رغم الترحيب الدولي والإقليمي الواسع بالمبادرة الليبية التي أعلنها، بشكل منفصل، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المدعوم من قوات الجيش الوطني بزعامة المشير خليفة حفتر، وحكومة "الوفاق" بزعامة فايز السراج المدعومة خصوصاً من تركيا، لا تزال الشكوك تحيط بها بسبب فشل مبادرات سابقة مشابهة لها.

ووسط غموض بشأن آليات تنفيذ المبادرة التي تنص على وقف إطلاق النار والتمهيد لانتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس المقبل، حذر بعض الخبراء من استنساخ تجربة شمال سورية في ليبيا، بإنشاء جيب موال لتركيا بالكامل بعد الدعوة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينتي سرت والجفرة، والتي سبق أن أعلنت مصر أن تجاوزهما خط أحمر يستدعي تدخلها العسكري المباشر.

Ad

وفي مصر، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، ترحيبه بالبيانات الصادرة عن السراج وصالح، معتبراً وقف إطلاق النار "خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية".

وأعرب شيخ الأزهر أحمد الطيب وعدد من الأحزاب ونواب البرلمان عن ترحيبهم بالخطوة الليبية، لكن عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، تامر الـشهاوي، حذّر من أنه "بدون خروج المرتزقة وتفكيك الميليشيات ووقف التدخل الخارجي فإن الأمر سيكون مناورة من الوفاق وداعميها الأتراك لكسب الوقت والتمهيد للسيطرة على المجلس الرئاسي والبرلمان الجديد".

بدوره، شكك الخبير المصري بالشأن الليبي عبدالستار حتيتة، في النوايا الحقيقية لحكومة "الوفاق" والحكومة التركية التي تدعمها عسكرياً. وقال لـ "الجريدة": "يجب التعامل بحذر بالغ مع التصريحات الصادرة عن السراج، فمثلا الأخير بدأ اليوم بمعاونة ميليشيات وبدعم تركي في الهجوم على مدن يعتقد أنها مراكز تأييد للجيش الوطني في شمالي غرب ليبيا".

وأشار حتيتة إلى أن "الغرض التركي الحقيقي من مبادرة وقف إطلاق النار هو الظهور بمظهر المحب للسلام، في وقت تقوم قوات الوفاق بعمليات تطهير في المنطقة التي تسيطر عليها"، متحدثا عن عمليات عسكرية جرت امس في ثلاث مناطق بينها مدينة الاصابع.

وأضاف: "هناك محاولة لاستنساخ تجربة تركيا في شمال سورية وتكرارها في شمال غربي ليبيا، بصناعة جيب لا يحتوي إلا على الميليشيات الموالية مع طرد السكان والقبائل الرافضة للوجود التركي".

في هذه الأثناء، رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف الحجرف، بالبيانين الصادرين عن السراج وصالح، ودعا كل الأطراف في ليبيا إلى الالتزام بهذه الخطوة البناءة، والانخراط العاجل في الحوار السياسي والعمل من خلال وساطة الأمم المتحدة للوصول إلى حل دائم وشامل لإنهاء الاقتتال والصراع. كما رحبت كل من الجزائر وتونس والأردن بالخطوة.

من جهته، أكد الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل للاتفاق الليبي الذي يقضي بوقف كل الأنشطة العسكرية ما يتطلب رحيل كل المقاتلين والمرتزقة الأجانب الموجودين في ليبيا واستئناف عملية التفاوض في إطار مخرجات "مؤتمر برلين" التي تقودها الأمم المتحدة.

ولاحقاً، أصدر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بياناً أكد فيه رفضه لأي شكل من أشكال الحوار مع مَن سمّاه "مجرم الحرب الإرهابي حفتر". وقال: "إن أي حوار أو اتفاق يجب أن يكون وفقاً للاتفاق السياسي الليبي الذي نظم آلية الحوار لتكون بين الهيئات المنتخبة فقط".