الوقوع بالفخ
حين نشر مشروع الشرق الأوسط الجديد في مجلة للجيش الأميركي ثم نشرت حيثيات ذلك المشروع ومن ثم قدمت الدراسات لإقناع الولايات المتحدة به، وعرف أصله وأهدافه، ثم ظهرت بوادر تنفيذه، كنت أعتقد أن الحكام العرب والمسلمين كافة يعون ما يحدث، وأن ما جرى في العراق وسورية ثم في اليمن وليبيا لا بد أنه قد أكد للمتشككين أن الخطة في مرحلة التنفيذ، وأن حرب الطوائف التي اشتعلت هي أصل الخطة ووقودها الذي أريد به إشعال الحروب الطائفية تمهيداً لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات طائفية، وتم وضع كل الإغراءات للدول القوية بالمنطقة للاستعداد والتدخل في المناطق التي اشتعلت لتزيده اشتعالا استعدادا للاستحواذ على الغنائم واقتسام خيرات المنطقة.وكان واضحا من البداية أن خطة التقسيم المعلنة لم تكن إلا طُعما فاخراً لم يقصد به أن يسقط الدول العربية بيد أي من القوتين البارزتين في المنطقة وهما إيران وتركيا، ولكنهما تركتا تلعبان من أجل هدف أكبر وأثمن لمن وضع خطة الشرق الأوسط الجديد، وهو دفع دوله للهرولة في اتجاه إسرائيل والولايات المتحدة من أجل الحماية والحفاظ على الحكم.ستخرج إيران وتركيا بخفي حنين أو تتركان تلعبان من أجل إنهاكهما أكثر دون أن تنالا أيا من الأهداف التي ظنتا أنهما موعودتان بها ستسقط الدول العربية في أحضان أعداء العرب والمسلمين ويتحقق بذلك هدف إعلان خطة الشرق الأوسط الجديد دون دخول جندي أميركي أو إسرائيلي، وستذهب الأغنام بنفسها نحو الجزار بعد أن أقنعت نفسها أنه أفضل من الذئاب المحيطة بها.
لا أعلم لمَ لم ير الساسة الفخ المنصوبة، وإلا كيف تحولت إسرائيل وهي الكيان الذي اغتصب وطننا ودمر وقتل خيرة رجالنا، وغزا معظم بلادنا، ولم يستطع إيقافه قانون دولي أو منظمات الأمم المتحدة قاطبة؟ كيف يتحول الكيان الصهيوني المبغوض من كل العالم والمدمر لشعبنا العربي الفلسطيني إلى الدولة الحامية للعرب؟اليهود لا يحبون إلا دمار العرب والحصول على خيرات المنطقة والتوسع فيها وزيادة نفوذ الحركة الصهيونية لتسيطر على كل العالم، ومن يأمن للصهيونية فهو لم يقرأ حرفا واحدا من خططها ومطامعها وألاعيبها، وإذا ظن البعض أن هذا ذكاء للاستفادة من قوة إسرائيل ودعم الولايات المتحدة فإنه يحلم، فإسرائيل لم تنشأ لحماية العرب إنما هدفها الأساسي هو تدمير العرب والاستيلاء على خيرات بلادهم، وإذلال كل حكامها وشعوبها متى ما تمكنت من كل شيء.إيران وتركيا ستخرجان من بلاد العرب بعد أن تستنفذ الصهيونية الغرض من وجودهما، ستخرجان بخفي حنين وبمزيد من المشاكل الداخلية في أوطانهما، والعرب سيأتيهم الويل من سيطرة الصهيونية عليهم.لذلك فإن العقل والمنطق يقولان بدلا من الهرولة تجاه إسرائيل لنعد أنفسنا لمواجهتها، فالصهيونية تعاني كثيرا من الكراهية في أميركا وأوروبا لتغلغلهم في دوائر القرار، وهرولتنا تجاه إسرائيل ستعطيها قوة ليس للسيطرة على أوروبا وأميركا إنما السيطرة على العالم، والمنطق يقول إن العالم سيفرح لو تحرك العرب لتحرير فلسطين والتخلص من هذه الجرثومة التي تنشر أوبئة في كل مكان، فالحل بيدنا لوقف إسرائيل وطرد المحتلين لأرضنا العربية، والوطن العربي لديه كل الإمكانات لتوفير المناخ المناسب لمواجهة إسرائيل وداعميها.