حماية الأطباق المعدنية للأبراج... مشروع استدامة لمَعلم حداثي
ضمن منحة نالتها الكويت من مؤسسة «غيتي» العالمية للحفاظ على التراث
أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فوزه بمنحة مؤسسة "غيتي" لدراسة الحماية المستدامة لفن تصميم وتنفيذ الأطباق المعدنية التي تغطي الهياكل الكروية لأبراج الكويت لحماية قيمتها التاريخية والثقافية وتحقيق شروط الأصالة حسب معايير لجنة التراث العالمي باليونسكو. وتأتي هذه المنحة من خلال برنامج "Keeping It Modern" للمحافظة على التراث الحداثي، وهي مبادرة دولية تعبر عن التزام مؤسسة «غيتي»: بالحفاظ على التراث المعماري والعمراني للقرن العشرين لا سيما المباني ذات القيمة العالمية الاستثنائية، التي تمثل فرصة للتقدم العلمي والممارسات الفنية المعنية بصون وترميم هذا النوع من التراث.
● ما أهمية مشروع منحة مؤسسة غيتي لأبراج الكويت؟- جابر القلاف: تتمثل أهمية المشروع في ضرورة الشراكة والتعاون ما بين المؤسسات الحكومية والمنظمات العالمية والمؤسسات البحثية كجزء أساسي في الإنتاج العلمي وعملية الابتكار لتعزيز التنمية الاقتصادية والرأسمال الاجتماعي، وهي عملية ثقافية مهمة كما هي موضحة في مفاهيم الاقتصاد والمجتمع القائم على المعرفة.كما يعتبر هذا المشروع إحدى الدراسات الأساسية لاستكمال ملف ترشيح أبراج الكويت لقائمة التراث العالمي باليونسكو والتي تتعلق بالحماية المستدامة للأطباق المعدنية التي تغطي الهياكل الكروية، باعتبار الأطباق تصميماً معمارياً فريداً وله قيمة جمالية وتاريخية وثقافية مرتفعة، إذ استنبطت المعمارية "ميلينا بيورن" هذا التصميم من خلال زيارتها للمدن الإسلامية مثل سمرقند وبخارى للتقرب من أبعاد الثقافة التراث الإسلامي واستيحاء عناصر فنية تعود بالمخيلة الجمعية للعصر الذهبي الإسلامي.ونشير هنا إلى القلق من احتمالية فقدان هذه العناصر المميزة في حال عدم وجود حلول ابتكارية نابعة من بحوث علمية تطبيقية تضمن استدامة هذا العنصر الجمالي واستمرارية الأبراج كما عرفناها. توجه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للعمل مع منظمة "غيتي" والتقديم على هذه المنحة ذات الطبيعة التنافسية مؤشر على التزام المجلس في الحماية المستدامة لتراث الحداثة المعمارية وشروط الأصالة لهذا المعلم.ومنح البرنامج العديد من المباني التاريخية المهمة حول العالم ومنها دار سيدني للأوبرا في أستراليا وسيدي حرازم في المغرب ومعرض "طرابلس" رشيد كرامي في لبنان. وتعتبر هذه المنحة فرصة للتعاون العلمي والتبادل المعرفي لحفظ تراث الحداثة وهو مجال حديث نسبياً وما زال في مراحل التطور بالكويت.ويستقبل البرنامج العديد من الطلبات سنوياً، التي تتنافس للترشح للدعم الفني والمالي للمواقع ذات الأهمية البالغة وللإشارة فقد تم تقديم 90 طلباً لهذه المنحة، وتم اختيار 13 مبنى كان أحدها أبراج الكويت. وكان هذا اللقاء مع م. زهراء علي وم. جابر القلاف، خبيري التراث الثقافي لوفد الكويت في لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو من العاملين في الأمانة العامة للمجلس الوطني لتسليط الضوء على تفاصيله:
العناصر التاريخية
● ما آخر مستجدات ملف ترشح أبراج الكويت لقائمة التراث العالمي باليونسكو؟- زهراء علي: بدأ هذا العمل باتجاه استحداث صفة التراث الثقافي على منشأة أبراج الكويت إضافةً إلى الجوانب الخدماتية والترفيهية في 2014، إذ تم إدراج موقع أبراج الكويت ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو وهو يعتبر إخطاراً مبدئياً لمركز التراث العالمي بنية الدولة إعداد ملف الترشح، كما أصدر مجلس الوزراء الموقر قراراً في 2015 لتسجيل الموقع ضمن القائمة.وبناء على ذلك، تمت مخاطبة الجهات ذات الصلة بغرض التعاون والمحافظة على العناصر التاريخية لاستكمال الدراسات المطلوبة للملف والتقيد بالمبادئ التوجيهية لاتفاقية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لسنة 1972 التي صادقت عليها دولة الكويت في 2002.كما قمنا بإعداد خطة متكاملة للمحافظة على الموقع واستضافة بعثة تقييمية من المجلس الدولي للمعالم والمواقع "ايكوموس"، وهي بالمناسبة الهيئة الاستشارية للجنة التراث العالمي، لتقييم عناصر ملف الترشح وزيارة الموقع ومعاينة المنطقة العازلة لضمان السلامة البصرية. ونتطلع إلى تضافر الجهود والتعاون المستمر مع الجهات ذات الصلة حتى نتمكن من تحقيق تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي لأنه مشروع وطني يساهم في رفع سمعة الكويت دولياً.قائمة التراث العالمي
