التقت، أمس، المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حصن بريغانسون، الذي يرجع تاريخه إلى العصور الوسطى بجزيرة في البحر المتوسط لرسم الخطوات التالية في شراكة تمثل القوة الدافعة وراء الاتحاد الأوروبي وإعادته لمساره المنشود.

وبعد البريطانية تيريزا ماي في عام 2018 والرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، تعد ميركل ثالث زعيمة يدعوها ماكرون إلى حصن بريغانسون المبني على نتوء صخري يطل على الشاطئ اللازوردي، ويثير إعجاب الرئيس الفرنسي الحالي أكثر من أسلافه.

Ad

ورغم العلاقات القوية التي ربطت بين ميركل والعديد من الرؤساء الفرنسيين خلال فترة توليها منصبها، فإنها أول مرة تُدعى فيها إلى مقر الإقامة الصيفي التقليدي للرئاسة الفرنسية.

وآخر زيارة قام بها مستشار ألماني إلى القلعة الساحلية في عام 1985، وكانت لهيلموت كول.

وداخل أسوار بريغانسون، المقر الصيفي التقليدي لزعماء فرنسا، تناول الزعيمان أكثر القضايا إلحاحا على المسرح العالمي.

وقال مسؤول برئاسة الجمهورية في فرنسا، إن البحث تناول لبنان والاحتجاجات المناهضة للحكومة في بيلاروسيا وأزمة "كوفيد 19" والانقلاب العسكري في مالي والتوتر القائم بين اليونان وتركيا من جهة واليونان وقبرص من جهة أخرى في شرق البحر المتوسط والأوضاع في ليبيا والاستحقاقات الأوروبية المقبلة.

ويؤكد محيط الرئيس الفرنسي أن برلين وباريس تتقاسمان "مستوى عالياً من التفاهم" بشأن كل هذه الملفات، مشيداً "بالحيوية" التي استعادها "الثنائي الألماني الفرنسي". وأكد هذا التفاهم بشكل واضح كل من ماكرون وميركل خلال القمة الأوروبية "التاريخية" التي عقدت في بروكسل.

فخلال خمسة أيام بذلا معاً جهوداً شاقة لدفع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد إلى قبول خطة إنعاش بقيمة 750 مليار يورو لمساعدة بلدان الاتحاد الأوروبي على تجاوز الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد.

لكن هذا الاتفاق ما زال ينتظر تطبيقه الذي يتطلب مصادقة البرلمان الأوروبي عليه، كذلك برلمانات الدول الـ27 الأعضاء، قبل نهاية العام إذا كان ذلك ممكناً.

وفي الوقت نفسه سعت ميركل، التي تضع إنجازاتها نصب عينيها مع اقتراب 15 عاماً قضتها في مقعد السلطة من نهايتها، لتدعيم ما تحقق من تقدم في بعض الأهداف القديمة، إضافة للتعامل مع الأحداث اليومية على الساحة العالمية.

وأفاد مصدران بالحكومة الألمانية بأن من هذه الأهداف البتّ في شكل العلاقة بين أوروبا والصين والسعي لتصور شكل الاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا منه ورسم دور لأوروبا كقوة دفاعية يضارع قوتها الاقتصادية.

وقال أحد المصدرين، إن ميركل وماكرون "يدركان أن الاتحاد الأوروبي يمر بفترة حرجة وأن على فرنسا وألمانيا التكاتف رغم اختلاف آرائهما في كثير من القضايا".

أزمة المتوسط

ووسط استمرار التوتر في منطقة المتوسط، وجّه ماكرون سلسلة انتقادات إلى نظيره التركي رجب طيب إردوغان، وسياسة التمدّد والتوسع التي ينتهجها والتي تمزج بين المبادئ القومية والإسلامية ولا تتّفق والمصالح الأوروبية" معتبراً أنها تشكّل "عاملاً مزعزعاً لاستقرار" القارة العجوز.

وقال ماكرون، لمجلة "باري ماتش" أمس، "يجب على أوروبا أن تتصدّى لهذه الأمور وجهاً لوجه وأن تتحمّل مسؤوليتها. أنا لست مع التصعيد. لكن، بالتوازي، أنا لا أؤمن بالدبلوماسية الضعيفة. لقد أرسلنا إشارة مفادها أنّ التضامن الأوروبي ذو معنى".

وأمس الأول، تعهّد الرئيس التركي عدم الرضوخ لـ"قراصنة" ومواصلة التنقيب عن مصادر الطاقة في مياه متنازع عليها في شرق المتوسّط.

وإذ شدّد ماكرون في المقابلة على أنّ "فرنسا هي قوّة متوسطية"، دافع عن "العلاقة الواضحة" التي تجمعه بنظيره التركي.

وقال: "أنا من القادة الأوروبيين القلائل الذين استقبلوا إردوغان في السنوات الأخيرة، في باريس، في يناير 2018. لقد انتقدني كثيرون على ذلك. هو بلا شك أحد القادة الذين قضيت معهم معظم الوقت في الحديث. لقد ذهبت شخصياً لرؤيته مرة أخرى في سبتمبر 2018 في إسطنبول، وأخذت مبادرة لعقد قمة مشتركة بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا مع تركيا، في لندن، في ديسمبر 2019 ".

حشد بحري

مع ارتفاع منسوب التوتر، وصلت السفينة الحربية الأميركية الضخمة "يو إس إس هيرشيل وودي ويليامز" إلى جزيرة كريت، في مهمة لمراقبة تحركات عضوي حلف شمال الأطلسي اليونان وتركيا.

وبحسب موقع "فويس أوف أميركا"، تنضم السفينة إلى سفن أخرى من الاتحاد الأوروبي وروسيا، مما يثير مخاوف البعض في اليونان بشأن ما يمكن أن يعنيه التعزيز العسكري.

وذكر التقرير، أن خبراء عسكريين وصفوا "يو إس إس هيرشيل وودي ويليامز" بأنها "قاعدة عسكرية عائمة"، وهي الثانية من فئة جديدة من السفن الضخمة التي تستخدمها البحرية الأميركية الآن كمراكز نقل ودعم سريعة للعمليات العسكرية.