للأسبوع الثالث على التوالي من الاضطرابات التي تهزّ البلاد، شهدت بيلاروسيا، أمس، تظاهرات مليونية للتنديد بإعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في اقتراع 9 أغسطس الجاري وضد بقائه في السلطة فترة سادسة غداة دعوته الجيش إلى "قمع الثورات الملونة" وحماية وحدة وسلامة أراضي البلاد.

وتوجه الآلاف نحو مركز العاصمة مينسك رافعين راية المعارضة البيضاء والحمراء التي كانت تشكل أول علم لبيلاروسيا بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي من 1991 إلى 1995.

Ad

وهتف آلاف محتشدون في وسط العاصمة بشعارات تطالب بالحرية وبإسقاط لوكاشنيكو الذي يحكم منذ 26 عاماً. وانتشرت قوات مكافحة الشغب انتشرت بأعداد كبيرة وبجانبها شاحنات المياه.

وقبل انطلاق التظاهرات، حذرت وزارة الدفاع من أنه في حال وقع اضطرابات قرب النصب السوفياتية العائدة للحرب العالمية الثانية فإن المسؤولين عنها "لن يكونوا في مواجهة الشرطة وإنما الجيش".

تيخانوفسكايا

ومن العاصمة الليتوانية فيلنيوس التي لجأت اليها بعد الانتخابات، دعت زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا، أمس، المتظاهرين إلى مواصلة حراكهم، مؤكدة أن لوكاشينكو ليس لديه خيار آخر سوى الحوار مع المعارضة.

وأضافت مدرسة اللغة الإنكليزية البالغة من العمر 37 عاماً "يجب أن يفهموا أننا لسنا حركة احتجاج. نحن شعب بيلاروسيا، نحن غالبية ولن نرحل ولم نعد نخاف منهم"، واعتبرت أنه سيتعين على لوكاشينكو الاستقالة إن عاجلاً أو آجلاً. ورأت أن قراره بتعزيز أمن الحدود كان "محاولة لصرفنا عن المشاكل الداخلية".

سكان البلطيق

وفي مبادرة تضامنية مع شعب بيلاروسيا، أعاد سكان البلطيق شبك أيديهم مرة جديدة، أمس، إذ شارك الآلاف في سلسلة بشرية امتدت نحو 30 كيلومتراً من فيلنيوس إلى الحدود مع بيلاروسيا. وقالت تيخانوفسكايا في وقت سابق، إنها قد تشارك في هذا الحدث. كما شارك الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا في التظاهرة.

وجرت كذلك إقامة سلاسل بشرية أصغر حجماً في لاتفيا على الحدود مع بيلاروسيا وفي العاصمة الأستونية تالين وفي بلدان أخرى كانت ضمن الاتحاد السوفياتي السابق.

في العاصمة التشيكية براغ، شبك متظاهرون أيديهم على طول جسر تشارلز الشهير.

لوكاشينكو

في المقابل، نظّم أنصار لوكاشينكو أمس تظاهرة بالسيارات. وما زال الرئيس البيلاروسي صامداً بالاعتماد على ولاء القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، رغم تسجيل انشقاقات في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية.

وانتهز لوكاشينكو الملقب بـ "آخر دكتاتور في أوروبا"، ويطلق عليه أنصاره اسم "باتكا"، التي تعني باللغتين الروسية والبيلاروسية "الوالد"، فرصة تفقّده وحدات عسكرية منتشرة في غرودنو في غرب البلاد قرب الحدود مع بولندا، أمس الأول، ليندد بـ "تحركات مهمة لقوات حلف شمالي الأطلسي "الناتو" في المنطقة المجاورة" للحدود البيلاروسية على أراضي بولندا وليتوانيا.

ورداً على تصريحات لوكاشينكو، نفى الناتو أي "تعزيز" عسكري على حدود بيلاروسيا. وقالت الناطقة باسم الحلف أوانا لونغسكو في بيان أن "كما سبق وأوضحنا، لا يشكّل حلف شمال الأطلسي أي تهديد لبيلاروسيا أو أي بلد آخر ولا ينشر تعزيزات عسكرية في المنطقة".

موسكو والإصلاح

وفي موسكو، أشار وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، إلى أن روسيا، الحليف العسكري والاقتصادي والسياسي الأوثق للوكاشينكو، تعتبر إصلاح دستور بيلاروسيا حلاً قابلاً للتطبيق للأزمة السياسية في البلاد، معتبراً أن الوضع في روسيا البيضاء يستقر الآن.

أضاف: "من المستحيل إثبات عدم فوز لوكاشينكو في الانتخابات في غياب المراقبين الدوليين".

واقترح رئيس بيلاروسيا إجراء تعديلات دستورية تتضمن إصلاحات سياسية وعرضها على استفتاء.

أوكرانيا ثانية

في المقابل، حذر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من خطر تحول بيلاروسيا إلى "أوكرانيا ثانية"، في إشارة إلى الانقسام الذي حصل في كييف بين مؤيدي الاتحاد الأوروبي وأنصار روسيا.

وشدّد بوريل على أنه من الضروري مواصلة الحوار مع لوكاشينكو، وقارن وضعه بحالة نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يواجه أيضاً حركة احتجاجية قمعتها السلطات.