خالد رمضان: غاب المسرح الجاد وازدهرت السطحية
أكد د. خالد عبداللطيف رمضان أن المسرح الجاد غاب عن المشهد المحلي، وازدهرت العروض السطحية الترفيهية.
نظمت رابطة الأدباء الكويتيين محاضرة بعنوان "قضايا مسرحية" قدمها الأمين العام للرابطة د. خالد عبداللطيف رمضان، وحاورته عضوة مجلس الإدارة د. جميلة سيد علي، وذلك عبر البث المباشر على حساب الرابطة بالانستغرام.وفي مستهل حديثه، قال د.رمضان إن "المسرح الحقيقي الهادف بإمكانه أن يكون أكثر تأثيرا حتى من البرلمان؛ لأنه يصل إلى الجمهور، ويتعرف على متطلباتهم، ويطرح الفكر من خلال المتعة، ولذلك للمسرح تأثير كبير"، لافتا الى أن "الجمهور يخرج عادة من العرض المسرحي وهو يطرح تساؤلات حول قضية ما، فيصبح شريكا في القضية التي طُرحت على أرض المسرح، ومن هنا بإمكان المسرح أن يكون أداة توعية كما استُخدِم في بعض البلدان".
قضايا جماهيرية
وأضاف أن للمسرح تأثيرا عندما يكون جاداً في طرحه للقضايا الجماهيرية، وأي مسرح لا يمكنه أن يقدم مسرحية دون أن يعرف الجمهور الذي يتوجه إليه، والبداية من الكاتب ثم المخرج يجب أن يعرفا إلى أي جمهور أو فئة أو شريحة سيقدمان العمل، لذا يجب أن يحمل النص رسالة للجمهور، ويطرح الفكر من خلال المتعة، لذلك يجب أن يكون هذا المسرح بعيدا عن الابتذال. وتابع "على سبيل المثال كنا في الكويت خلال فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي نشاهد العائلة الكويتية تذهب إلى المسرح بانتظام، أما الآن فاختفى هذا الأمر؛ لأن الجمهور لا يجد مسرحيات جماهيرية تطرح قضايا بشكل جاد، والموجود على الساحة اليوم عروض موجهة للشباب والصغار، وفيها نوع من أنواع التأثير السطحي، وفي مراحل معينة قُدمت مسرحيات تخدش الحياء في حواراتها".وعن القضية الإنتاجية، قال رمضان: "إن المنتجين يقبلون الآن على تقديم مسرحيات إلى جمهور الشباب الصغار، تتسم بالكوميديا؛ لأن هذا النوع من الجمهور يأتي إلى المسرحية بغرض الترفيه، وهي سهرة بالنسبة له، وبدأت هذه الظاهرة عندنا في النصف الثاني من الثمانينيات من القرن الماضي"، مشيرا إلى أن المسرحيات في هذه المرحلة تضمنت موسيقى، وغناء، واستعراضا، وتقليدا، وتمثيلا". وأضاف أن "الشاب في هذا العمر لا يجد مكانا يذهب إليه ليستمتع، ولا يوجد أمامه أي وسيلة أخرى للترفيه غير المسرح، فنجده يذهب إلى المسرحية عدة مرات، ولذلك هناك إقبال شبابي كبير على هذا النوع من المسرحيات، التي لا يكون فيها انضباط خاصة في حواراتها وتعليقاتها، ولذلك بدأ عدم إقبال العائلات عليها، واقتصر حضورها على الشباب".وذكر أن "المنتج أصبح لا يكسب إلا من مثل هذا النوع من الأعمال، ولو قدم مسرحيات موجهة إلى الكبار والعائلات فلن يستطيع أن يغطي تكاليف إنتاجها مع زيادة أجور الممثلين، فضلا عن أنه بات يقدم عرضين في اليوم الواحد، ويستمر العرض الثاني حتى الفجر، لذلك أصبح المسرح وقتها مكانا للسهر والترفيه". وأوضح أن ذلك شجع المنتجين الآخرين على دخول السوق بهذا النمط من المسرح، وأصبح الكتّاب والمسرحيون الجادون يستنكفون عن الدخول في هذه المعمعة، وصارت العروض الجادة والنوعية لا تقدم إلا في المناسبات، وخاصة في المهرجانات المسرحية.الجوائز
وعن الجوائز، قال رمضان: "ما زلنا نحصد الجوائز في المهرجانات، ولدينا، ولله الحمد، كوادر بشرية في المسرح في كل المجالات بالكتابة، والإخراج، والتمثيل، لكن لا يستطيعون أن يقدموا إبداعاتهم إلا في العروض النوعية التي تشارك في المهرجانات"، موضحا أن "هناك جمهورا يتابع هذه العروض ونجد صالات العرض ممتلئة عند تقديمها". وبين أن "المشكلة في العروض الجماهيرية أن هناك نوعا واحدا منها فقط، وهي العروض التجارية السطحية التي تخاطب فئة من صغار السن، أما المسرحية التي تخاطب العائلة الكويتية وتمتعها وتطرح فكرة فقد اختفت، وعلى سبيل المثال كانت الفرق الأهلية تقدم هذا النمط المسرحي، وأثرت الساحة الخليجية بعدد من الأعمال، إضافة إلى أن المسرح الخاص قدم نماذج راقية أيضا"، مضيفا "نحن نريد مسرحا يرتاده الجمهور شهرا أو شهرين، حتى تتحقق الفائدة، وهذا للأسف ما نعانيه، وهو غياب المسرحية الجادة وازدهار العروض السطحية".الإنتاج
وعن الإنتاج، أوضح رمضان أنه "أصبح الآن مكلفا جدا، والإيراد في المسرح محدود بسبب محدودية الصالة وعدد المقاعد، والمنتج لا يستطيع أن يغطي تكاليف الإنتاج ويحقق أرباحا، لذلك سيخسر حتما، في ظل ارتفاع أجور الممثلين التي وصلت، للأسف، إلى أرقام فلكية، وساعد على ذلك التلفزيون، فالدراما التلفزيونية عندما انتشرت، ونجحت، ارتفعت الأجور فيها جدا"، موضحا "في الماضي كان الممثلون يبدون أحيانا استعدادهم للمشاركة في العروض مجانا، لكن الآن لا، فلا يمكن للممثل أن يقوم بأداء دور دون أن يطالب بأجر كامل".«مركز جابر»... والعروض الناضجة
قال د. رمضان إن المسرح يختلف عن كتابة القصة والشعر أو الرواية، ولم يعد مغرياً للكُتاب أن يدخلوا في معمعة كتابة النص المسرحي، "ولذا وجدنا من الروائيين من يقتحم مجال الدراما التلفزيونية، ونجحوا نجاحا منقطع النظير مثل منى الشمري". وأضاف رمضان أن "الدراما التلفزيونية تصل إلى كل بيت، لكن عندما أكتب مسرحية قد تنتج أو لا تنتج، وإذا أُنتجت لا أعرف مدى نجاح عرضها، ومدى الإقبال الجماهيري عليه، وهل هناك قدرة على توفير المستلزمات الإنتاجية اللازمة، وغيرها، لذلك نجد الكتّاب يتجهون إلى الدراما التلفزيونية، لأنها توصلهم إلى الجمهور أكثر، وتحقق لهم المكانة والشهرة، وتحقق الفائدة من الكتابة".وأوضح أن "لدينا الكثير من كتاب المسرح، لكن هناك عوامل أبعدتهم عن الأعمال الجماهيرية، فهم يكتبون مسرحيات نوعية للمهرجانات"، مضيفا "كما أن لدينا عددا كبيرا من المخرجين والممثلين الشباب، وعناصر متمكنة من أدواتها الفنية في المسرح النوعي". وأشاد بدور مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، قائلا: "إنه قدم عرضين مسرحيين أحدهما لسعود السنعوسي، والآخر لعبدالعزيز السريع، وأرجو أن تستمر هذه التجربة بتقديم عروض جماهيرية، ويترك المسرح النوعي للجهات التي تقدمها"، موضحا أن "ما نفتقر إليه هو المسرح الجماهيري الناضج، وبإمكان مركز جابر أن يتولى هذه المهمة، وخاصة أن بإمكان العائلة الكويتية الآن أن تذهب إليه".
بعض حوارات المسرحيات في وقتنا الراهن تخدش الحياء