بعد خمسة عشر عاماً على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، رفعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الستار عن الحكم النهائي للجريمة. ودانت المحكمة الخاصة سليم عياش (عضو في حزب الله) مذنباً بارتكاب «عمل إرهابي عبر أداة متفجرة وقتل الحريري عمداً» أما حسين عنيسي وأسد صبرا وحسان مرعي فغير مذنبين فيما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم. وأقرت المحكمة أن القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين هو من خطّط لعملية الاغتيال، لكنه قُتل عام 2016 في سورية فلم توجه إليه أي تهمة. ومع أن القانون الخاص لتشكيل المحكمة يتضمّن عدم صلاحيتها بتوجيه الاتّهام إلى حزب أو دولة، غير أن اللافت في الحكم تأكيد المحكمة أن «لحزب الله وسورية مصلحة سياسية من اغتيال الحريري لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسورية في الاغتيال»، مشيرة إلى أن «الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والراحل الحريري كانا على علاقة طيّبة في الأشهر التي سبقت الاعتداء».
وفي تأكيد على الأبعاد السياسية للاغتيال، أشارت المحكمة الدولية إلى أن «قرار الاغتيال جاء بعد اجتماع البريستول الثالث الذي دعا إلى انسحاب سورية من لبنان». وحددت المحكمة موعد الحادي والعشرين من سبتمبر لإصدار العقوبة، ولفتت إلى أن «أمام الدفاع مدة شهر للرد على منطوق الحكم أو طلب الاستئناف عليه».
الحريري
وأعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في أول تعليقٍ له على الحكم، أنه يقبل «حكم المحكمة»، معتبراً أنّ «الأخيرة أثبتت قوتها ومصداقيتها». واعتبر الحريري أنّ «أهمية هذه اللحظة التاريخية اليوم هي الرسالة لمن ارتكبوا الجريمة الإرهابية وللمخططين خلفهم أنّ زمن استخدام الجريمة في السياسة من دون عقاب أو ثمن انتهى». وقال: «أصبح واضحاً للجميع أنّ هدف الجريمة الإرهابية هو تغيير وجه لبنان لكن لا مساومة على وجه لبنان ونظامه وهويته أيضاً».وهّاب: الحكم تحليل سياسي سخيف
علق رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، على حكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، قائلا «تمخض جبل المحكمة فأنجب فأراً، مليار دولار دفع لبنان لنستمع إلى تحليل سياسي سخيف».وأكد وهاب أن «المطلوب أولا إعادة المال المنهوب من المحكمة، إذ إنها لم تستطع أن تزيد شيئاً على استنتاجات الأجهزة اللبنانية».من ناحيته، رأى عضو تكتل «لبنان القوي« النائب سليم عون في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان درس جديد لمن يريد أن يتعلم وأتمنى أن يكون الأخير».
وإذ نفى نيّته تقديم المزيد من التضحيات، قال: «ضحّينا بأغلى ما لدينا ولن نتخلى عن لبنان الذي دفع كل الشهداء حياتهم من أجله ولن نستكين حتى يتم تنفيذ القصاص». وأضاف: «التضحية يجب أن تكون اليوم من حزب الله الذي أصبح واضحاً أنّ شبكة القتلة خرجوا من صفوفه، ويعتقدون أنّه لهذا السبب لن يُسلَّموا إلى العدالة وينفذ فيهم القصاص، لذلك أكرّر: لن أستكين حتى يتم تسليمهم للعدالة ويتنفذ فيهم القصاص».وتوجّه لمن يقول إنّ لا ثقة لديه بالمحكمة قائلاً: «أظنّ أنه بات لديه اليوم ثقة كبيرة بهذه المحكمة ولا أحد يستطيع القول إنه غير معني لأن شرط العيش المشترك أن يكون كل اللبنانيين معنيين ببعضهم».عياش مرتبط بـ «حزب الله»
وأعلن رئيس غرفة الدرجة الأولى في المحكمة دايفيد راي أن «المحكمة استنتجت أن انتحارياً نفّذ الاعتداء وهو ليس أحمد أبو عدس (ظهر في شريط مصور على قناة «الجزيرة» بعد دقائق من عملية الاغتيال ليتبناها) والمتفجرات تم تحميلها في مقصورة شاحنة ميتسوبيشي سرقت من اليابان وبيعت في طرابلس لرجلين مجهولي الهوية». وأشار إلى أن «المحققين تمكنوا من تحديد نمط استخدام الهواتف، والادّعاء قدم أدلة على تورط عياش عبر نشاطه الخلوي». وأكد أن «المتهم عياش لم يسافر لأداء فريضة الحج كما زعم بل بقي في لبنان»، موضحةً أن «عياش كان يستخدم 4 هواتف وكان يملك شقة في الحدث وعمل في الدفاع المدني. وأعلنت غرفة الدرجة الأولى أنها مقتنعة بأن «عياش مرتبط بحزب الله».بدر الدين العقل المدبر
