في خطوة تهدف لردع تركيا بعد توسيعها أنشطة التنقيب عن النفط والغاز بمناطق بحرية تتنازع السيطرة عليها مع اليونان أخيراً، أعلنت وزارة الدفاع اليونانية أن «قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا اتفقت على نشر وجود مشترك في شرق البحر المتوسط في إطار مبادرة التعاون الرباعية إس كيو أيه دي» أمس.

وأوضحت وزارة الدفاع اليونانية، أن القوات البحرية والجوية القبرصية واليونانية والفرنسية والإيطالية ستجري مناورات في شرق المتوسط.

Ad

وأشار البيان إلى أن «التوتر وعدم الاستقرار في شرق المتوسط زادا الخلافات حول القضايا بشأن المجال البحري ورسم الحدود والهجرات وتدفق اللاجئين».

ولفتت الوزارة اليونانية، إلى أن المبادرة الرباعية، التي أطلق عليها تسمية «إيفنوميا»، «ستساهم في تعزيز الوجود الجوي العسكري في المنطقة وهي مبنية على التفاهم المشترك والحوار والتعاون».

وأكدت أثينا أن «المسار الدبلوماسي يبقى الوسيلة الفضلى لحلّ المسائل على المستوى الثنائي والمستوى الأوروبي في آنٍ معاً، والحوار يمكن أن يؤدي إلى خفض تصعيد التوتر في المنطقة».

وبحسب أثينا، فإن نشر سفينة «عروج ريس» التركية التي تهدف إلى التنقيب عن المحروقات قبالة جزيرة كاستيلوريزو اليونانية في بحر إيجه على «الجرف القاري اليوناني»، هو «انتهاك لسيادتها».

توسع غربي

في السياق، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن بلاده تعتزم مد الحد الغربي لمياهها الإقليمية في البحر الأيوني إلى 12 ميلاً.

وأضاف رئيس الوزراء المحافظ أن مشروع قانون يخص الأمر سيُقدم إلى البرلمان قريباً جداً، بعد التوصل لاتفاق مع ايطاليا يحل مشاكل عالقة منذ فترة طويلة بشأن حقوق الصيد.

ويناقش البرلمان اليوناني اتفاقاً بحرياً منفصلاً مع مصر ومن المتوقع أن يصوت النواب على الاتفاقين اليوم، فيما تحذر أنقرة من أن تحركاً مماثلاً للتوسع بالبحر الأيوني من أثينا على الطرف الآخر لليونان، أي ناحية الشرق، سيعتبر «ذريعة حرب».

تأييد قبرصي

في موازاة ذلك، اعتبرت وزارة الدفاع في قبرص، المعترف بها دولياً، أن «التوتر ومحاولات زعزعة الاستقرار في شرق المتوسط بلغت الذروة».

وتستمر مناورات الدول الأربع الأعضاء بالاتحاد الأوروبي حتى غداً في شرق المتوسط وفي جنوب وجنوب غرب جزيرة قبرص المقسمة عرقياً بين، القبارصة الروم، والقبارصة الأتراك، منذ 1971.

تحذير فرنسي

وحذّرت باريس، أمس، أنقرة من أن شرق المتوسط لا يمكن أن يشكل ملعباً لـ«طموحات وطنية».

وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي عبر «تويتر»، إن التدريبات العسكرية المشتركة بدأت، مؤكدة أن «المتوسط يجب ألا يكون ملعباً لطموحات البعض: إنه ملكية مشتركة»، حيث «احترام القانون الدولي يجب أن يكون القاعدة وليس الاستثناء».

تهديد تركي

في المقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده عازمة على تحصيل حقوقها في البحار «المتوسط» و»إيجه» و»الأسود»، ولن تقدم أي تنازلات في الدفاع عن مصالحها المرتبطة بالغاز والنفط في شرق المتوسط.

وقال في كلمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية للانتصار بمعركة ملاذ كرد، إن «تركيا لن تمنح الفرصة للدول المتربصة بها»، ودعا نظراءه في البحر المتوسط لـ»الاتزان والابتعاد عن اتخاذ خطوات خاطئة تؤدي بهم إلى الخراب».

وأضاف إردوغان: «نريد أن يدرك الجميع بأن تركيا لم تعد دولة يُختبر صبرها وحزمها وإمكاناتها وشجاعتها بعد اليوم».

وخاطب اليونان دون أن يسميها بالقول، إن «الجهات التي لا تستطيع حتى أن تكون وريثة لإمبراطورية بيزنطة، تسند ظهرها اليوم إلى الأوروبيين وتسعى وراء الظلم والممارسات غير الشرعية والقرصنة»، معتبراً أن هذه الجهات لم تستخلص الدروس من التاريخ.

ولفت إلى أن «تركيا تفعل ما تقول ومستعدة لدفع الثمن، وكل من يريد مواجهتنا مدركاً الثمن الذي سيدفعه فليتفضل وإلا فلينسحب من أمامنا». وتابع: «لا نطمع في أراضي وسيادة ومصالح الغير، لكننا لن نتهاون مع من يستهدف أراضينا وسيادتنا».

وأرسلت تركيا منذ العاشر من أغسطس الحالي سفينة «عروج ريس» للرصد الزلزالي ترافقها قوة عسكرية إلى منطقة تطالب أثينا بالسيادة عليها، مما أثار غضب أثينا التي نشرت سفناً حربية في المنطقة رداً على ذلك.

وتؤجج جزيرة كاستيلوريزو القريبة جداً من المياه الإقليمية التركية، غضب أنقرة لأن السيادة اليونانية عليها تحرم تركيا من مساحات بحرية غنية بالغاز تمتدّ مئات آلاف الكيلومترات.

في موازاة ذلك، ندد رئيس وزراء جمهورية شمال قبرص، غير المعترف بها، أرسين تتار، بالمناورات العسكرية المشتركة.

ووصف التدريبات بأنها «خاطئة ومخالفة للقانون الدولي». وأشار تتار إلى امتلاك بلاده وتركيا شريطاً ساحلياً على البحر المتوسط، مبيناً أنه من غير الممكن للأطراف التي لها أنشطة في المنطقة، تجاهل هذه الحقيقة.

اجتماع وتصدع

ومن المقرر أن يبحث اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي ينعقد اليوم وغداً الخلاف اليوناني التركي في برلين التي سعت إلى الوساطة وتفادي انزلاق التوتر بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى «حد الكارثة» وحذرتهما من «اللعب بالنار».

وشدد وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس الذي زار أثينا وأنقرة، أمس الأول، على أن «لا أحد يريد حلّ هذا الخلاف عبر وسائل عسكرية» مشيراً إلى «هناك إرادة للحوار من الجانبين» ومؤكداً في الوقت ذاته وقوف ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى جانب اليونان بقوة.

وفي وقت دخلت اليونان في سباق دبلوماسي إلى جانب شركائها الأوروبيين والولايات المتحدة، للضغط على تركيا، أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون أوروبا، فيل ريكر، أن تحركات تركيا في المتوسط تزيد التوتر في المنطقة. واعتبر أن الخطوات التركية في المتوسط تهدد وحدة «الناتو».