خاص

فنانون وشعراء لـ الجريدة•: فيروس كورونا غيَّرت الأغنية

«الجائحة غيَّبت الحافز وحبست الجمهور... وانتهاء الحظر مدعاة للتفاؤل»

نشر في 01-09-2020
آخر تحديث 01-09-2020 | 00:05
لا شك أن أزمة «كورونا» ألقت بظلالها على شتى مناحي الحياة، ومنها الأغنية، التي نالتها تغييرات إجبارية بسبب التوقف الطويل منذ حظر التجول وإعلان الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس.
«الجريدة»، رصدت جانباً من تلك التغييرات من خلال سبر آراء مجموعة من صناع الطرب الكويتي، على مستوى الشكل والمضمون والإنتاج، حيث تباينت آراؤهم حول التغيير الحاصل، وإلى التفاصيل:
بداية يرى شيخ الشعراء يوسف ناصر أن التأثير الذي طرأ على الأغنية بسبب شهور التوقف الطويلة، كان تأثيرا نفسيا في المقام الأول، وأصبح المزاج العام لا يميل إلى سماع الأغاني، وهو ما جعل الفنان يشعر بعدم الحافز لتقديم الجديد، فمن أين تأتي البهجة التي تدفع الكاتب لتقديم عمل جميل مهما كان ممتلكا لأدواته؟!

وأكد ناصر أنه بعد الخروج التدريجي من تداعيات الجائحة، سيعود مشهد الأغنية إلى سابق عهده، حيث يعاني مشكلات راسخة لسنوات، وأبرزها صعوبات الإنتاج، وعدم وجود جهات إنتاجية بعد اختفاء الكاسيت و"السي دي" وأصبح كل مطرب ينتج لنفسه، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية التي شهدها العالم جراء الأزمة.

وأضاف أن "الشاعر يتفاعل مع الأزمات وهو أمر صحي وطبيعي، ولذلك رغم توقف حركة الإنتاج، ظهر اتجاه جديد للأغنية الوطنية والحماسية وهو ما يثبت وجود تغيير في شكل ومضمون الأغنية، ولقد حرصت على المشاركة في تلك الحركة من خلال أغنية (قسم بالله) التي لحنها يوسف مهنا وغنتها ولاء الصراف، وأخرى بعنوان (نرفع لكم العقال) التي غناها محمد البلوشي من ألحان حمد الخضر".

من ناحيته، قال الشاعر القدير بدر بورسلي: "أبرز ما عانى منه صناع الأغنية خلال الشهور الماضية هو عدم القدرة على التجمع في الاستوديو أو حتى بالديوانيات لإجراء عملية عصف ذهني، تلك التي تتمخض عن افضل إنتاجتنا، فالأغنية لا تولد فجأة بل تحتاج لفكرة تجري مناقشتها وتفنيدها، ثم مرحلة الكتابة ثم التنقيح والمراجعة وغيرها من المعالجات حتى يظهر النص بشكل نهائي إثر جهود جماعية للمثلث الشهير المطرب والشاعر والملحن، فكيف يمكن أن تكون الحياة طبيعية للأغنية إذا فقدت أحد أو اثنين من أضلاعها؟ وأنا على المستوى الشخصي منذ شهور لم ألتق أحداً في ديوانيتي التي كانت عامرة، وكل ذلك كان له تأثير واضح على الأغنية".

وأضاف بورسلي أنه مع دخول المرحلة الخامسة ورفع حظر التجوال نهائيا، ربما يصبح لدينا القدرة على الاجتماع من جديد، وهو الشكل الأكمل والأفضل لخروج عمل غنائي، وبداخلي تفاؤل كبير، "فشهور الحظر جعلت الأفكار مكدسة في أذهاننا، ولذلك سيصاحب الفترة المقبلة ضخ كبير للإنتاج الغنائي، وخاصة في ظل تشوق الناس للأغنية بشكل خاص التي عانت التوقف التام خلال الأزمة".

حضور واسع

بدوره، عبر شيخ الملحنين أنور عبدالله الذي كان له حضور واسع وقت الأزمة، عن رؤيته الخاصة لواقع الأغنية في تلك الفترة، مبيناً أن "الجائحة عطلت العديد من الألبومات الفنية التي كان مخططاً لها الصدور في تلك الفترة، فكل مطرب كان يستعد لإطلاق ألبومه، توقف وانتظر مرور العاصفة بسلام".

وأكد عبدالله أن تغييرا كبيرا حصل في ملامح الأغنية، التي تحولت خلال الشهور الأخيرة إلى المضمون الوطني والاجتماعي والتشجيعي للصفوف الأمامية، في غياب واضح للأغنية العاطفية والرومانسية، وعلى مستوى الإنتاج سيلجأ الكثير من المطربين إلى تخفيف العبء عن أنفسهم بتقليل عدد الأغنيات التي يطرحوها سواء في الألبوم أو حتى على مستوى السنغل، مطالبا المطربين بالتمسك بجودة الأغنية رغم أزمة الإنتاج التي خلفتها الجائحة، وأن يعمل كل مطرب على انتقاء أعماله.

