القلب المخموم
في 22 من رمضان 1439هـ الموافق 6 يونيو 2018م كنت أشاهد برنامجا دينيا في إحدى القنوات الخليجية يعده ويقدمه أحد المشايخ المشهورين، أجاب الشيخ عن سؤال لإحدى المتصلات بالبرنامج عن دعاء ليلة القدر.فأجابها الشيخ: إن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ليلة القدر... ماذا تقول فيها: فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".وأضاف الشيخ بعض الناس في رمضان تحديداً في العشر الأواخر يلتمسون ليلة القدر ويدعون بهذا الدعاء العظيم بطلبهم العفو والمغفرة من ربهم، ومنهم قاطع للرحم وظالم للناس ولنفسه، وآكل لحقوق الضعفاء من الناس، ومفسد في الأرض، فهؤلاء البشر عجيب أمرهم يطلبون العفو من رب العالمين وهم لا يعفون عن أقرب الناس إليهم!
وهنا يحضرني موقف حادثة الإفك التي طعن فيها في شرف أمّنا أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، وزوجة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، في هذه الحادثة أقسم أبو بكر الصديق ألا ينفق على قريبه الفقير "مسطح بن أثاثة" لأنه تكلم مع المنافقين في عرض أمنا عائشة، رضي الله عنها. فلما نزل قول الله تعالى: "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، قال أبو بكر: بلى، والله إني لأحب أن يغفر الله لي فأرجع إلى قريبه مسطح النفقة التي كان ينفقها عليه.عجبا لبعض الناس كل يوم يغتسلون بالماء والصابون وينظفون أجسامهم جيدا، ويتعطرون ويلبسون أجمل الثياب وأغلاها لكن قلوبهم فيها شيء على إخوانهم، أو مملوءة بالحقد والحسد والكراهية والبغضاء والعداوة.كما يوجد بيننا ناس مرضى يعانون الفشل الكلوي شافاهم الله وعافاهم، هؤلاء المرضى يوميا يذهبون إلى المستشفى لغسل الكلى، فإلى مرضى القلوب أقول لماذا لا تغسلون قلوبكم؟وقد تسأل عزيزي القارئ: هل القلوب تُغسل؟ أقول، بنعم غسل القلوب كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما سئل: أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب، صدوق اللسان"، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد".أسال الله سبحانه وتعالى أن يطهر قلوبكم ويجعلها تقية نقية صافية وسليمة لأن القلب السليم سبب من أسباب دخول الجنة، كما قال عليه الصلاة والسلام عن رجل من أهل الجنة بسبب قلبه المخموم.