ذكر الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني أن الإنفاق الاستهلاكي استعاد وتيرة النمو في بداية الربع الثالث ليعكس بذلك اتجاهه الهبوطي الذي لازمه على مدى الأشهر الماضية، فإعادة فتح بعض الأنشطة الاقتصادية قابلها تزايد للطلب الاستهلاكي المكبوت. ووفق التوقعات فإن نمو الإنفاق الاستهلاكي قد يرتفع في أغسطس الجاري مع تخفيف المزيد من القيود قبل أن يعاود التراجع مجدداً بالتزامن مع هدوء ستشهده وتيرة الانتعاش مع إعادة فتح الاقتصاد، في حين ما تزال المخاوف المحيطة بالأمان الوظيفي وحالة عدم اليقين الاقتصادي تمثل أعباء شديدة على ثقة المستهلك عموماً.

Ad

الإنفاق الاستهلاكي

في التفاصيل، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي في يوليو بمعدل جيد بلغت نسبته 21.6 في المئة على أساس سنوي وفقاً لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن شركة "كي نت K-Net"، ليعكس بذلك أداءه المتراجع الذي امتد على مدى عدة أشهر، بفضل تخفيف القيود على التنقل وإعادة فتح المحلات التجارية.

كما تراجعت معاملات نقاط البيع بنسبة 0.1 في المئة فقط على أساس سنوي في يوليو، فيما يعد تحسناً كبيراً مقابل التراجع الذي شهدته بنسبة 35 في المئة في يونيو، بينما تزايد الإنفاق عبر الإنترنت بنسبة 160 في المئة.

وفي واقع الأمر، قد تكون إجراءات الإغلاق المطولة أدت إلى تغييرات طويلة الأمد في السلوك الاستهلاكي، إذ أدت تدابير البقاء في المنزل بهدف احتواء الجائحة إلى تعزيز اقبال المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت.

كما تلقى الإنفاق دعماً جزئياً بفضل تراكم المدخرات، لأسباب ليس أقلها تأجيل سداد أقساط القروض لمدة ستة أشهر (والتي من المتوقع أن تساهم مؤقتاً في توفير أكثر من مليار دينار من الدخل، أي ما يعادل أكثر من 5 في المئة من القيمة المقدرة لإنفاق الأسر المعيشية في عام 2019). هذا إلى جانب اضطرار شريحة كبيرة من السكان إلى قضاء عطلاتهم الصيفية داخل الكويت نتيجة فرض قيود صارمة على السفر.

وعلى الرغم من أن الإنفاق الاستهلاكي قد يكتسب المزيد من الزخم خلال شهر أغسطس والفترة المتبقية من الربع الثالث في ظل التخفيف التدريجي للقيود المفروضة على وسائل النقل العام والمطاعم وخدمات الرعاية الشخصية والنوادي الصحية وأماكن الترفيه الأخرى (مثل المتاحف ودور السينما وقاعات الحفلات الموسيقية)، فإن ذلك الأداء قد يتباطأ مع انحسار الانتعاش المبدئي الناتج عن إعادة فتح الاقتصاد. كما أن استمرار المخاوف المتعلقة بالدخل الآمن، خصوصاً بالنسبة للوافدين، قد يؤثر سلباً على الاقتصاد وثقة المستهلك في المستقبل.

مؤشرات ثقة المستهلك

ويتعارض الاتجاه الأخير في ثقة المستهلك مع الأداء القوي الذي شهده الإنفاق الاستهلاكي أخيراً بما يعكس تراجع بيئة أسعار النفط والمخاوف الأساسية المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية وحالة انعدام الأمن تجاه الدخل، لاسيما ضمن صفوف الوافدين نظراً إلى إجراءات الاستغناء عن الموظفين أو تسريحهم مؤقتاً أو خفض رواتبهم.

وبلغ مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن شركة "آراء" للبحوث والاستشارات 100 نقطة في يوليو، متراجعاً بخمس نقاط منذ بداية العام حتى الآن، لكنه ما يزال أعلى قليلاً من قراءة يونيو (98) نظراً لتحسن معظم المكونات الفرعية بما في ذلك مستويات العمالة الحالية والسلع المعمرة تزامناً مع إعادة فتح الاقتصاد.

وهدأت وتيرة نمو الائتمان الشخصي خلال عام 2020، بعد أن تسارعت بحدة خلال معظم فترات عام 2019 بدعم من قيام بنك الكويت المركزي برفع الحد الأدنى للقروض الاستهلاكية (إلى 25 ألف دينار كويتي مقابل 15 ألفاً سابقاً) في ديسمبر 2018.

ومما لا شك فيه أن اعتدال الأداء يرجع إلى تفشي جائحة كوفيد-19 وتدابير الإغلاق الاحترازية التي تم فرضها فيما بعد. وعلى هذا الأساس، تباطأت معدلات نمو القروض الاستهلاكية (باستثناء القروض السكنية) إلى 20 في المئة على أساس سنوي في يونيو مقابل 22 في المئة في مايو ومقارنة بالنمو الذي شهدته في عام 2019 بنسبة 36 في المئة.

وفي الوقت ذاته ، تراجع أيضاً نمو إجمالي الائتمان الشخصي (بما في ذلك القروض السكنية) خلال معظم فترات الربع الثاني، إذ وصل إلى 2.9 في المئة على أساس سنوي في يونيو، فيما يعد أقل من مستوى 4.7 في المئة الذي سجله في بداية العام.

سوق العمل

والتوقعات باستمرار ضعف أوضاع سوق العمل قد يساهم في التأثير سلباً على آفاق نمو الإنفاق الاستهلاكي على المديين القريب والمتوسط. إذ تباطأت وتيرة نمو توظيف الكوادر الوطنية إلى 2.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020 مقابل 3.2 في المئة في الربع الرابع من عام 2019 نتيجة تباطؤ وتيرة التوظيف في القطاع العام (إلى 2.9 في المئة - أدنى المستويات المسجلة منذ عامين - من 3.6 في المئة) والتوظيف في القطاع الخاص (إلى 0.2 في المئة فقط من 1.6 في المئة).