أثار إعلان شركة «بيركشاير هاثاواي» التي يديرها المستثمر المخضرم وارن بافيت الاتجاه لشراء أسهم في شركة للتنقيب عن الذهب ردود أفعال واسعة في الأسواق العالمية.وطوال سنوات طويلة، أبدى بافيت رفضاً قاطعاً لفكرة الاستثمار في الذهب باعتباره معدناً غير منتج ولا يرقى لمستوى الاستثمار في أعمال الشركات الأميركية والعائد المتوقع منه. لكن رغم اعتبار البعض أن الاستثمار الجديد لشركة بافيت يمثل تغييراً جذرياً في توجهات «حكيم أوماها»، فإن التفاصيل ربما تشير إلى بعض المبالغة في هذا الرأي.
تغيرات محفظة بافيت
- أصدرت «بيركشاير هاثاواي» إفصاحاً تنظيمياً يوضح حيازة المحفظة الاستثمارية للشركة بنهاية الربع الثاني من العام الحالي.- لعل أبرز الملاحظات تتمثل في تخلي «وارن بافيت» عن أسهم العديد من البنوك الأميركية، مع خفض حيازة «بيركشاير هاثاواي» في بنك «ويلز فارجو» بنسبة 26 في المئة مقارنة بالربع الأول من العام الحالي.- كما تخلصت الشركة من 41 في المئة من حيازتها في «بي إن سي فاينانشيال سيرفيس»، وخفضت ما تملكه في «جي بي مورغان» بحوالي 61 في المئة، بينما تخلصت تماماً من حيازتها في بنك «مورغان ستانلي».- كان «بافيت» أعلن في شهر مايو الماضي التخلي عن كامل أسهمه في شركات الخطوط الجوية الأميركية «أمريكان إيرلاينز» و«ساوث ويست إيرلاينز» و«دلتا إيرلاينز»، مع تضرر حاد للقطاع بفعل وباء «كورونا».- لكن على الجانب الآخر، كشف إفصاح الشركة أن «بافيت» قام بشراء 20.918 مليون سهم في «باريك غولد» العاملة في مجال التنقيب عن الذهب خلال الربع الثاني من هذا العام بقيمة إجمالية تبلغ 563 مليون دولار.- ارتفع سهم «باريك غولد» في تعاملات ما بعد الجلسة عقب إفصاح «بيركشاير»، ليصعد بنحو 8 في المئة من 26.99 دولاراً إلى مستوى 29 دولاراً.- ومع حقيقة أن سعر الذهب حقق صعوداً يقارب 30 في المئة منذ بداية العام الحالي، فإن سهم «باريك غولد» ارتفع بأكثر من 45 في المئة خلال نفس الفترة ليتفوق على أداء المعدن النفيس.- اعتبر الكثيرون أن خطوة «بافيت» تمثل تغييراً كبيراً عن موقفه المعروف بشأن رفض الاستثمار في الذهب طوال السنوات الماضية، لكن هل هذا صحيح؟تاريخ طويل من رفض الذهب
- «إذا شعرت بالذعر من احتمالات العجز المالي وانخفاض قيمة العملة الأميركية، وقمت بشراء 3.25 أوقيات من الذهب بمبلغ 114.75 دولاراً - المبلغ الذي دخل به بافيت عالم الاستثمار في عام 1942 - فإن قيمة استثمارك ستكون حالياً 4200 دولار، أي أقل من 1 في المئة مما كان يمكن تحقيقه باستثمار بسيط غير مدار في الشركات الأميركية».- العبارة السابقة كانت ضمن خطاب «بافيت» للمستثمرين في عام 2018، للتعبير عن تفضيله الطويل لشراء حصص في الشركات الأميركية أكثر من الاستثمار في المعدن الأصفر.- ورغم أن الذهب يعتبر في نظر الكثيرين مخزناً للقيمة وبديلاً رئيسياً للعملات الورقية وأداة تحوط من التضخم وحالات عدم اليقين، فإن المستثمر الأميركي الشهير لا يخفي عدم اقتناعه بالاستثمار في المعدن.- وفي الاجتماع السنوي لـ«بيركشاير هاثاواي» في نفس العام، قارن «بافيت» بين 10 آلاف دولار تم استثمارها في الذهب والأسهم منذ عام 1942، مشيراً إلى أن شراء صندوق مؤشر «S&P 500» كان سيعني قيمة حالية تبلغ 51 مليون دولار مقارنة بـ 400 ألف دولار فحسب بالنسبة للمعدن الأصفر.- بعبارة أخرى، مقابل كل دولار كان يمكن تحقيقه في هذه الفترة في حال الاستثمار في الشركات الأميركية فإن شراء الذهب كان سيحقق أقل من سنت واحد.