يبدو أن الانهيار الذي يعانيه لبنان أيقظ شياطين الحرب الأهلية. ولم تكتف القوى السياسية بالتلويح بنزاعات على أساس طائفي، بل بدا خطر التقاتل يتسلل إلى داخل كل طائفة. في السياق، وغداة اشتباكات مسلحة، هي الأولى منذ سنوات بين حزب الله وحركة أمل طرفي الثنائي الشيعي اللذين خاضا حرباً دموية قبل عقدهما حلفاً لا يزال صامداً منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، أدت إلى سقوط قتيل، تبادل نواب وسياسيون من حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» أمس الشتائم والتهديدات والتذكير بفصول الحرب الأهلية والتاريخ الدموي بينهما.
وكان النائب بيار بوعاصي عضو تكتل «الجمهورية القوية» الكتلة البرلمانية لـ «القوات» دعا أمس، في حديث تلفزيوني إلى محاكمة رئيس الجمهورية ميشال عون مؤسس «التيار الوطني الحر» وأطلق عليه لقب «غول الموت».وقال بوعاصي، إن المسؤول الأول عن انفجار مرفأ بيروت هو «قبطان السفينة»، سائلاً: «كيف عرف رئيس الجمهورية ميشال عون بوجود المتفجرات ولم يتحرك؟» معتبراً أنه «يجب أن يحاكم جميع المسؤولين الذين لهم علاقة بهذا الأمر».ودعا بوعاصي رئيس الجمهورية إلى الاستقالة، وأضاف في شرح لتغريدة سابقة له: «قصدت بغول الموت رئيس الجمهورية ميشال عون لأننا لم نر إلا الموت منذ دخوله السياسة، علماً أننا سمعنا معه أجمل شعارات». وردّ النائب إدي معلوف عضو تكتل «لبنان القوي» التابع لـ «التيار»، على بوعاصي، قائلاً: «سكتنا كثيراً حتى نطوي صفحة الحرب ولا ننقل أحقاد الحرب للأجيال الجديدة، لكن من يتّمنا وسمّمنا ببراميل الموت، وهجّرنا من وراء جبن قائده، يأتي لكي يعطينا دروساً ويتطاول على رئيسنا... طويلة على رقبتكم».وبدوره، رد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل على زميله «القواتي» لافتاً إلى أن «خيار رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكن يوماً سهلاً على الميليشيات ولا رحوماً مع منظومة الطائف، أما دراكولا الموت وشياطينه فلا حاجة لتذكير اللبنانيين بجرائمهم، ولن ينسى المسيحيون مآسيهم من الجبل إلى شرق صيدا إلى… فليحكم الإخوان» في إشارة إلى زعيم حزب «القوات» سمير جعجع.بدوره، رد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب زياد أسود قائلاً، إن «رئيس الجمهورية ميشال عون تفجر بوجهه، أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فملك المتفجرات وآمرها».من الجدير ذكره أن «القوات» و»التيار» توصلا إلى مصالحة واتفاق اطلق عليه اسم اتفاق معراب أوصل عون إلى الرئاسة ووضع حداً لسنوات من العداء المتوتر بين الطرفين. جاء ذلك، بينما شهدت بلدة كفتون (قضاء الكورة) «مجزرة دموية»، ليل الجمعة – السبت، راح ضحيّتها ثلاثة من أبنائها حيث أقدمت سيارة مجهولة دخلت البلدة بطريقة مريبة، على إطلاق النار على كلّ من علاء فارس وهو نجل رئيس البلدية، وجورج وفادي سركيس. في موازاة ذلك، دانت حركة «أمل»، في بيان، مساء أمس الأول، «ما جاء في مضمون بعض الفيديوهات المصورة التي التقطت خلال تشييع حسين خليل في بلدة اللوبية».وأضافت أنّ «بعض الهتافات التي أطلقها بعض المشيعين الغاضبين خلال مراسم التشييع، والتي طالت في بعض منها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والتي تم احتواؤها فوراً هي تصرّفات فردية ومدانة بكل المقاييس ولا تعبّر عن عمق العلاقة والموقع الذي يحتلّه سماحة السيد نصرالله في وجدان الحركة وقياداتها ومجاهديها».وكان وقع الإشكال، على خلفية رفع لافتات في مناسبة ذكرى عاشوراء في البلدة، بين بعض مناصري حركة «أمل» و«حزب الله» ما لبث أن تطوّر على الفور إلى تضارب بالأيدي ومن ثم إلى إطلاق نار بين الطرفين نجم عنه مقتل أحد مسؤولي «أمل» في البلدة حسين خليل. وأقدم بعض مناصري «أمل» خلال تشييع خليل على توجيه الشتائم إلى نصرالله وترديد عبارة «نصرالله عدو الله».
دوليات
لبنان: «ولعت» بين القوات والتيار وحزب الله وحركة أمل... ومجزرة في الشمال
23-08-2020