بالقول إنه "بموجب البند الأول من التعديل الرابع عشر للدستور، فإن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي".