أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الخارجية مايك بومبيو بإخطار مجلس الأمن بعزم واشنطن إعادة تفعيل كل العقوبات الدولية على إيران عملياً، وفق الآلية المعروفة بـ«الزناد» أو «سناباك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي رغم معارضة باقي أعضاء الاتفاق الذي انسحب منه عام 2018.

وفي مؤتمر عقده في البيت الأبيض، ليل الأربعاء ـ الخميس، توقع ترامب أن يفوز بالانتخابات المقبلة وأن تهرع طهران إليه طلباً لاتفاق جديد.

Ad

وقال ترامب: «في الشهر الأول الذي سيلي فوزي في الانتخابات، ستأتي إيران وتطلب منا التوصّل إلى اتفاق بسرعة كبيرة لأنّ حالهم ليست على ما يرام».

وجدد ترامب تأكيده أن الاتفاق النووي كان «تسوية كارثية»، منتقداً سلفه الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن خصم ترامب في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر المقبل.

تبليغ وتحذير

وبعيد تصريح ترامب، توجه وزير الخارجية الأميركي بومبيو إلى نيويورك لإخطار مجلس الأمن بـ«هذا التبليغ»، في مرحلة أولى من إجراءات معقدة يمكن أن تسبب انقساماً طويل الأمد بين القوى الكبرى وعزل واشنطن.

ووفق وزارة الخارجية فإنه «بعد ثلاثين يوما على تبليغ بومبيو، سيعاد فرض سلسلة من عقوبات الأمم المتحدة وكذلك مطالبة إيران بتعليق كل نشاطاتها المرتبطة بتخصيب» اليورانيوم، بينما «سيتم تمديد حظر السلاح على إيران لمدة 13 عاماً أخرى».

ولاحقاً، صرح بومبيو بأنه ينتظر أن «تحترم كل دول العالم التزاماتها». وحذر وزير الخارجية الأميركي، روسيا والصين، من تجاهل إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران.

ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستستهدف موسكو وبكين بعقوبات إذا رفضتا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، قال بومبيو: «بلا شك».

وأضاف: «لقد قمنا بذلك بالفعل، حيثما وجدنا أي دولة تنتهك العقوبات الأميركية الحالية، حملنا كل دولة المسؤولية عن ذلك. سنفعل نفس الشيء فيما يتعلق بعقوبات مجلس الأمن الأوسع نطاقاً».

ومن المنتظر أن تسرع خطوة بومبيو عبر تقديم شكوى بشأن انتهاك إيران للاتفاق النووي إلى سفير إندونيسيا لدى الأمم المتحدة ديان تريانسيان دجنان رئيس المجلس في أغسطس الجاري، الصدام بين واشنطن وباقي أطراف الاتفاق النووي وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا.

ويقول دبلوماسيون، إن عملية العودة لفرض جميع العقوبات ستكون «فوضوية» لأن روسيا والصين ودولاً أخرى تشكك في مشروعية الإجراء الأميركي نظراً لأن واشنطن نفسها لم تعد تمتثل للاتفاق المبرم عام 2015.

وجاء استعجال ترامب لتقديم الشكوى بعد أن تلقت واشنطن صفعة قوية في مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، عندما لم تصوت إلا دولة واحدة هي جمهورية الدومينيكان، معها، على مشروع قرار أميركي لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران والذي ينتهي بموجب الاتفاق النووي في 18 أكتوبر المقبل.

وبمجرد أن يقدم بومبيو الشكوى إلى مجلس الأمن، سيكون أمام المجلس 30 يوماً لتبنّي قرار بتمديد إعفاء طهران من العقوبات، وإلا يعاد تفعيل العقوبات تلقائياً.

وستستخدم الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ضد أي محاولة لتمديد الإعفاء من العقوبات. وتنوي إدارة ترامب الاستناد إلى وضعها كبلد «مشارك» في الاتفاق النووي بحجة أن قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر الاتفاق يشمل كل الموقعين الأوائل للنص.

مساعدة بريطانيا

في هذه الأثناء، أفاد تقرير بأن واشنطن كثفت الضغط على بريطانيا لدعم تحركها لإعادة فرض العقوبات على إيران. وذكرت مصادر بريطانية أن دبلوماسياً أميركياً كبيراً طلب توضيحاً لموقف رئيس الوزراء بوريس جونسون بشأن إذا كانت لندن «تدعم السماح لأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بشراء السلاح وبيعه».

في المقابل، وصفت روسيا التصريحات الأميركية بشأن معاودة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران بالعبثية التي لا أساس لها. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن بلاده تدين نية واشنطن إعادة العقوبات ضد إيران، مؤكداً استمرار تعاون موسكو مع طهران رغم التهديدات الأميركية لروسيا والصين.

بدورها، اعتبرت بكين أن خطوة واشنطن غير قانونية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغيان، إن واشنطن لا يحق لها طلب إعادة فرض عقوبات أممية على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.

وفي المعسكر الأوروبي، ذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أن بلاده لا تعتبر أن الولايات المتحدة تعتمد على أساس قانوني لتفعيل آلية فرض العقوبات، محذراً من أن هذه الحيلة ستواجه رفض كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً.

صاروخ سليماني

وقبل ساعات من تقديم الشكوى الأميركية، قامت القوات المسلحة الإيرانية باختبار صاروخين بالستيين من طراز كروز، فيما أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، تحضيرها خطوات رئيسية لزيادة قدرة تخصيب اليورانيوم، على خلفية خطط واشنطن لإعادة فرض العقوبات ضد طهران.

وكشفت إيران عن الصاروخين بحضور الرئيس حسن روحاني ووزير الدفاع علي حاتمي، وأطلقت على الأول اسم «قاسم سليماني»، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الذي قتل بغارة أميركية قرب مطار بغداد يناير الماضي، والثاني اسم «أبو مهدي المهندس»، نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقي الذي قتل معه بنفس الغارة.

وذكرت طهران أن صاروخ «سليماني» يصل مداه إلى 1400 كيلومتر، وصاروخ «المهندس» يصل مداه إلى أكثر من ألف كيلومتر.