لم يتحقق شيء من المبادرة، التي سعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى إرساء مداميكها، بعد تفقده لبنان إثر انفجار 4 أغسطس، بل على العكس تدور أحاديث عن أن هذه الزيارة يمكن أن تؤجل بسبب فشل المسؤولين بالاتفاق على تسمية رئيس حكومة جديد، وخصوصاً بعد إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أمس انسحابه من السباق الحكومي.

وكشفت مصادر سياسية متابعة لـ «الجريدة»، أمس، أن قرار الحريري أتى بعد زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لبيت الوسط، عقب «جولة حكومية» على رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري خلال الساعات الماضية.

Ad

وأشارت المصادر إلى أن «ابراهيم ابلغ الحريري تمسك رئيس الجمهورية ميشال عون بشروطه للتأليف، وهي: عودة الحريري الى رئاسة الحكومة مقابل عودة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى الوزارة». وأضافت أن «الحريري رفض فورا طرح ابراهيم، وقال له انه يفضل الانسحاب من العمل السياسي نهائيا على تعويم باسيل سياسيا ومشاركته حكومة واحدة». وختمت: «قرر الحريري بعد اللقاء سحب اسمه من التداول الحكومي».

يذكر أن «حليفَي الحريري» السابقين، أي «القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع والحزب «التقدمي الاشتراكي» بزعامة وليد جنبلاط، رفضا إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة.

الحريري

وقال الحريري في بيان انسحابه، أمس، إن «بعض القوى السياسية ما زال في حال من الإنكار الشديد لواقع لبنان واللبنانيين، ويرى في ذلك مجرد فرصة جديدة للابتزاز، على قاعدة أن هدفه الوحيد التمسك بمكاسب سلطوية واهية، أو حتى تحقيق أحلام شخصية مفترضة في سلطة لاحقة (في إشارة الى باسيل). وهو مع الأسف ابتزاز يتخطى شركاءه السياسيين، ليصبح ابتزازاً للبلد ولفرصة الاهتمام الدولي المتجدد ولمعيشة اللبنانيين وكراماتهم».

وتابع: «انطلاقا من قناعتي الراسخة أن الأهم في هذه المرحلة الحفاظ على فرصة لبنان واللبنانيين لإعادة بناء عاصمتهم وتحقيق الإصلاحات المعروفة، والتي تأخرت كثيراً وفتح المجال أمام انخراط الأصدقاء في المجتمع الدولي في المساعدة على مواجهة الأزمة ثم الاستثمار في عودة النمو، فإني أعلن أنني غير مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وأتمنى من الجميع سحب اسمي من التداول في هذا الصدد».

وشدد الحريري على أن «المدخل الوحيد هو احترام رئيس الجمهورية للدستور ودعوته فوراً لاستشارات نيابية ملزمة، عملا بالمادة 53 والإقلاع نهائياً عن بدعة التأليف قبل التكليف».

وزير خارجية قطر

إلى ذلك، حط وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس، في بيروت لمواكبة مسار المساعدات الإنسانية التي سارعت قطر إلى تقديمها بعد تفجير مرفأ بيروت. والتقى الوزير القطري الرؤساء الثلاثة، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة، والرئيس الحريري، بالإضافة إلى إجراء زيارة ميدانية لتفقد الأضرار الناجمة عن تفجير المرفأ.

وأكد المسؤول القطري بعد لقائه الرئيس عون «تضامن دولة قطر حكومة وشعباً مع لبنان، وموقف قطر ثابت تجاه الشعب اللبناني الشقيق». وقال: «لدينا تصوّر للإنقاذ الاقتصادي للبنان، ولكن هناك حاجة للاستقرار السياسي وندعو الأطراف السياسية لوضع مصلحة الشعب اللبناني فوق كلّ الاعتبارات».

ورداً على سؤال حول الوديعة القطرية، أجاب: «كان هناك مباحثات في كيفية دعم لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية، وما زلنا في هذه المباحثات، الا ان الانفجار عطلها، لكننا نتطلع أن تعود من جديد فور الاستقرار». من جهته، قال الرئيس عون للوزير القطري إن «لبنان يرحب بأي مساعدة يمكن أن تقدمها قطر في مجال إعادة إعمار الأحياء المنكوبة». وفي وقت لاحق زار الوزير القطري موقع الانفجار.

زيارة دبلوماسية لـ «الخارجية»

في موازاة ذلك، وعشية بتّ مجلس الأمن الدولي، في جلسة يعقدها الجمعة المقبل، قرار التجديد للقوات الدولية العامة في جنوب لبنان «اليونيفيل» سنة إضافية، سلّم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، خلال لقائه في قصر بسترس سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، روسيا ألكسندر زاسبكين، وفرنسا برونو فوشيه، والولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، وبريطانيا كريس رامبلنغ، والصين وانغ كيجيان- مذكرة بشأن موقف لبنان المتمسك بالتجديد لـ«اليونيفيل» من دون تعديل في الولاية او في العديد.

وأكد سفير الصين خلال اللقاء ان بلاده «تتفهم وتدعم موقف الجانب اللبناني في موضوع اليونيفيل ومطالبه».

«الدفاع الأعلى» ينعقد

في سياق منفصل، وبعد خمسة أيام من دخول قرار التعبئة العامة حيّز التنفيذ برزت الخروقات الفادحة له، مع تفاوت كبير في الالتزام بين المناطق، حيث استكمل بعضها حياته ونشاطه الاقتصادي وكأن شيئاً لم يكن. وأيّد البعض نظرية «التعايش مع الفيروس» عبر الإبقاء على النشاط الاقتصادي الاعتيادي مع التزام الإجراءات الوقائية، ولذلك اعلن المجلس الاعلى للدفاع انعقاده ظهر اليوم للبحث في الاوضاع الامنية وتطور مسار التعبئة العامة.