في محاولة لإعادة بعض التوازن إلى المنطقة العربية التي تشهد أزمات وخلافات وتحديات ليس أقلها وجود مشروعين قومييين نشيطين في تركيا وإيران، عقدت في العاصمة الأردنية عمان، أمس، قمة ثلاثية جمعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في إطار ما أطلق عليه بعض المراقبين المتفائلين «تحالف المشرق الجديد».

والقمة ليست الأولى من نوعها، لكن مراقبين يشيرون الى أن وجود مصطفى الكاظمي في رئاسة الحكومة العراقية، مع ما يحمله من مشروع تقارب مع دول الجوار وإعادة الروابط مع العرب، قد تعطي هذا المسار زخماً.

Ad

وركز الأردن الدولة المضيفة على إبراز أهمية التعاون الاقتصادي لإنجاح أي محاولة لعب دور على الساحة الإقليمية.

وقال بيان للديوان الملكي الأردني، إن القمة، التي تعقد للمرة الثالثة، تركز على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الأردن ومصر والعراق، إضافة إلى بحث القضايا الإقليمية.

وبرزت ثلاثة ملفات تعكس اهتمام الدول الثلاث، فالأردن شدد على قضية السلام داعياً إلى ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، بينما رفع الجانب المصري شعار محاربة الإرهاب وحماية مؤسسات الدولة الوطنية، في حين شدد العراق على خفض التوتر الإقليمي خصوصاً بين الخليج وإيران.

عبدالله الثاني

وقال الملك عبدالله الثاني في افتتاح أعمال القمة، إن «الأحداث المتسارعة في منطقتنا والتدخل من بعض الأطراف الخارجية، تستدعي التنسيق الوثيق والعمل المشترك».

وشدد على أن القضية الفلسطينية «ما زالت القضية المركزية في المنطقة، ونحن باستمرار مع حل الدولتين الذي ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويـؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة».

ولفت إلى أن «موضوع الأمن الغذائي، الذي سيكون أكبر تحد في عام 2021، يستدعي توحيد جهودنا والتفكير بحلول خارج الصندوق».

وفي كلمته خلال القمة، أكد الكاظمي أن بلاده ملتزمة بعلاقات متوازنة مع كل دول الجوار وتدعم استقرار المنطقة وخلق فرص للتهدئة.

وقال رئيس الوزراء، إن «العراق يولي أهمية لحماية سيادته وأمنه واستقراره؛ ويتعاون مع الأشقاء والأصدقاء في إطار الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».

وأضاف إن «منطقتنا ليست بحاجة إلى حروب، وصراعات جديدة، بل بحاجة لأن نقف جميعاً مع بعضنا، ونعمل من أجل تحقيق ما تصبو إليه شعوبنا من أمن واستقرار وتنمية وحياة أفضل، وأن نعمل لصنع السلام».

وأكد أن بغداد تركز على تبني المشتركات والنأي عن الصراعات وتحقيق التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث من خلال تطوير المناطق الصناعية الاقتصادية المشتركة، وضرورة إيجاد شراكات إستراتيجية متعددة الأوجه بهدف تعزيز حضور الاقتصاد العراقي بشكل مشترك مع اقتصادات الدول العربية.

وكان الكاظمي قال في تصريحات خلال زيارته أخيراً لواشنطن، إن «مشروع بلاد الشام الجديدة» أو ما وصفه بـ»تحالف المشرق الجديد» وفق النسق الأوروبي سيتم طرحه على قادة مصر والأردن. ووسط حديث عن قلق إيراني من توجهات رئيس الوزراء العراقي الرامية لتحرير بغداد من نفوذ طهران، أشار الكاظمي إلى أن مشروع «المشرق الجديد» سيتيح تدفقات رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاث على نحو أكثر حرية.

وقبيل انطلاق القمة، عقد الكاظمي وعبدالله الثاني والسيسي، اجتماعاً تناول البحث خلاله عدداً من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون بين كل من بغداد وعمان والقاهرة.

كما عقد العاهل الأردني لقاءين منفصلين مع السيسي والكاظمي. وتناول لقاء عبدالله الثاني والسيسي العلاقات الثنائية وآخر التطورات في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وبحسب بيان مصري فقد «استعرض الاجتماع الجهود الجارية لتسوية الأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة، إذ تم تأكيد دعم المؤسسات الوطنية بهذه الدول للمساهمة في الوصول إلى تسوية سياسية واستعادة الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، إلى جانب الحفاظ على وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية».

وجرى بحث الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً في الحرب على الإرهاب وفق نهج شمولي.