في خطوة من المرجح أن تثير حفيظة دول إقليمية في مقدمتها مصر، أعلنت حكومة «الوفاق» الليبية بزعامة فايز السراج توصلها إلى اتفاق مع قطر لإرسال مستشارين عسكريين قطريين إلى طرابلس.وقال وكيل وزارة الدفاع في الحكومة الليبية، المعترف بها دولياً، صلاح النمروش، أمس، إنه تم التوصل إلى اتفاق مع وزيري الدفاع التركي خلوصي آكار ونظيره القطري خالد بن محمد العطية على التعاون الثلاثي في بناء المؤسسة العسكرية في مجالي التدريب والاستشارات، وإرسال مستشارين عسكريين إلى طرابلس للمساعدة في تعزيز قدرات قوات «الوفاق».
وصرّح النمروش، بعد محادثات مع الوفدين التركي والقطري، بأن الاتفاق يشمل: «إرسال مستشارين عسكريين إلى ليبيا، وإتاحة مقاعد للتدريب في كليات البلدين الشقيقين».وزار وزير الدفاع القطري طرابلس، أمس الأول، أثناء زيارة وزير الدفاع التركي للمدينة، لمناقشة التعاون العسكري الثلاثي بين الدوحة وأنقرة و«الوفاق»، وهو ما يعزز احتمال تزايد التوتر الجيوسياسي في المنطقة.
توسع بحري
وفي وقت سابق، عقد السراج اجتماعا مع الوزيرين التركي والقطري تناول «بحث مستجدات الأوضاع في ليبيا والتحشيد العسكري شرق سرت ومنطقة الجفرة» التي عدتهما القاهرة خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه بعد تقدم قوات «الوفاق» على حساب قوات «الجيش الوطني» بزعامة المشير خليفة حفتر.وعقب اللقاء، تم توقيع اتفاق تركي قطري مع «الوفاق» لجعل ميناء مصراتة قاعدة بحرية لتركيا في المتوسط، وهو ما سيتيح لأنقرة نشر عتاد بحري كبير وقويّ في المنطقة، في إطار مواصلة خططها لتثبيت وجودها العسكري والتجاري في منطقتي شمال إفريقيا وشرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، حيث تتصارع عدة دول على حقوق استخراج النفط والغاز.والاتفاق الثلاثي ينص على إنشاء مركز تنسيق عسكري ثلاثي مقره مدينة مصراتة، وأن تمول الدوحة مراكز ومقرات التدريب لمقاتلي «الوفاق».وأبرم السراج اتفاقا للتعاون الأمني والبحري مع أنقرة تسبب في انتقادات حادة خاصة من اليونان وقبرص، لكن اتفاقه مع قطر يعد الأول من نوعه، ومن المرجح أن يثير انتقادات من القاهرة ودول عربية أخرى خاصة التي تقاطع الدوحة. في غضون ذلك، نشرت تركيا أمس سفينة التنقيب «يافوز»، التي ترافقها 3 سفن إمدادات بحرية، وتحت حماية القوات البحرية التركية قرب قبرص، بعد نشر أنقرة سفينة المسح «عروج ريس» جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية الأسبوع الماضي.أنقرة والقاهرة
إلى ذلك، ووسط خلافات تركية داخلية وانتقادات حول تعاطي الرئيس رجب طيب إردوغان، الداعم لجماعة «الإخوان»، مع مصر، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن أن «أنقرة متأكدة من إمكانية تحقيق حل سياسي في ليبيا، وأنها لا تفضل الحل العسكري في أي بقعة من ذلك البلد». وقال قالن إن بلاده لا تريد الدخول في مواجهة مع أي دولة على الأراضي الليبية، معرباً عن «اعتقاده بإمكانية أن تلعب القاهرة دوراً بناءً في ليبيا».وأعرب المسؤول التركي الرفيع، عن تأييد بلاده لفكرة نزع السلاح من مدينتي سرت والجفرة الخاضعتين لقوات حفتر، مشيراً إلى أن الخطوة ستكون مفيدة لإنهاء الاشتباكات. وأضاف: «إذا صادقت الحكومة الليبية الشرعية على نزع السلاح من سرت والجفرة بشروط يمكن قبولها، فإننا ندعمها، لكن يجب أن تكون الخطوة عادلة وشفافة، فهاتان المدينتان يمكن أن تكونا نافذة الحل السياسي»، مشددا على أن بلاده تعارض أي خطة رسمية أو غير رسمية، لتقسيم ليبيا.مصر واليونان
في السياق، وافق مجلس النواب المصري على الاتفاق الموقع بين القاهرة وأثينا حول تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين في البحر المتوسط، والذي رفضته أنقرة بشكل قاطع، وقامت بعدها باستئناف عملياتها البحرية للتنقيب عن الغاز والنفط وسط توتر عسكري حاد مع اليونان والاتحاد الأوروبي وقبرص.جاء ذلك، بعد أن وصلت المواجهة الناجمة عن الخلافات الإقليمية والصراع من أجل حقوق استخراج النفط والغاز على الجرف، بين أثينا وأنقرة، إلى مستوى شديد الخطورة عقب احتكاك فرقاطتين تابعتين لقوات البلدين البحرية خلال مناورات في منطقة عمليات سفينة أبحاث تركية، في حين نشرت فرنسا قطعا بحرية لدعم اليونان الأسبوع الماضي.اتهامات المسماري
وفي وقت سابق، اتهم المتحدث باسم «الجيش الوطني الليبي»، اللواء أحمد المسماري، الرئيس التركي باستغلال الهدوء الحالي في ليبيا لتدريب «الإرهابيين» استعدادا لمعركة سرت والجفرة.وأكد المسماري، في تصريحات أمس الأول، أن «ملف التسليح والإنفاق ونقل المرتزقة والدواعش من أقدم الملفات أمام المجتمع الدولي في ليبيا»، مشيراً إلى أنه «تم نقل آلاف من المرتزقة منذ يونيو من العام الماضي حتى الآن».وتمكّنت حكومة «الوفاق»، بدعم من حليفها التركي، من صد الهجوم الذي شنّه حفتر على طرابلس في أبريل 2019، واستعادت في يونيو الماضي السيطرة على كامل شمال غرب البلد.وتشهد ليبيا حالة من الفوضى والصراع بعد الإطاحة بالرئيس معمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي في عام 2011.ومنذ عام 2014، انقسمت، مع سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً على طرابلس والشمال الغربي، بينما يحكم حفتر بدعم من البرلمان المعترف به دوليا بزعامة عقيلة صالح الجانب الشرقي من البلاد.