خلافاً للتصريحات النارية، التي تطلقها دوائر صنع القرار في إيران، بمواجهة احتمال تحقيق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب اختراقاً يسمح لها بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، وفق "آلية الزناد" (سناباك) في الاتفاق النووي رغم المعارضة الواسعة للخطوة، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين إيرانيين كبار أن الجمهورية الإسلامية قد تبتلع إعادة فرض العقوبات بشكل مؤقت، على أمل أن يخسر ترامب في الانتخابات المقبلة ضد جو بايدن، الذي أعلن أنه سيعود للاتفاق الدولي.ورغم ربط طهران قبل خمس سنوات التزامها بالاتفاق النووي بعدم التطرق لمسألة معاودة فرض العقوبات، قال ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار، إن القيادة الإيرانية مصممة على مواصلة التقيد بالاتفاق على أمل أن يفضي فوز بايدن، منافس ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، إلى إنقاذه.
وقال مسؤول كبير، له صلة بالمناقشات الخاصة بسياسة إيران النووية مشترطاً عدم نشر اسمه: "حالياً القرار هو الاستمرار في الاتفاق حتى إذا ارتكب الأميركيون أكبر أخطائهم بتفعيل آلية التراجع".وأضاف المسؤول: "سنظل هنا، لكن ترامب ربما لن يكون في البيت الأبيض خلال أشهر".وذكر العديد من المسؤولين الإيرانيين، أن مصير الاتفاق النووي الهش الذي أبرمته بلادهم مع القوى الكبرى في 2015 معلق بنتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية لا بمسعى واشنطن لمعاودة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على طهران، بعد فشلها في تمرير قرار أممي بتمديد حظر السلاح الذي ينتهي 18 أكتوبر المقبل.وكان بايدن قال، إنه سيعود للاتفاق النووي لكن إذا عاودت إيران الالتزام به أولا.
تحريك بومبيو
في هذه الأثناء، قال دبلوماسيون، إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد يتوجه إلى الأمم المتحدة في نيويورك اليوم لمحاولة بدء عملية لإعادة العقوبات على إيران وفق "آلية الزناد"، أو ما يطلق عليه "سناباك"، رغم تشكيك دولي واسع في قدرة واشنطن على الاستفادة من مميزات الاتفاق الذي أعلنت إدارة ترامب الانسحاب منه عام 2018.وذكرت مصادر في مجلس الأمن الدولي، أن بومبيو ربما يسعى لاستخدام اجتماع للمجلس تتم فيه المشاركة بالحضور، وهو أمر نادر الحدوث خلال جائحة فيروس كورونا، لتفعيل آلية "سناباك" عبر تقديم شكوى ضد انتهاك طهران للاتفاق النووي.مراحل ومعركة
وبموجب آلية الزناد، يمكن للأطراف المشاركة في الاتفاق النووي الادعاء بأن الطرف الآخر في الاتفاقية لم يف بالتزاماته، وبالتالي، بعد عملية قانونية من 4 مراحل تستغرق ما مجموعه 65 يوما، تتم إعادة عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.وسيكون على واشنطن أن تتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بشأن انتهاك إيران للاتفاق. وبعد ذلك على مجلس الأمن التصويت في غضون 30 يوما على قرار لاستمرار تخفيف العقوبات المفروضة على إيران. وما لم يتم اعتماد مثل هذا القرار بحلول الموعد النهائي وهو ما يمكن أن تعرقله واشنطن عبر استخدام حق النقض "الفيتو"، فسيتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة التي كانت سارية قبل الاتفاق النووي تلقائيا.ولم يتضح كيف يمكن لموسكو أو بكين أو أي أعضاء آخرين في مجلس الأمن أن يحاولوا منع واشنطن من إعادة فرض العقوبات، أو ما إذا كانت هناك أي طريقة ممكنة من الناحية الإجرائية.وقال دبلوماسيون، إن بعض الدول ستجادل على الأرجح بأن الولايات المتحدة لا تستطيع من الناحية القانونية تفعيل إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، وبالتالي فإن هذه الدول لن تعيد فرض الإجراءات على إيران.في المقابل، تؤكد واشنطن أنها مازالت مذكورة في قرار الأمم المتحدة الخاص بالاتفاق النووي، وأن بإمكانها تفعيل "سناباك" لإعادة فرض العقوبات، لأن إيران التي قلّصت التزاماتها النووية بموجب الاتفاق خرقت المعاهدة الموقعة عام 2015.تهديد إيراني
في غضون ذلك، جدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس، التأكيد على أن واشنطن ليس لها الحق في اللجوء إلى "آلية الزناد" بموجب القرار 2231.وأثناء كلمته، في اجتماع الحكومة، قال روحاني إن "القرار 2231 ينص على أن أطراف الاتفاق النووي أو أحد أطرافه، باستطاعته تفعيل آلية الزناد، والولايات المتحدة لم تعد طرفاً في الاتفاق".وحذر من أن "العالم يعرف ما سيحدث إذا سلكت الولايات المتحدة هذا الطريق"، في إشارة إلى تهديد طهران بالانسحاب من الاتفاق الذي يقيد خطوات تطويرها لسلاح ذري.وأعرب روحاني عن شكره للدول الإحدى عشرة التي لم تصوت على مشروع القرار الأميركي لتمديد حظر الأسلحة المفروض على بلاده، كما أثنى بشكل خاص على "البلدين الصديقين روسيا والصين" اللذين صوتا ضد القرار.في السياق، أكدت المملكة العربية السعودية تأييدها لكل إجراء دولي من شأنه المساهمة في "تكبيل أيدي إيران التخريبية"، بعد رفض مجلس الأمن الدولي تمديد قرار حظر الأسلحة المفروض على طهران.وجاء ذلك في اجتماع افتراضي لمجلس الوزراء السعودي، برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمس الأول. وخلال الاجتماع، أفاد وزير الإعلام عصام سعيد بأن رفض مجلس الأمن الدولي تمديد حظر الأسلحة، الجمعة الماضي، من شأنه زيادة "تأجيج حجم الصراعات في المنطقة، التي عانت من التدخلات الإيرانية". ولاحقاً، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إنه بحث مع نظيره الألماني هايكو ماس ضرورة تمديد حظر السلاح على طهران.في موازاة ذلك، نشرت القيادة المركزية بسلاح الجو الأميركي، صوراً من عمليات تزويد الوقود التي ينفذها عناصر بالقوات الأميركية الموجودة في قاعدة الأمير سلطان في السعودية، وعلقت عليها قائلة: "طيارون في قاعدة الأمير سلطان، يتأكدون من أن طائرات الـ UH-60s والـ F-15s مستعدة لتنفيذ المهام".إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة، أمس، عقوبات على شركتين مقرهما الإمارات بتهمة تقديم الدعم لشركة طيران ماهان الإيرانية التي تدرجها أميركا على القائمة السوداء.وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، إنها أدرجت شركتي "بارثيا كارغو" لخدمات الشحن و"دلتا بارتس ساب إف زد سي" لقيامهما بتوفير قطع الغيار وتقديم الخدمات اللوجستية الرئيسية لـ "ماهان".وفرضت أيضا عقوبات على المواطن الإيراني المقيم بالامارات أمين مهدوي لامتلاكه أو استحواذه على "بارثيا كارغو".