وأكدت المحكمة أن «بدر الدين شارك مع المتهمين الأربعة بعملية الاغتيال وتولى عملية المراقبة كما قام برصد التنفيذ الفعلي للاعتداء وتنسيق عملية إعلان المسؤولية زوراً»، مشيرة إلى أنه «يزعم أن بدر الدين كان من مناصري حزب الله شأنه شأن المتهمين الأربعة». وأوضحت أن «10 شهود تعرفوا على أرقام تعود لبدر الدين أي سامي عيسى».الأسد هدد الحريري
وقال راي إن «الادلة أظهرت أنّ سورية كانت تُهيمن الى حدٍّ بعيد في لبنان، وأرادت الحكومة السورية أن تمدّد ولاية رئيس الجمهورية السابق إميل لحّود والسبيل الوحيد للقيام بذلك كان عبر تعديل الدستور والرئيس السوري بشار الأسد فرض على الحريري تأييد التمديد للحّود»، مشيراً إلى أن «الأسد هدد الحريري وقال له نحن من يضع رئيس لبنان وفرض عليه التمديد للحود».عون
وفي أول تعليق له على قرار المحكمة اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، أن «تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه، يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هددت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان وطاولت شخصية وطنية لها محبوها وجمهورها ومشروعها الوطني». ودعا رئيس الجمهورية، في بيان أمس، اللبنانيين إلى أن «يكون الحكم الذي صدر عن المحكمة، مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الحريري ودعواته الدائمة إلى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من أجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف إلى إثارة الفتنة، لاسيما أن من أبرز أقوال الحريري أن ما من أحد أكبر من بلده». وأعرب الرئيس عون عن أمله في أن «تتحقق العدالة في كثير من الجرائم المماثلة التي استهدفت قيادات لها في قلوب اللبنانيين مكانة كبيرة وترك غيابها عن الساحة السياسية اللبنانية فراغاً كبيراً».دياب
كما أمل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أن يشكل حكم المحكمة «معبراً لإحقاق العدالة وإرساء الاستقرار». وقال في بيان أمس: «نستذكر اليوم الرئيس الحريري الذي ترك بصمات مضيئة في تاريخ لبنان وستبقى إنجازاته في حاضر ومستقبل اللبنانيين».وعلق الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري على قرار المحكمة الدولية، قائلاً، إن «لعنة دم رفيق الحريرري ستبقى على رقبة من اغتاله إلى يوم الدين»، مضيفاً أنه «على حزب الله أن يتعاون مع القرار الذي صدر، بالتالي سليم عياش الذي اتهم، يجب أن يُسلّم للعدالة إذا كان لا يزال على قيد الحياة».أبرز 7 نقاط في الحكم
فيما يلي أبرز ما جاء في حكم المحكمة:1 - سليم عياش هو المذنب الرئيسي بالجريمة، وقد أدين بالقتل وارتكاب عمل إرهابي فيما يتصل بقتل الحريري و21 آخرين.2 - المتهمون الثلاثة وهم حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا، تمت تبرئتهم.3 - لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تقتنع بأن مصطفى بدر الدين كان العقل المدبر لاغتيال الحريري، لكنها أكدت أنه كانت لديه النية وقام بالأفعال اللازمة لوقوع الاغتيال.4 - لا دليل بأن قيادة حزب الله كان لها دور في اغتيال الحريري وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سورية.5 - العقوبة ستحدد لاحقاً، والمحكمة ستواصل النظر بثلاث قضايا أخرى مرتبطة بقضية الحريري وهي محاولتا اغتيال مروان حمادة والياس المر، واغتيال جورج حاوي، متحدثة عن مسار لتعويض المتضررين.6 - «أبو عدس» ليس من نفذ الاغتيال، بل الانتحاري قام بتفجير نفسه ولم يتم التعرف عليه وتبقى هويته مجهولة.7 - اغتيال الحريري عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية.