اعتداء على مشارِكة في المحادثات الأفغانية الداخلية!
في فترة بعد الظهر من يوم الجمعة الماضي، تعرّضت واحدة من النساء القلائل في الفريق الحكومي الأفغاني المُكلّف بالتفاوض مع حركة "طالبان" للاعتداء حين كانت في طريق عودتها إلى العاصمة كابول، وأنكرت "طالبان" مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع قبيل محادثات السلام الأفغانية الداخلية التي طال انتظارها.تفيد التقارير بأن فوزية كوفي، نائبة سابقة وناشطة في مجال حقوق المرأة، تعرّضت لإطلاق نار في ذراعها لدى عودتها مع شقيقتها إلى كابول من زيارة في ولاية "باروان"، لم تكن إصابتها خطيرة لكن تكشف محاولة الاغتيال استمرار مظاهر انعدام الأمان في أفغانستان وهشاشة مكانة المرأة في عملية السلام.أدان السياسيون الأفغان ذلك الاعتداء بقوة، فكتب رئيس فريق التفاوض محمد معصوم ستانيكزاي تغريدة عن الهجوم، حيث ذكر أن كوفي بحالة جيدة، كذلك، اعتبر الرئيس أشرف غني الاعتداء عملاً "جباناً" ووصفه عبدالله عبدالله، الذي أصبح اليوم رئيس "المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية"، بـ"محاولة الاغتيال" ودعا الحكومة إلى تحديد المذنبين والقبض عليهم واكتشاف الدافع المحتمل للاعتداء.
وقع الاعتداء على الطريق السريع بين كابول و"باروان" في منطقة "قراباغ" على الطرف الشمالي من كابول، وبحسب تقرير إخباري على قناة "تولو" المحلية، دعت كوفي الحكومة الأفغانية إلى عدم إهمال التحقيق للكشف عن الجهة المسؤولة عن الهجوم. مع اقتراب موعد المحادثات، يؤجج توقيت الاعتداء المخاوف القائمة حول انعكاسات المرحلة المقبلة من الحياة السياسية في أفغانستان على المرأة الأفغانية. في هذا السياق، صرّحت الصحافية روشي كومار لصحيفة "الغارديان": "تخشى النساء أن تتم التضحية بالحريات المكتسبة على مر 20 سنة منذ سقوط "طالبان" خلال المحادثات". وقد مهّد اتفاق بين الولايات المتحدة و"طالبان" في 29 فبراير لإجراء محادثات أفغانية داخلية وإطلاق سراح الأسرى، لكن لم تشارك الحكومة الأفغانية في تلك المرحلة من المحادثات، كذلك لم يذكر الاتفاق شيئاً عن النساء.لطالما تجنبت "طالبان" التعامل مباشرةً مع الحكومة الأفغانية في كابول باعتبارها دمية بيد قوى خارجية، حيث تشكّل المحادثات المرتقبة نقطة تحوّل بارزة في الأحداث إذاً، لكن لا تزال معالم المرحلة اللاحقة مبهمة. كان حُكم "طالبان" خلال التسعينيات قمعياً لأقصى الدرجات، فأجبر النساء على ارتداء البرقع في الأماكن العامة ومنعهنّ من دخول معظم أماكن العمل، حيث يبقى تبدّل موقف "طالبان" من المرأة محط جدل طويل، إذ تتعلق مسألة أكثر أهمية باحتمال أن يتحول أي تغيير في مواقف الحركة إلى سياسة حقيقية إذا أصبحت "طالبان" جزءاً بارزاً من السياسة الأفغانية.في الصيف الماضي، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً بعنوان "طالبان تتعهد بحماية المرأة... لكنّ النساء لا يُصدّقْنَها"، وذكرت حواء نورستاني في ذلك التقرير والتي كانت المرأة الوحيدة إلى جانب كوفي، في الوفد الذي سافر إلى موسكو لمقابلة قادة "طالبان" في فبراير 2019، أن عناصر "طالبان" ارتبكوا عند الضغط عليهم للتكلم بالتفصيل عما ستفعله الحركة لحماية حقوق المرأة.تتذكر نورستاني أنهم اعتبروا المرأة "عاطفية وحساسة" أكثر من اللزوم، مما يمنعها من العمل كمفوّضة أو رئيسة بلدية مثلاً لأن "عواطفها قد تؤثر في قراراتها". يضغط مختلف الفرقاء لإجراء المحادثات الأفغانية الداخلية الآن، حيث غرّد الممثل الأميركي الخاص للمصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد الجمعة الماضية: "أدعو جميع الأطراف التي تسعى إلى إرساء السلام بألا تكتفي بإدانة الاعتداء الأخير بل أن تُسرّع أيضاً عملية السلام وتطلق المفاوضات الأفغانية الداخلية في أسرع وقت ممكن". * «كاثرين بوتز»