- وفي خطاب آخر في عام 2011، قال وارن بافيت إن شراء كل الذهب الموجود في العالم يحتاج مبلغ 9.6 تريليونات دولار، لكن هذا الرقم يمكن استخدامه لشراء كافة الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة إضافة إلى ما يعادل 16 شركة «إكسون موبيل» ليتبقى أيضاً تريليون دولار غير مستخدمة.- وبعيداً عن لغة الأرقام والقيمة الاستثمارية المحققة، لخص المستثمر الشهير وجهة نظره حيال الذهب بقوله: «الذهب لا يفعل شيئاً، إنه أصل غير منتج لأنه ليس مثل الأسهم التي تمنح مالكها توزيعات نقدية أو السند الذي يدفع فوائد، كما أنه يكلف أموالاً للاحتفاظ به».وفي عام 1998 قال بافيت عبارة توضح رأيه الخاص حيال الذهب: « يستخرج المعدن من الأرض، ثم نقوم بصهره ونحفر مكاناً جديداً في الأرض لنضعه فيه وندفع أموالاً لأشخاص من أجل حراسته، إنه لا يمثل أي منفعة».- ويرى «بافيت» أن الأصول الأفضل في الاستثمار هي التي تخدم مجموعة من الأهداف وتوفر معروضاً يلبي احتياجات الناس، ما يجعل الفضة مثلاً والتي تستخدم في أغراض صناعية وطبية مناسبة بشكل أكبر من الجهة الاستثمارية.- إذن هل تخلى «بافيت» عن أفكاره القديمة وقرر الاستثمار في الذهب الآن؟ الواقع أن ذلك لم يحدث!انتبه من فضلك
- بداية، تعادل قيمة الاستثمار في شركة «باريك غولد» ما يقل قليلاً عن 0.3 في المئة من إجمالي محفظة الاستثمارات في الأسهم لدى «بيركشاير هاثاواي».- يظهر التمثيل الصغير لـ«باريك غولد» في إجمالي المحفظة الاستثمارية لـبافيت خطأ الاعتقاد بأن هذه الصفقة تمثل تغييراً كبيراً في اهتمامات «حكيم أوماها».- الأمر الأكثر أهمية أن «بيركشاير هاثاواي» لم تقم بشراء سبائك من الذهب أو حتى صناديق استثمار متداولة في المعدن ETFs، لكنها اشترت أسهماً في شركة للتعدين عن المعدن.- الفارق هنا يتمثل في أن «باريك غولد» شركة تمنح أصحاب الأسهم توزيعات نقدية، وبالتالي تتلافى عيوب الاستثمار في الذهب من وجهة نظر بافيت حيث إنه لا يمنح حائزه أي مقابل.- وأعلنت الشركة الكندية والمدرجة في بورصة نيويورك توزيع 0.220 دولار لكل سهم على ثلاث دفعات العام الحالي، مقابل توزيعات بلغت 0.200 دولار العام الماضي.- وبالتالي فإن بافيت لم يشتر «معدناً يجلس ينظر إليك بلا أي فائدة» كما قال قديماً منتقداً الاستثمار في الذهب، لكنه اشترى أسهما لشركة سعرها يتحرك صعوداً وهبوطاً وتمنح دخلاً شبه مؤكد عبر توزيعات نقدية.المعدن الأصفر يرتفع بفعل تراجع الدولار مع عودة الأنظار لـ «الفدرالي»
ارتفع الذهب أمس مع تراجع الدولار، ليعوض بعض خسائره عقب انخفاض حاد في الأسبوع السابق، بينما تتركز الأنظار على وقائع اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي التي تصدر هذا الأسبوع.وكان السعر الفوري للذهب مرتفعا 0.3 في المئة إلى 1949.09 دولارا للأوقية (الأونصة).وكان الذهب انخفض 4.5 في المئة الأسبوع الماضي في أكبر هبوط له منذ مارس، إذ عكف المستثمرون على إعادة تقييم المراكز بعد النزول عن ذروة 2072.50 دولارا المسجلة في 7 أغسطس، وصعدت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.5 في المئة إلى 1958.90 دولارا للأوقية.وقال إليا سبيفاك، استراتيجي سوق الصرف لدى ديلي إف إكس إن الذهب «لا يبدو جاهزا لاستئناف تراجع حقيقي، لأن المتعاملين ينتظرون محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الاتحادية ومصير مفاوضات التحفيز المالي الأميركي».وارتفعت الفضة 1.5 في المئة إلى 26.81 دولارا للأوقية، وصعد البلاتين 2.1 في المئة، مسجلا 955.54 دولارا للأوقية، وتقدم البلاديوم 2.6 في المئة ليصل إلى 2164.07 دولارا للأوقية.