اتفاق السلام مع الإمارات... إرث نتنياهو التاريخي!
يراهن الكثيرون اليوم على دعم نتنياهو لتسوية اقترحها عضوا الكنيست تسفي هاوزر ويوعاز هندل وتقضي بتأجيل الموعد النهائي لطرح الميزانية القانونية، فيكسب بذلك شهرَين إضافيَّين قبل انهيار الحكومة المحتمل، لكن بعد انقضاء تلك المهلة، لا أحد يستطيع توقّع ما سيحصل.
المشاعر مختلطة! من جهة، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجد إرثه التاريخي أخيراً: السلام بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، ومن جهة أخرى لم يكن هذا الإنجاز بالحجم الذي كان يطمح إليه، فما أراده هو وناخبوه كان فرض سيادة إسرائيلية تاريخية على جزء كبير من الضفة الغربية، لكنّ هذا الخيار لم يعد وارداً.قد يبدو هذا التحليل غريباً، لكنّ الاتفاق مع الإمارات يجعل الجولة الرابعة من الانتخابات الإسرائيلية مستبعدة، ويدرك نتنياهو، الذي يسجّل تراجعاً مستمراً في استطلاعات الرأي، أن الاتفاق الأخير مع الإمارات لن يُحسّن مكانته داخل معسكر اليسار الوسطي بأي شكل، بل إنه قد يحرمه من أصوات اليمينيين.حصلت اللحظة المفصلية التي سرّعت التواصل بين إسرائيل والإمارات، بدعمٍ من الولايات المتحدة، في نهاية شهر يونيو خلال زيارة المبعوث الأميركي آفي بيركوفيتش إلى القدس.
كشفت محادثات بيركوفيتش هناك قبل أكثر من شهر أن ضم الأراضي ليس خياراً قابلاً للتنفيذ، وبناءً على طلب كبير مساعدي الرئيس دونالد ترامب وصهره غاريد كوشنر، أوضح بيركوفيتش أن إسرائيل، إذا أرادت ضمّ 30% من أراضي الضفة الغربية، فسوف تضطر لمنح الفلسطينيين 6.5% من المنطقة (ج)، أي الستين في المئة من الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة إسرائيل الكاملة. كان نتنياهو مستعداً للتنازل عن 0.5% منها فقط لكن اعتبر الأميركيون عرضه غير وارد، فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الالتزام علناً بتنفيذ "صفقة القرن" التي طرحها ترامب لإرساء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، علماً أنها تنصّ على إنشاء دولة فلسطينية معينة في نهاية المطاف، وهكذا أدرك الجميع أن خطة ضم الأراضي عقيمة، ولهذا السبب حان الوقت لإطلاق مسار جديد وتحقيق إنجاز معيّن على أنقاض الحلم المستبعد بضم الأراضي، فتم الإعلان عن ذلك الإنجاز في 13 أغسطس، حين قررت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة إعطاء طابع رسمي لعلاقتهما. عشية 13 أغسطس، وقف نتنياهو أمام الكاميرات وأراد أن يشبه بموقفه رئيس الوزراء إسحاق رابين بعد توقيعه على معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في عام 1994، أو رئيس الوزراء مناحيم بيغن بعد توقيعه على معاهدة السلام التاريخية مع مصر في عام 1979. استحق نتنياهو أن يعيش هذه اللحظة، مع أن الاتفاق مع إمارة صغيرة وبعيدة لم تحارب إسرائيل يوماً لا يُقارَن بمعاهدات السلام المحورية مع دولتَين مُعاديتَين تقعان على مقربة من إسرائيل.يدرك نتنياهو، رغم تصريحاته المُضخّمة، أن هذا الاتفاق سيقضي على دعم المستوطنين له، علماً أنهم يشكلون أهم جزء من ناخبيه، وقد يعزز هذا التطور تأييد ناخبيه غير الأساسيين في اليسار الوسطي، لكنه سيُضعف في المقابل دعمه الداخلي في حزب "الليكود" وفي أوساط المستوطنين، وكل ما يستطيع فعله الآن هو انتظار نتائج الاستطلاعات. وإذا استمر التراجع في نِسَب تأييده فقد يفكر مرتين قبل المجازفة بإجراء انتخابات أخرى، لكن إذا كشفت الاستطلاعات عن تحسّن نتائجه، فقد يقصد الإسرائيليون مراكز الاقتراع في وقتٍ لاحق من هذه السنة، للمرة الرابعة خلال 18 شهراً.تنتهي المهلة الأخيرة لاتخاذ هذا القرار المصيري في 25 أغسطس، إذ ينصّ القانون على حل الهيئة التشريعية تلقائياً في ذلك التاريخ، مما يُمهّد لإجراء انتخابات جديدة إذا فشل المشرّعون في المصادقة على ميزانية الدولة، وكما يحصل دوماً سيتخذ نتنياهو قراره في اللحظة الأخيرة، فيتخبط بين طموحاته التاريخية وميوله الهستيرية ثم يُصدِر قراره قبل انتهاء المهلة الأخيرة بلحظات. يراهن الكثيرون اليوم على دعمه لتسوية اقترحها عضوا الكنيست تسفي هاوزر ويوعاز هندل وتقضي بتأجيل الموعد النهائي لطرح الميزانية القانونية، فيكسب بذلك شهرَين إضافيَين قبل انهيار الحكومة المحتمل، لكن بعد انقضاء تلك المهلة، لا أحد يستطيع توقّع ما سيحصل.* «بن كاسبيت»
الاتفاق مع إمارة صغيرة وبعيدة لم تحارب إسرائيل يوماً لا يُقارَن بمعاهدات السلام المحورية
الاتفاق مع الإمارات يجعل الجولة الرابعة من الانتخابات الإسرائيلية مستبعدة
الاتفاق مع الإمارات يجعل الجولة الرابعة من الانتخابات الإسرائيلية مستبعدة