مع تسمية الحزب الديمقراطي جو بايدن مرشحاً رسمياً لخوض انتخابات الرئاسة في مواجهة خصمه الجمهوري دونالد ترامب، توقع المراقبون أن تلعب تعبئة الأميركيين السود دوراً أساسياً في ترجيح الكفة أحدهما في الثالث من نوفمبر. وأبدى العضو الديمقراطي في مجلس ويسكونسن ديفيد باون مخاوف من أن يواجه الناخبون السود مجدداً عقبات تعوق وصولهم إلى صناديق الاقتراع، لكنه اعتبر أنه بعد التظاهرات العرقية الحاشدة ضد عنصرية الشرطة «أدرك البعض مدى أهمية تصويتهم».ويؤكد أوسكار والتون، الذي يعمل في جمعية لمساعدة المشردين، أنه رغم تخلي الحزب الديمقراطي إلى حدّ ما عن السود، فإن سيختار مرشحه حتى لو لم يثر حماسته، معتقداً أن بإمكانه «الحفاظ على الموقع ريثما يصل شخص آخر لأنه لا يمكن إبقاء ترامب أربع سنوات إضافية».
وفي برونزفيل، الحي التاريخي للسود في ميلووكيي أكبر مدن ولاية ويسكونسن، التي تتسم باختلاط أكبر من باقي المناطق الريفية في ولاية الغرب الأوسط وأثار ترامب صدمة كبرى في 2016 بعد تسجيل سلسلة انتصارات فيها وتقدم بفارق أقل من 25 ألف صوت، اعتبر مدير أول مكتب للحملة الجمهورية كينزر سينات أن «ترامب فعل في الواقع للسود كل ما فعله أي رئيس آخر على الأقل».وفي سعيه لإقناع سكان الحي، يشدد سينات على ثغرة أساسية برأيه في مسار جو بايدن، وهي العدد الكبير من السود خلف القضبان نتيجة قانون دعمه في التسعينيات.وفي حجج لا تلقى الكثير من التجاوب بين السكان، يلفت بنبرة هادئة في المكتب المزين بلافتات تحمل عبارة «أصوات سوداء لترامب» إلى الماضي المتشدد لنائبته المحتملة كامالا هاريس عندما شغلت منصب المدعية العامة في سان فرانسيسكو ثم في ولاية كاليفورنيا وهو موضع جدل.وفي اليوم الثاني من مؤتمره العام، رشح الحزب الديمقراطي بايدن رسمياً لخوض الانتخابات متعهداً بأن يصلح انتخابه الأمور في البلد الذي تعصف به جائحة كورونا وينهي الفوضى التي اتسمت بها إدارة ترامب.ونظراً إلى عقد المؤتمر عبر الإنترنت لأول في سابقة تاريخية، صوت مندوبو الحزب عن بعد لتأكيد ترشيح بايدن عبر أسلوب قراءة الأسماء الفردية.وظهر بايدن في بث مباشر مع زوجته جيل وشكر الحزب لترشيحه بعد أكثر من ثلاثة عقود على محاولته الأولى الفاشلة لخوض الانتخابات.وفي اليوم الثاني من المؤتمر الديمقراطي، دفع سياسيون مخضرمون، منهم الرئيسان السابقان بيل كلينتون وجيمي كارتر، وديمقراطيون صاعدون وشخصيات معروفة من الحزب الجمهوري بأن بايدن سيستعيد شرف ونزاهة البيت الأبيض ويعمل على إعادة حياة الأميركي إلى طبيعتها.وطيلة الأمسية قارن القادة الديمقراطيون الباع الطويل لبايدن مع ما وصفوه بأنه سوء الإدارة المريع من جانب ترامب ورغبته في إفساد المؤسسات.وقال كلينتون: «في وقت مثل هذا، يجب أن يكون المكتب البيضاوي مركز قيادة لكنه أصبح مركز عاصفة. هناك فوضى فحسب. شيء واحد فقط لا يتغير قط، إصراره على إنكار المسؤولية وإلقاء اللوم». وفي حين وصف بايدن بأنه «رئيس متواضع ينجز مهامه»، أكد كلينتون أن ترامب «غير قادر على القيادة وفي أزمة حقيقية سينهار البلد مثل بيت من ورق»، منتقداً قضائه ساعات في اليوم في مشاهدة التلفزيون وانتقاد الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي. وأثنى كارتر، الذي كان وكلينتون نجمي الأمسية، على بايدن ذاكراً «خبرته وشخصيته ولباقته»، مؤكداً أنه قادر على «توحيدنا وترميم عظمة أميركا».واختتمت الأمسية بشهادة مؤثرة لجيل أشادت فيها بشجاعة زوجها الذي عرف في حياته مأساتين شخصيتين، حين قضت زوجته الأولى وابنته في حادث سير عام 1972، ثم مع وفاة ابنه البكر بو جرّاء السرطان عام 2015.وحصل بايدن على تأييد شخصيتين تحظيان بالاحترام في الحزب الجمهوري، هما الجنرال ووزير الخارجية السابق كولن باول وسيندي ماكين أرملة السناتور جون ماكين بطل حرب فيتنام الذي توفي عام 2018 والذي كان ترامب يبغضه بشدة، وهما يريان أن بايدن قادر على توحيد المعتدلين من الطرفين.وفي محاولة لجذب الانتباه، واصل ترامب تجواله مركزاً جهوده على ولايات حاسمة، قبل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي سيعلن في ختامه قبول ترشيحه لخوض الانتخابات من حدائق البيت الأبيض في 27 أغسطس.وبعد مينيسوتا وويسكونسن وأيوا، عقد ترامب مؤتمراً انتخابياً في أريزونا، التي تعد من الولايات الصعبة وقد تميل لأي من الحزبين وتلعب دوراً حاسماً في النتيجة، دافع فيه عن حصيلته في مكافحة الهجرة ووصف خطة الخاصة ببايدن لها بأنها «راديكالية» و»متطرفة».ومع استمراره في تصوير خصمه على أنه دمية في يد اليسار الراديكالي، سعى ترامب إلى تعبئة قاعدته الانتخابية المحافظة محذراً من «الأمر يتخطى الاشتراكية، فالصين تريده أن يفوز وإيران تريده أن يفوز!»، طارحاً نفسه في دور المفاوض الصلب.
دوليات
الأميركيون السود يحسمون السباق إلى البيت الأبيض
20-08-2020