● ما فوائد إدراج المواقع ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو؟- زهراء علي: تسعى الدول إلى إدراج مواقعها ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو لنيل المكانة الدولية لتراثها وتحقيق الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية.إن صفة التراث العالمي تعكس أهمية النتاج الثقافي المحلي لمجتمع ما ومدى مساهمته في تراث البشرية. كما ستشكّل مواقع التراث العالمي محوراً أساسياً في توجيه التخطيط العمراني وخطط التطوير باعتبارها محركات ثقافية للمدن تساهم بتفعيل السياحة الثقافية.المستوطنات البشرية
● ماذا يعني مصطلع "تراث الحداثة"؟- زهراء علي: يتمثل تراث الحداثة بالعمارة والتصميم الحضري في القرن العشرين وهي حقبة مهمة في تاريخ العمارة والإنتاج الفكري للبشرية، إذ تأثرت عمارة الحداثة بالثورة الصناعية والعولمة منذ 1920 وأواخر 1980. وشاركت دول العالم في هذه الحركة العمرانية والمعمارية بما فيها الدول العربية. وتتمتع تلك المجموعات الحضرية التاريخية على الصعيد العالمي بتراث استثنائي يستمد تنوعه من تنمية المستوطنات البشرية عبر التاريخ، بما فيها فترة "الحداثة". وللإشارة قمنا بتنظيم مؤتمر دولي حول موضوع حفظ المناطق الحضرية ودور توصية اليونسكو الخاصة بالمناظر الحضرية التاريخية في صون التراث الحضري والمعماري الحديث في العالم العربي بالتعاون مع مركز التراث العالمي، وانعقد هذا المؤتمر في مدينة الكويت في الفترة ما بين 1 و 3 ديسمبر2015.عناصر العملية التنموية
● ما أهم التحديات التي يوجهها التراث في الكويت؟- جابر القلاف: يشكّل المفهوم السائد للتنمية من أهم التحديات الذي يتم اختزله في المنهجية التجارية للتنمية الإقتصادية والتطوير العمراني إذ ساهم ذلك كثيراً في إضعاف مكانة بقية عناصر العملية التنموية، بما يشمل ذلك الثقافة والتراث والعناصر اللامادية التي تعتبر مهمة، إن لم تكن أكثر أهمية، بقدر الجوانب المادية، إضافةً إلى غياب مفهوم التنمية المستدامة الذي يدعو إلى عملية تكاملية عوضاً تغليب عنصر تنموي على عنصر آخر. علماً أن المحافظة على التراث لا تتصادم مع المفاهيم الاقتصادية والتطوير العمراني، لكنه يأخذ منحى مغايراً للتوجه التجاري في تأطير المصلحة العامة والمكاسب المالية والاقتصادية المرتقبة. وهذا الأمر يتطلب توحيد الرؤى وإعادة النظر في العملية التنموية.وبهذا الصدد، قمنا بالتعاون مع مستشار المخطط الهيكلي لدولة الكويت 2040 لإعداد دراسة مستفيضة واستراتيجية وطنية للتراث تتضمن الرؤية العامة للتراث الثقافي والطبيعي على المستوى الوطني والعالمي، ووضع أسس ومعايير وقواعد منهجية إدارة التراث والسياسات العامة المتعلقة بها، إضافة إلى السياسات الحضرية المعنية بالسياق العام، ودمج تلك الاستراتيجية مع بقية عناصر التنمية. كما قمنا بتصميم استراتيجية الاقتصاد الإبداعي لدولة الكويت لتطوير قطاع الصناعات الثقافية الإبداعية للمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية للبلاد، بما في ذلك التراث الثقافي والمباني التاريخية وتوظيفها لخدمة الأجندة الثقافية على المستوى الاستراتيجي.
زهراء علي: أطباق الأبراج تصميم معماري فريد مستوحى من المدن الإسلامية كسمرقند وبخارى
جابر القلاف: الأبراج ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو
جابر القلاف: الأبراج ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو