يعتبر مراقبون أن مصير الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي يحكم البلاد منذ 26 عاماً، بات بيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الوحيد القادر على إنقاذه من خلال دعم نظامه أو الضغط عليه لمغادرة السلطة بسرعة.

ويتعرض لوكاشينكو الملقب بـ «آخر دكتاتور في أوروبا»، ويطلق عليه أنصاره اسم «باتكا»، التي تعني باللغتين الروسية والبيلاروسية «الوالد»، كناية عن الهيمنة الأبوية على مقاليد الدولة البيلاروسية، لأكبر حراك معارض بعد انتخابات رئاسية أعلن أنه فاز فيها بولاية سادسة بنسبة 80 في المئة من الأصوات رغم اتهامات كثيرة بالتزوير.

Ad

وعشية قمة استثنائية بشأن بيلاروسيا للدول

الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اليوم، أجرى بوتين اتصالات بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال حول بيلاروسيا. كما اجرى اتصالاً هو الثالث بلوكاشينكو. وبينما دعا بوتين الأطراف الأوروربية التي تهدد بتوسيع العقوبات على مينسك، الى التصرف وفق مبدأ «عدم التدخل في الشؤون الداخلية»، طالبه الرئيس الفرنسي بتسهيل الحوار والتهدئة في هذا البلد الذي يفصل بين أوروبا وروسيا.

ودعا ماكرون بوتين إلى «تسهيل التهدئة والحوار» لحل الأزمة في بيلاروسيا، في وقت أكدت ميركل أن مينسك يجب أن «تنبذ العنف» وتباشر حواراً مع المعارضة. من جهته دعا ميشال إلى «حوار سلمي وفعلي شامل».

وكان لوكاشينكو أعلن، امس الاول، أن بوتين عرض عليه التدخل عسكرياً لدعم الجيش في بيلاروسيا، لكن موسكو التزمت الصمت ولم تؤكد هذا التعهد الذي تعرض لانتقاد من مشرعين أميركيين بارزين.

وأشار بعض المحللين الغربيين، الذين طالما زعموا أن بوتين قد يكرر غزوه جورجيا في عام 2008 أو غزوه أوكرانيا في عام 2014، إلى أن هذه التصريحات تعتبر مؤشرا على اقتراب انتشار عسكري روسي آخر.

إلا أن أغلب مراقبي الكرملين، يتوقعون أن يبقى الرئيس الروسي على الهامش ظاهريا، بينما يضغط الكرملين سراً على لوكاشينكو، لإيجاد طريقة ما لنزع فتيل الأزمة.

وشدد أرتيوم شريبمان، المعلق السياسي المقيم في مينسك، على أن تصريحات الكرملين تضمنت الكثير عن الصداقة بين الشعبين، ولا كلمة واحدة عن دعم الرئيس البيلاروسي الحالي، مضيفا أن الكرملين قرر الانتظار والترقب.

وسعى زعماء المعارضة بوضوح الى طمأنة موسكو.

وقالت ماريا كاليسنيكافا، وهي حليفة مهمة لمرشحة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا، في رسالة نشرها أمس رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو» الروسية على تطبيق تليغرام، إن روسيا هي شريك مهم لبيلاروسيا «ونحن ندرك ذلك ونقبله».

وأضافت أنه يتعين على بيلاروسيا الحفاظ على «جميع الاتفاقيات القائمة» مع الشركاء الأجانب، ومن بينهم روسيا.

وواصل مناصرو المعارضة تظاهراتهم، بينما أعلنت القوى السياسية تشكيل «مجلس تنسيق لانتقال الحكم».

واحتشد متظاهرون، أمس، أمام مركز اعتقال حيث يوجد سيرغي تيخانوفكسي الموقوف منذ 29 مايو الماضي، زوج زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا (37 عاماً) التي لجأت إلى ليتوانيا بعد نتائج الانتخابات التي ترشحت فيها.

وحمل المتظاهرون وروداً وبالونات بلوني المعارضة الأحمر والأبيض، وأنشدوا لتيخانوفكسي أغنية بمناسبة عيد ميلاده الـ 42 وصفّقوا.

ومساء أمس الأول، ردد المتظاهرون أسماء «السجناء السياسيين» أمام أحد مراكز الاعتقال في العاصمة، مطالبين بالإفراج عنهم.

وأعربوا أيضاً عن دعمهم لبافيل لاتوشكو، وهو وزير ثقافة سابق ومدير المسرح الأكاديمي الحكومي الذي أُقيل أمس الأول من هذا المنصب، لأنه دعا بشكل علني إلى انتخابات جديدة، ورحيل لوكاشينكو.

وتكثّف الدعم لمطالب المعارضة، خصوصاً من خلال الإضرابات في عدة شركات، وفي قطاعات صناعية حيوية بالنسبة لاقتصاد البلاد.

وحصلت، أمس الأول، مواجهة حادة بين لوكاشينكو وعمال مصنع جرارات زراعية كبير في مينسك، وهتفوا أمامه «ارحل»، في حين كان يلقي كلمته ويجيب عن الأسئلة.

وقال لوكاشينكو، خلال خطابه في مصنع الجرارات الزراعية: «لن أفعل أي شيء تحت الضغط. طالما لم تقتلوني، فلن تكون هناك انتخابات»، واصفاً المتظاهرين بـ «الخواريف والجرذان».

لكنه أشار إلى أنه مستعدّ لتنظيم انتخابات جديدة بعد تبني دستور جديد، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، قائلاً: «لنخضعه للاستفتاء، دعونا نتبنَّ الدستور، وسأنقل لكم الحكم، لكن ليس تحت الضغط، وليس في الشارع».