في ظلال الدستور: السلام عقيدة الكويت وموقفها الثابت من القضية الفلسطينية
السلام عقيدة الكويتديباجة تصديق صاحب السمو الراحل الشيخ عبدالله السالم على دستور الكويت في الحادي عشر من شهر نوفمبر 1962 بالرغم من قصرها فقد حفلت بمعانٍ رائعة نجتزئ منها ما جاء في استهلالها من أنه: "رغبة في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز، وإيمانا بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية... وبناء على ما قرره المجلس التأسيسي صدقنا على هذا الدستور وأصدرناه".
ومن بين نصوص الدستور الحافلة بالمعاني السامية في مقومات المجتمع الأساسية والحقوق والواجبات العامة، والسلطات وصلاحياتها، ترد المادة (157) من الدستور لتحض على أن "السلام هدف الدولة، وسلامة الوطن أمانة في عنق كل مواطن، وهي جزء من سلامة الوطن العربي الكبير".وترد المادة (161) لتنشئ مجلسا أعلى للدفاع يتولى شؤون الدفاع، فالسلام هو عقيدة شعب الكويت التي تبناها الرعيل الأول من أبناء هذا الوطن بعد نشأة الدولة، لتصبح دستورا للبلاد يتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل، وهي عقيدة تنبع من الفطرة السليمة في ضمير المجتمع الكويتي، الإنساني النشأة والنزعة، فقد كانت النشأة الأولى لهذا المجتمع في القرين، الخيمة التي لجأ إليها آل الصباح وقبائل وجماعات أخرى لتكون واحة الأمن والسلام لهذا المجتمع بعيداً عن الاضطرابات والقلاقل التي كانت تسود شبه الجزيرة العربية والعراق وفارس. (انظر من تاريخ الكويت- سيف مرزوق الشملان- مطبعة نهضت مصر 1950).السلام عقيدة الإسلاموحيث تنص المادة (2) من الدستور على أن "دين الدولة الإسلام" وعقيدة الإسلام هي السلام، فيما تنص عليه الآيات الكريمة التالية: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ* فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ". (البقرة 190-193).وقد نزلت الآية الكريمة (193) بعد إبرام صلح الحديبية عندما تجهز المسلمون للحج، وقد ساورهم القلق في أن يمنعهم الكفار من بيت الله الحرام لأداء شعائر الحج، فنزل الإذن الإلهي بالقتال دفاعا عن النفس، حتى لا تحدث فتنة، والفتنة أشد من القتل. وليس معنى أن يكون الدين لله بأن يكون فرض دين الإسلام بالقوة في الجماعة الدولية قاطبة، وقد قال المولى عز وجل "لا إكراه في الدين"، ومثل هذا القول يناقض ما جاء في الآية الكريمة "فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين"، لأن الدين مسألة بين المرء وربه. (راجع ذلك في "قانون السلام في الإسلام"- دراسة مقارنة د. محمد طلعت الغنيمي ص 39- 62).سلام نتنياهو وسرقة القرنمنذ سنوات قليلة وصفت الولايات المتحدة الأميركية سرقة بضعة مليارات من الدولارات من المال العام في ماليزيا بأنها سرقة القرن، في حين وصفت مبادرة كوشنير التي تتيح لإسرائيل الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية وضمها إلى الدولة الإسرائيلية بأنها صفقة القرن، وهي تسلب من الشعب الفلسطيني البقية الباقية من أرضه، وتعزل الفلسطينيين الصامدين على المساحة الباقية من الأرض عن العالم الخارجي بل عن غزة، في كانتونات، وهي سجن كبير إلى جانب السجون الإسرائيلية التي امتلأت بأبنائهم وبناتهم وإخوانهم وأخواتهم وآبائهم وأمهاتهم فضلا عن ضم غور الأردن. وكما يقول الشاعر:قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفروقتل شعب بأسره مسألة فيها نظروقد رفضت الكويت حكومة وشعبا صفقة القرن، وعقد مجلس الأمة جلسة خاصة لمناقشة هذه الصفقة بتاريخ 5/ 2 / 2020، رفض فيها صفقة القرن كما رفضتها الحكومة في بيان رسمي.وخلص اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الطارئ الذي عقد في القاهرة على مستوى ووزراء الخارجية إلى "رفض صفقة القرن الأميركية الإسرائيلية" باعتبارها "لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني، وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".