هدم محتجون غاضبون، مقار ومكاتب أحزاب سياسية عراقية موالية لإيران في محافظة ذي قار جنوبي العراق، احتجاجا على استهداف المتظاهرين واغتيال نشطاء في الحراك الشعبي المندد بتردي الأوضاع المعيشية بمدينة الناصرية والبصرة أخيراً.وذكر شهود عيان أن "العشرات من المتظاهرين ترافقهم جرافات هدموا مقار حزبية في مدينة الناصرية، بينها مقر حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، ومقر منظمة بدر بزعامة هادي العامري، ومقر عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وعدد من مكاتب الحركات السياسية".
وأضافوا أن "هدم مقار الأحزاب جاء بعد إضرام النيران فيها".وفي وقت سابق، أقدم متظاهرون غاضبون على إحراق مبنى مكتب مجلس النواب في البصرة، بعد محاصرته وغلقه، إثر اشتباكات مع قوات الأمن التي استخدمت الذخيرة الحية لتفريق المحتجين، مساء أمس الأول.
ترهيب وتحدٍّ
وفي وقت يبدو أن الترهيب والوعيد لن يثني متظاهري جنوب العراق عن رفع الصوت لتنفيذ مطالبهم، توافدت حشود من المتظاهرين على ساحة الاعتصام في الحبوبي وسط الناصرية مركز محافظة ذي قار، أمس، تنديدا بعمليات القتل والتخويف، في حين قطع محتجون شارع إبراهيم الخليل الرئيسي بقلب الناصرية.وأحرق البعض صور المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، بعد تصريحات تخوينية توجه بها إلى عدد من الناشطين، ومنهم الطبيبة ريهام يعقوب، التي اغتيلت في وسط البصرة الأربعاء الماضي.وجاء ذلك غداة إصابة 3 أشخاص بانفجار عبوة كانت مثبتة على دراجة نارية بالقرب من "الحبوبي"، وسط اتهامات لـ"الأحزاب الموالية لإيران بالموقف وراء الاعتداءات والتحريض عليها".انتقادات
في هذه الأثناء، شنّت عدة فصائل وأحزاب هجوما لاذعا على حكومة مصطفى الكاظمي، واعتبر تحالف "سائرون"، التابع لمقتدى الصدر، أن "سياسة الكاظمي ما هي إلا وعود خيالية وإعلامية، لم ينفذ منها شيئاً".ودعا "سائرون" الحكومة إلى "التحرك لحل الأزمات التي يعيشها المواطن قبل فوات الأوان، والذي قد يجعل حكومة الكاظمي في خبر كان، كما جرى مع من سبقه".من جهة أخرى، حذر "ائتلاف النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، من أنه "ربما يكون هناك تصعيد كبير في عمليات قصف واستهداف الأهداف والمصالح الأميركية، بعد عودة الكاظمي من واشنطن".بدوره، شكك الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي بدوافع زيارة الكاظمي لواشنطن، وانتقد إعلان واشنطن بقاء قواتها بالعراق مدة 3 سنوات، معتبرا أن القرار الأميركي "مخالف للقانون وإرادة العراقيين".وحذر الخزعلي في حال عدم سحب القوات الأميركية من العراق من أن تقوم إيران بأعمال ضده"، مشدداً على أن قرار بقاء قوات ترمب ليس قراراً بيديه وإنما "بيد العراقيين".ورأى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب استثمر الزيارة لأغراض دعائية قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية. ودعاه إلى تنفيذ تعهده بحماية العراق، قائلا: "هذه تركيا تعتدي على العراق".واتهم أمين العصائب أطرافا نافذة بتنفيذ سلسلة الاغتيالات في البصرة لإنجاح مشروعها السياسي. وهاجم تمويل السفارة الأميركية لجمعيات المجتمع المدني.الكاظمي وبيلوسي
إلى ذلك، رأى رئيس الوزراء العراقي، أمس، أن الحوار الاستراتيجي، الذي جرى بين بغداد وواشنطن سيؤسس لـ"مرحلة جديدة" من العلاقات الثنائية، وذلك خلال لقائه رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي بحضور زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي. وأكد الكاظمي أن "العراق دولة ذات سيادة، والتعامل معه يكون وفق هذا المبدأ"، مبيناً "ضرورة تعزيز التعاون بين العراق والولايات المتحدة لاسيما في المجال الاقتصادي". وفيما يتعلق بشكل العلاقة بين البلدين بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم "داعش"، قال الكاظمي إن "الحوار الاستراتيجي تمخص عن عدة نقاط مهمة، من شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية".من جانبها، شددت بيلوسي على أن العراق "بلد مستقل وبلد مهم في منطقة صعبة"، وأكدت وجود إجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على دعمه.وأعربت عن "دعم واشنطن للحكومة العراقية الحالية، وتوجهاتها الوطنية لدعم استقلالية بغداد".في هذه الأثناء، صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن مباحثات الوفد العراقي في واشنطن تمخض عنها "تشكيل لجنة متخصصة مشتركة من عسكريين وأمنيين لتحديد الجدول الزمني بشأن إعادة نشر القوات الأميركية". وأكد أن "القرار بشأن الوجود الأميركي في العراق هو قرار مشترك بين واشنطن وبغداد ولا يتخذه طرف واحد"، مضيفاً: "نحن بحاجة للأميركيين، ولكن بطريقة مختلفة".ولفت الوزير: "كنت حاضرا أنا والسيد وزير المال علي علاوي حينما أبلغ الكاظمي الرئيس الإيراني حسن روحاني أن العراق يريد علاقة دولة بدولة مع إيران، وليس علاقة دولة بشخصيات وجماعات. لكن يجب ألا ننسى أن واشنطن وطهران حتى قبل سنتين أو ثلاث كانتا معا تحددان رئيس الوزراء في العراق".علي علاوي
من ناحيته، قال وزير المالية العراقي علي علاوي إن "العلاقة الأميركية- العراقية تمر بمرحلة التوازن غير المستقر، فالولايات المتحدة غير واضحة في التزامها في إعادة تقويم العلاقة مع بغداد، وتبدو علاقتها في التحالف معنا مشروطة على قضايا عدة". وأشار علاوي إلى أن "واشنطن تريد إبقاء حجم أصغر من قواتها، بالمقارنة مع ما خططت له في الماضي، ولن تشعر بالقلق إذا كان عليها سحب جميع قواتها من المنطقة".مستشارون
في السياق، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، يحيى رسول، أن وجود مستشارين من التحالف الدولي هو من أجل التدريب والتسليح والتجهيز وتنفيذ بعض مهام الاستهداف. في شأن قريب، حذّر نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، نايف الشمري، من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية والاغتيالات بغرض خلط الأوراق قبيل الانتخابات المبكرة.