اندفاعة أميركية في الشرق الأوسط على 3 محاور
• بومبيو بإسرائيل... وبكين وطهران تتصدران جدول أعماله
• كوشنر يقود «فريق سلام» لمتابعة «اتفاق الإمارات»
في الوقت الضائع قبل 90 يوماً من انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية، تشهد منطقة الشرق الأوسط اندفاعة أميركية على 3 محاور، هي: الاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي وإمكان توقيع دول أخرى معاهدات مماثلة، وملف ايران بعد فشل واشنطن في تمديد حظر السلاح، وحضور الصين المتنامي بالمنطقة.
تشهد المنطقة تحركاً أميركياً رفيع المستوى يبدأه وزير الخارجية مايك بومبيو، اليوم، بزيارة لإسرائيل، يتوجّه بعدها إلى الإمارات غداً لتهنئة قادة الجانبين على اتفاقهما، ليتبعه بعد أسبوع جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس دونالد ترامب على رأس وفد رفيع المستوى، يزور السعودية والبحرين وعُمان لإقناعها بالتطبيع مع إسرائيل على غرار الإمارات.
بومبيو
ومن المقرّر أن يلتقي بومبيو، اليوم، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يبحثان ملفي إتمام عملية الاتفاق بين إسرائيل والامارات، وملف تمديد قرار حظر الأسلحة عن إيران، التي طلبت واشنطن تفعيل «آلية الزناد» (سناباك) لفرض العقوبات الدولية عليها.ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مصدر مطّلع أن جدول أعمال بومبيو يتضمن بحث التحديات الأمنية، التي تمثلها إيران والصين في المنطقة.وينتهي حظر السلاح المفروض على إيران في اكتوبر المقبل، بعدما فشلت واشنطن في تمديده بمجلس الأمن قبل اسبوع، لكنها تعهّدت بأن تضمن بنفسها ألا تتمكّن طهران من استيراد أو تصدير أي أسلحة تقليدية. ولم تتضح الآلية التي ستتبعها واشنطن للحؤول دون ذلك، وإذا ما كانت ستسعى لتشكيل قوة مراقبة أو تحالف اقليمي يتولّى فرض الحظر بنفسه دون قرار مجلس الأمن.وتزايد التعاون الصيني - الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، بينما توصّلت إيران الى اتفاق شراكة استراتيجية لربع قرن مع بكين، التي عقدت كذلك اتفاقات مع دول خليجية وعربية في إطار مبادرة «الطريق والحزام» (طريق الحرير)، كما أبدت استعدادها لتولّي مشاريع بنى تحتية في العراق ولبنان حيث تدفع القوى الموالية لطهران في هذين البلدين باتجاه «الخيار الشرقي» وتضغط لمنح بكين اسثمارات كبيرة.ونقلت «واشنطن بوست» عن 3 دبلوماسيين رفضوا كشف هوياتهم، أن زيارة بومبيو ستمتد لدول أخرى بعد تل أبيب وأبوظبي، بينها سلطنة عمان والبحرين وقطر والسودان.وفي الخرطوم، أمس، قال مسؤول بالحكومة اشترط عدم كشف هويته إن وزير الخارجية الأميركي سيزور بلاده خلال الأيام المقبلة.ويعمد السودان إلى تطبيع علاقاته بالولايات المتحدة منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، لكنه ما زال يسعى لحذفه من قائمة الدول، التي تعتبرها واشنطن راعية للإرهاب.وأعلنت الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة، يوم 13 أغسطس، في بيان مشترك، التوصل إلى اتفاق إماراتي إسرائيلي حول تطبيع العلاقات بين الطرفين ينص كذلك على تعليق عملية ضم أراض في الضفة الغربية.إلى ذلك، توقّع مسؤول في الإدارة الأميركية أن يُسافر كوشنر والممثل الخاص للمفاوضات الدولية آفي بيركوفيتش، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، والممثل الخاص لإيران المنتهية ولايته برايان هوك، إلى إسرائيل والإمارات مطلع سبتمبر لتهنئة الجانبين شخصياً على الإنجاز الدبلوماسي الخاص بتطبيع العلاقات بينهما ولاستكمال المشاورات المتعلقة بعملية السلام في المنطقة.ونقل موقع Axios الأميركي عن مصادر إسرائيلية وعربية مطلعة أن «كوشنر سيستغل المحادثات التي سيجريها مع بعض الزعماء في المنطقة لحضّ مزيد من الدول العربية على أن تحذو حذو الإمارات، وتمضي قدماً نحو التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل». وأضاف الموقع أن «فريق السلام»، سيزور كذلك كلا من السعودية والبحرين وعُمان وقطر لإقناعها بالتطبيع مع إسرائيل على غرار الإمارات.
الإيرانيون والإسرائيليون
إلى ذلك، يفتح الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل الباب واسعا أمام شركات إسرائيلية للعمل على أعتاب الجمهورية الاسلامية، لكنه رغم ذلك، لم يؤدِ على الأرجح إلى إلحاق ضرر كبير بالروابط الاقتصادية الإماراتية- الإيرانية.وبحسب محللين، قد تؤدي الخطوة إلى منافسة اقتصادية مباشرة بين تجار إيرانيين وآخرين إسرائيليين في الامارات، أو حتى إلى خلق فرص لأعمال مشتركة مع التركيز على المنافع الاقتصادية بدل السياسة.وقالت تشينزيا بيانكو، الباحثة المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط في معهد «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، إن الأمر سيستغرق «فترة من الوقت» قبل أن يجد الإيرانيون في الإمارات أنفسهم وجها لوجه مع الإسرائيليين.وأوضحت بيانكو: «من المهم التأكيد هنا على أن معظم الإيرانيين الذين تربطهم علاقات وطيدة بالجمهورية الإسلامية، إمّا طردوا أو رحّلوا في السنوات الماضية».وأضافت: «أولئك الذين بقوا في دبي أو الإمارات بشكل عام هم رجال الأعمال البراغماتيون جدا الذين يرفضون الانخراط في السياسة. لذا يرى بعض هؤلاء في هذا الاتفاق (التطبيع) فرصة وليست تحديا».ورغم التوتر بين الإمارات وإيران الواقعة على بعد 70 كلم فقط عند مضيق هرمز الاستراتيجي، حافظت الدولتان على القنوات الدبلوماسية وحتما العلاقات الاقتصادية التاريخية، التي تولّد مليارات الدولارات سنويا لكلا الجانبين.وترى إلين آر والد، الباحثة في مركز الطاقة العالمي التابع لمعهد «المجلس الأطلسي» أنّ «طهران ليست في وضع يسمح لها بالتخلي عن علاقاتها الاقتصادية مع أي دولة، لا سيما الجارة الإمارات».وقالت إنّ «إيران لها كذلك علاقات وثيقة مع دول مثل الصين تتعامل مع إسرائيل».وتقدّر قيمة المبادلات التجارية بين الإمارات وإيران بمليارات الدولارات، بينما تعتبر دبي تاريخياً مركزا للأعمال الإيرانية الخارجية.وبلغت قيمة التبادل بين الدولتين المنتجتين للنفط 8.3 مليارات دولار العام الماضي، وفقاً لإحصاءات إماراتية رسمية، مقارنة بـ 15.2 مليار دولار في 2018، قبل أن تصل العقوبات الأميركية إلى ذروتها في مايو 2019.ويعمل أكثر من 8 آلاف شركة إيرانية و6 آلاف تاجر إيراني في جميع أنحاء الإمارات، مما يزيد احتمال تعاملهم مع الموجة المتوقعة من التجار والمستثمرين الإسرائيليين.
الخرطوم تؤكد زيارة وزير الخارجية الأميركي خلال أيام