لماذا تُسارع الدول إلى إنقاذ لبنان؟
شارك نحو 30 بلداً في مؤتمر افتراضي يوم الأحد الماضي لملء فراغ الحكم في واحدة من أضعف دول العالم، فاتفق المشاركون على تقديم المساعدات إلى لبنان بعد أيام قليلة على وقوع انفجار ضخم في العاصمة بيروت. كانت سرعة الاستجابة الإنسانية مبهرة وبدا حجم التبرعات المعلنة لافتاً وبلغ نحو 300 مليون دولار، لكنّ الغريب في الموضوع هو الاتفاق على إيصال المساعدات إلى الشعب اللبناني مباشرةً "بأقصى درجات الكفاءة والشفافية".هذه الصفات المطلوبة من أي نظام حاكم مفقودة في لبنان منذ وقتٍ طويل، وقد أدى غيابها إلى اندلاع احتجاجات واسعة في أكتوبر الماضي، سقطت حكومتان منذ ذلك الحين، آخرهما في 10 أغسطس، وبدل السماح بتدفق المساعدات عبر نظام بيروقراطي مفكك وفاسد، تُخطط الدول المانحة لإيصالها عبر المنظمات غير الحكومية، ستقدم إسبانيا مثلاً القمح إلى هذا النوع من المنظمات، وسترسل البرازيل الرز في حين توفر مصر مستشفيات ميدانية.
ذكر البيان الختامي للمؤتمر الافتراضي في 9 أغسطس: "في هذه الأوقات العصيبة، لبنان ليس وحده"، وتعكس طريقة تقديم المساعدات أحدث فصلٍ من محاولات المجتمع الدولي التعامل مع أحد تحديات القرن الحادي والعشرين: انهيار الدول الضعيفة بسبب غياب الحوكمة. كان تحالف الأحزاب السياسية الحاكمة في لبنان قد عجز عن تسديد ديون البلد الضخمة أو إعالة الشعب أو توفير الكهرباء أو منع تدفق الأسلحة إلى حزب الله، وبما أن مقاليد السلطة هناك تنقسم بين الأحزاب على أساس طائفي، يحتاج لبنان إلى حجر أساس لترسيخ الحكم الرشيد، ومن المنتظر أن تتعاون الدول المانحة الأجنبية مع مجموعات خاصة معروفة بشرعيتها وكفاءتها. يتوقف النظام العالمي على منع الدول الضعيفة من التحول إلى دول فاشلة، على غرار الصومال وسورية واليمن وزيمبابوي، وفي حين يرفع عدد كبير من المواطنين اللبنانيين الصوت للمطالبة بالديمقراطية المبنية على الشفافية والمحاسبة والمساواة، كان منطقياً أن يتجاوب هذا العدد من البلدان مع الأزمة. تبقى المساعدات بحد ذاتها ثانوية مقارنةً بالرسالة التي تُوجّهها تلك الدول عن أهمية تحقيق المصلحة العامة للحفاظ على عالم آمن.