اختار جو بايدن نائبته على أساس لون بشرتها ورفض المرشحين الآخرين بسبب لون بشرتهم أيضاً، لقد فعل ذلك علناً ومن دون أي تبرير، لنفكر بما حصل للحظة: في عام 2020، بعد أكثر من ستة عقود على إنهاء سياسة الفصل العنصري في المدارس الرسمية، تبنى مرشّح للرئاسة الأميركية في حزب سياسي بارز مقاربة عنصرية صريحة لاختيار نائبه، إنه استهزاء فاضح بجميع المبادئ التي ناضل مارتن لوثر كينغ جونيور في سبيلها وتحريف صريح لحركة الحقوق المدنية بأكملها. من الواضح أن جو بايدن يأتي من حقبة مختلفة، فلا يمانع تقييم الناس بحسب لون بشرتهم، حتى أن البعض احتفل بخياره، فحصد بايدن الإشادة من الديمقراطيين، وهو موقف غير مفاجئ على الأرجح نظراً إلى تاريخ هذا الحزب الحافل بمظاهر العنصرية الفاضحة. لكنّ "الأجواء الاحتفالية" المؤسفة ظهرت بشكلٍ أساسي في وسائل الإعلام السياسية الوطنية التي عارضت سابقاً التيارات العنصرية في الولايات المتحدة، لقد تغيّر موقفها على ما يبدو! عملياً، يدين بايدن بترشّحه أصلاً للرئيس باراك أوباما شخصياً، فقد اختار هذا الأخير بايدن كنائب له لمجرّد أنه كان يحتاج إلى سياسي أبيض ساذج ومتقدم في السن من واشنطن إلى جانبه. لو لم يكن أوباما يحتاج إلى بايدن في تلك المرحلة، لكان "العم جو" يعيش سنواته الذهبية بكل سعادة اليوم في دار للمتقاعدين.لكنه أصبح الآن مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة لأن الديمقراطيين لم يجدوا من هو أفضل منه من بين 350 مليون نسمة، حتى كامالا هاريس كانت ذكية بما يكفي كي تدرك أن "دخول التاريخ" لا يمكن أن يكون دافعها الوحيد لقبول الترشّح كنائبة لجو بايدن، كان يجب أن تدّعي على الأقل أن لون بشرتها ليس السبب الوحيد وراء اختيارها (ولا حركات دعم المرأة الرائجة في الوقت الراهن)؛ لهذا السبب قررت التكلم عن الروابط العائلية أو ما يُعرَف بـ"المحسوبيات". أعلنت هاريس عند الكشف عن ترشّحها إلى جانب بايدن: "كنت أفكر بأول فردٍ تسنى لي التعرّف عليه من عائلة بايدن، إنه واحد من أبنائه المحبوبين، بو".
كان بو بايدن مدعياً عاماً على غرار هاريس، لكنه توفي بطريقة مأساوية في عمرٍ مبكر من جراء إصابته بسرطان الدماغ في عام 2015.أضافت هاريس: "دعوني أخبركم بعض الأشياء عن بو بايدن، أدركتُ سريعاً أن بو هو من النوع الذي يُلهِم الناس كي يُحسّنوا أنفسهم، لقد كان الأفضل بيننا فعلاً، وحين كنتُ أسأله "من أين خطرت لك هذه الفكرة؟ ما مصدر هذا التفكير؟، كان يتكلم دوماً عن والده". إنه جو بايدن الذي اختار كامالا هاريس لتكون نائبته بناءً على لون بشرتها! إنه جو بايدن نفسه الذي اعتبرته هاريس قبل سنة عنصرياً لأنه عارض إلغاء الفصل العنصري في الحافلات على مر النضال الطويل والمؤلم للقضاء على المظاهر العنصرية في المدارس الرسمية. وبّخته هاريس في إحدى مناظراتها حين أرادت أن تصبح المرشّحة عن الحزب الديمقراطي قبل أن يفوز بايدن في نهاية المطاف، فقالت: "كان مؤلماً أن نسمعك تتكلم عن عضوَين في مجلس الشيوخ الأميركي بَنَيا سمعتهما ومسيرتهما المهنية على أساس الفصل العنصري في هذا البلد".كانت هاريس حينها مُصمِّمة على إهانة بايدن شخصياً قدر الإمكان، فسخرت منه بعبارة تدرّبت عليها بحذر وقالت: "كانت فتاة صغيرة من كاليفورنيا جزءاً من الصف الثاني المُعَدّ للاندماج مع المدارس الرسمية وكانت تركب الحافلة للذهاب إلى المدرسة كل يوم. تلك الفتاة الصغيرة هي أنا".هكذا شوّهت هاريس سمعة بايدن على التلفزيون الوطني في خضم محاولاتها الحثيثة لكسب النفوذ السياسي! هكذا هاجمت الرجل الذي تولى تربية بو بايدن كي يصبح مصدر إلهام للكثيرين! هذا ما قالته للرجل المسؤول عن تشجيعنا جميعاً على تحسين أنفسنا وتقديم أفضل ما لدينا! ما رأي هذه المرأة إذاً بأشخاصٍ لا تعرفهم عن قرب ويحولون دون تحقيقها لطموحاتها الجشعة بالوصول إلى مقاليد السلطة؟ هل وافقت بهذه البساطة على عرض بايدن لتقاسم السلطة معه بعد كل ما حصل؟ هذا النوع من الأشخاص مريض بمعنى الكلمة، هم مرضى في أرواحهم ولن يترددوا حرفياً في تدنيس الجثث في خضم حملتهم اليائسة لكسب النفوذ السياسي، لكن كامالا هاريس تتمتع على الأقل بلون البشرة المناسب لفعل ما تريده! * «تشارلز هيرت»
مقالات
كامالا هاريس... لون بشرتها يكفي لترشيحها نائبة لجو بايدن!
24-08-2020