رغم اضطراره للقيام بحملة انتخابية من منزله، بسبب تدابير العزل، سجل المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن تقدماً واضحاً في استطلاعات الرأي، مستفيداً، عن غير قصد، من تفشي الوباء والأزمة الاقتصادية العميقة، مما يجعل من الانتخابات استفتاءً حقيقياً على الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي تعهد بعدم الفوز بولاية ثانية فقط، بل كذلك بهزيمة خصومه في معقلهم بولاية نيويورك.وبعد أن كان على وشك إنهاء مسيرة مهنية طويلة مملوءة بالأفراح والأتراح، أصبح «العم جو»، كما يطلق عليه بأسلوبه الشعبي، مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، الذي يراهن على قدرته على كسب تأييد الأميركيين، الذين فاض بهم الكيل من خصمه ترامب المناقض له تماماً، ليصبح أكبر رئيس أميركي سناً يتولى السلطة مع 78 عاماً، بعد وقت قصير من انتخابات نوفمبر.
وإذا كان ترامب قد حمل معه الصخب والتهور إلى البيت الأبيض، حيث حطّم كل شيء من تقاليد ومعاهدات دولية، فإن بايدن يقدم تطمينات ويعتبر نفسه شخصية موحّدة بجذور عمالية ويقيم علاقات شخصية مع الناخبين. وبشعره الأشيب وابتسامته العريضة وتاريخه كسناتور، يبرز كشخصية أبوية قادرة على تهدئة بلد يعاني من الانقسام.وبينما يصف ترامب خصمه المخضرم في مؤسسات واشنطن البالغ 77 عاماً بـ«جو الناعس»، يراهن بايدن على أن الأميركيين لن يمانعوا الحصول على بعض الهدوء بعد ولاية الرئيس الجمهوري الصاخبة.وفي وقت يلخّص ترامب سياساته بإيجاز على أنها «رابحة»، يشير بايدن إلى أنه يسعى إلى ما هو أعمق من ذلك: «معركة من أجل روح أميركا».ويعد بايدن تاريخاً حياً كونه واحداً من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنا الذين انتخبوا، ليقضي 3 عقود في الكونغرس قبل أعوامه الثمانية كنائب لأول رئيس أميركي أسود باراك أوباما. وترافقت هذه النجاحات مع إخفاقات مهينة، خصوصاً هفواته المتكررة وفشله في انتخابات 1988 و2008 الرئاسية.حتى هذه المرة، كان على وشك الفشل في الوصول إلى الاقتراع، بعدما خسر في الانتخابات التمهيدية أمام اليساري بيرني ساندرز في آيوا ونيوهامبشير ونيفادا. لكنه عاد بقوة في كارولاينا الجنوبية بفضل الدعم الهائل للناخبين ذوي الأصول الإفريقية، الذين يعدّون قاعدة الديمقراطيين الأساسية.وأمام جمع ينادي باسمه، شدد ترامب، أمس الأول، على أنه لن يكتفي بالفوز على بايدن، بل سينتصر كذلك في ولاية نيويورك التي لم ينل فيها أي مرشح جمهوري غالبية الأصوات، منذ رونالد ريغان عام 1984.وقبل أقل من 80 يوماً من الانتخابات، تحدث ترامب بنادي الغولف في نيو جيرسي أمام جمع من أعضاء نقابة شرطة نيويورك المساندين له، وقدم وعداً انتخابياً يبدو مستحيلاً، محذراً من أنه «في حال فاز الديمقراطيون ستكون كل مدينة في أميركا تحت الحصار».ومن تأخُّر وصول الرسائل إلى إزالة علب البريد من الشوارع، اتهم المعارضون ترامب بالسعي إلى تدمير الخدمة العامة، التي يبلغ عمرها 200 عام، ليجعل مستحيلاً التصويت بالمراسلة.ووسط ضجة إعلامية كبيرة، تتركز حملة الانتخابات منذ أيام على الخدمة البريدية USBS وإصلاحات يقوم بها مديرها الجديد رجل الأعمال وكبير جامعي التبرعات للحزب الجمهوري لويس ديجوي، المقرب من ترامب، لتستأنف تحقيق أرباح، في خطوة تواجه انتقادات حادة ويشتبه بأنها تهدف في الواقع إلى منع التصويت لترجيح كفة بايدن.وفي إطار إجراءات لتوفير الأموال شهدت بعض المدن سحب صناديق بريد، وكذلك سحبت من مراكز فرز الأصوات أجهزة اعتبرت قديمة. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن خدمة البريد أبلغت خصوصاً الولايات بأنها لن تتمكن من أن توصل في الوقت المناسب، ملايين بطاقات الاقتراع لاحتسابها قبل الثالث من نوفمبر.من جهة أخرى، نعى ترامب أمس الأول أخاه الأصغر روبرت، الذي توفي بعد يوم واحد من زيارته له في مستشفى بنيويورك. وقال: «بقلب حزين أعلن وفاة أخي الرائع روبرت وأعز أصدقائي. سنفتقده كثيراً».ووفق صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن روبرت، الذي كان مؤيداً بقوة لأخيه، توفي أمس الأول عن عمر ناهز 70 عاماً، نتيجة إصابته بنزيف في الدماغ.في غضون ذلك، أعلن ترامب أنّه «سيلقي نظرة جدية» على إمكانية العفو عن إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الملاحق قضائياً بتهمة تسريب تفاصيل برنامج تجسّس واللاجئ حالياً في روسيا، مشيراً إلى أنّ «كثيرين يظنّون أنّه يجب أن يعامَل بطريقة مختلفة وآخرين يظنّون أنّه فعل أموراً سيئة جداً».إلى ذلك، ذكرت قناة «إن. بي. سي» الأميركية، أمس، نقلا عن مصادر، أن ترامب أبلغ مساعديه برغبته في الاجتماع شخصيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل الانتخابات، ربما في سبتمبر، بنيويورك، حيث تعقد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.وأشارت القناة إلى أن الإدارة الأميركية، تعتبر الهدف من مثل هذه القمة يكمن في إعلان تقدم في تطوير اتفاق بشأن الحد من التسلح النووي.
دوليات
«العم جو» قد يصبح أكبر رئيس أميركي
17-08-2020