من مركز مالي إلى مركز غسل أموال عالمي
إننا نشد على يد الحكومة لفتحها ملف «غسل الأموال» الخبيث، لكن ثقوا تماماً بأنه ما لم يتم غسل شراع كل موظف وقيادي وجهة تواطأت في هذه الأعمال فإن غسل الأموال سيظل كارثة تهدد سمعة ومكانة الكويت عالمياً لمدى بعيد.
شعارات خداعة رفعتها الحكومات السابقة ووزراؤها الميامين، خطة التنمية والإصلاح ومكافحة الفساد وتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، سنوات ونحن نصيح عليهم أن شعاراتكم في واد وأفعال وقرارات وزرائكم ووزاراتكم في واد آخر، لكن جوقة التطبيل والنفاق الإعلامي والسياسي استحوذت على الأجواء والمنابر، فالنواب المعارضون الشرسون خارج الكويت، ولم يبق في المجلس إلا القليل منهم، وقضايا الجرائم الإلكترونية لا تتوقف لكل من يحاول نبش أوكار الفساد بالحق والباطل، حتى جاءتنا جائحة كورونا، وسبحان الله يخرج منها خير أن فتحت ملفات الفساد المالي وسوء الإدارة وقباحة تعيينات القياديين في الدولة على مصراعيها، وهي السبب الأول في التردي العام الذي وصلت له الدولة.إحدى الخدع الكبرى التي ضيعت عمر الوطن هي خدعة "تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري" وهو هدف قومي استراتيجي فائق الأهمية، ويحتاج خططا وقرارات جادة وتنفيذا سريع الوتيرة لكي تتبوأ الكويت موقعها المستحق بين الدول، ولكن وللأسف ضاع هذا الشعار الكبير تحت أرجل المتسلقين والفاشلين وباعة الكلام المنمق، وبرز هوس غريب لدى بعض مسؤولي الدولة في إضافة جملة "تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري" في كل فرصة يتحدثون بها أمام وسائل الإعلام، فلا تجد مسؤولاً يظهر في وسائل الإعلام لأي حدث كان إلا و"دربح" كلمة "الكويت مركز مالي وتجاري"، وكأنها أصبحت لزمة رسمية و"أفيهاً ضاحكاً" للتصريحات الحكومية.
يصبغون سور المقبرة فيعلن قيادي في البلدية أن الصبغ لأجل المشاركة لتحويل الكويت إلى مركز مالي، تشتري حديقة الحيوانات قروداً جديدة فيعلن قيادي في الزراعة أن القرود لأجل المشاركة لتحويل الكويت إلى مركز مالي، تستبدل الأشغال مناهيل الصرف الصحي فيصرح قيادي في الأشغال أن المناهيل الجديدة لأجل المشاركة لتحويل الكويت إلى مركز مالي، وهكذا عرف بعضهم أن مجرد قوله جملة "مركز مالي وتجاري" ستجعل ما قام به مقبولاً، وبالطبع وسيلة للبقاء في منصبه مدة أطول.مالكم بالطويلة، عقب ١٥ سنة من رفع شعارات الزينة اكتشفنا أن الكويت صارت مركزا عالمياً لغسل الأموال، تستهدفها عصابات عالمية ودول مارقة لتكون نافذة الغسيل في الشرق الأوسط، لتضرب سمعة الكويت، وللأسف لا يمكن لهذا المشروع الإجرامي المرور والتمكن في البلد إلا من خلال أدوات محلية وتخاذل الجهات المسؤولة، وتراخي الموظفين المعنيين مهما ارتفعت مكانتهم الوظيفية، ولذلك فإننا نشد على يد الحكومة لفتحها هذا الملف الخبيث، لكن ثقوا تماماً بأنه ما لم يتم غسل شراع كل موظف وقيادي وجهة تواطأت في هذه الأعمال فإن غسل الأموال سيظل كارثة تهدد سمعة ومكانة الكويت عالمياً لمدى بعيد... إنها أمانة عظيمة عليكم، وللحديث بقية، والله الموفق.