وأضاف أن "الجمهور الذي نخاطبه ككبار الملحنين والشعراء والمطربين لا يتقبل أي عمل إلا إذا كان دسما قيما، عكس جمهور الشباب الذي يمتص أي مادة موسيقية بغض النظر عن قوتها وهو ما يضع علينا عبئا إضافيا خلال الفترة المقبلة تجاه الجمهور".

وأشار عبدالله إلى أن تعافي الأغنية مرهون بعودة الحياة الطبيعية إلى سابق عهدها من حفلات ومهرجانات وإمكانية السفر دون قيود أو فترة حجر صحي، مضيفا أنه حاول خلال الأزمة عدم الانقطاع عن جمهوره بل تماشى مع طبيعة المرحلة وقدم نوعية الأغنيات الرائجة من اجتماعية ووطنية، ومنها "والله أحبك يا كويت" بصوت القيثارة نوال وكلمات عالية الحساوي، و"يا وطن الأوطان" لبلبل الخليج نبيل شعيل كلمات الشيخة سعاد الصباح، و"مليت أنا مليت" بصوت خالد الملا.

العمل الموسيقي

من ناحيته، لخص الملحن الكبير يوسف المهنا التأثيرات التي طرأت على الأغنية بقوله: "اختفاء التجمع الموسيقي أضر بصناعة الأغنية بشكل واضح، فالفرقة التي تضم 20 فردا لم تعد تستطيع التواجد في مكان واحد، ولا شك أن هذا التواجد كان يعتبر عنصرا هاما في جودة العمل الموسيقي من خلال التجريب والتلحين".

ولفت إلى أن عدم وجود جمهور أو تجمع بين صناع العمل يحرمنا من البهجة، كالمباريات التي تقام بدون جمهور، والحفلات الأونلاين، كل هذا يفقدنا كثيرا من مشاعر السعادة التي تضفيها الأغنية على الحضور، فإذا غاب الجمهور فلا بهجة، "كما حلت التكنولوجيا بديلا عن غياب عروضنا الحية وحفلاتنا، فأصبح الجميع الآن يلجأ إلى المواقع الإلكترونية ويوتيوب للاستمتاع بالأغنية، ما يمكن وصفه مجازا بأن ثمة تآمر بين الجائحة والتكنولوجيا لإقصاء الأغنية الحية وخلق مزيد من التباعد بين الجمهور والمطرب.

وأكد مهنا أن الجمهور متشوق للأعمال الجديدة ولذلك فمن المرتقب أن تشهد الفترة المقبلة غزارة في الإنتاج لتعويض حالة الغياب الطويلة، مضيفا أنه يعكف على أعمال جديدة سيقدمها في القريب وستكون مفاجئة للجمهور.

إعادة طرح

من جهته، كان للمطرب حمد المانع تفاعل مغاير مع الأزمة، إذ حاول الحضور رغم الغياب، موضحا أن توقف إنتاجاته الغنائية الجديدة، دفعه لإعادة طرح أغنيات قديمة بشكل غنائي أو موسيقي جديد، وهو ما جعله على تواصل دائم مع الجمهور، مضيفا أنه أعاد طرح أغنيته "يا غافل" وحققت تفاعلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت متنفسا للجمهور خلال 6 أشهر من الحظر والتباعد.

وأضاف المانع أن ثمة تغييرات عدة طرأت على واقع الأغنية خلال الجائحة، مثل اتجاه المطربين لتصوير أعمال من داخل منازلهم وهو أمر لم يحدث قبل الجائحة، فأصبح كل فنان يصور ويسجل أغنياته ويطرحها من داخل منزله، وهو ما ساهم في تقارب كبير بين الجمهور والفنان الذي بدأ يظهر طبيعيا بدون مكياج أو استعدادات خاصة، كما أصبح الجمهور مطلعا على حياة الفنان الخاصة.

وأضاف أن انشغال الفنان خلال السنوات الماضية لم يترك له وقتا للتفكير أو مراجعة النفس أو التواصل مع الجمهور بهذا الشكل المكثف، كما فتحت الأزمة مجالا لحفلات اللايف التي لم تعرف من قبل، ومن تأثيراتها أيضا أنها ستجعل المطربين يتجهون لغناء الأغنيات المبهجة والمفرحة فلا مجال في الفترة المقبلة لأغنيات محزنة تحمل آلاما أو عذاب أو فرقة، فالجمهور متشوق للفرحة واكتفى من الأحزان خلال شهور.

تشوق الجمهور

وفي تعليق جمع بين الرؤية الأكاديمية والاحترافية، أوضح الأستاذ بالمعهد العالي للفنون الموسيقية لآلة العود، المطرب جاسم بن ثاني، أن الجائحة ظرف سيمر قريبا ورغم ما ترك من تداعيات حول توقف إنتاج الأغنيات، فإن البعض تحلى بالجرأة والشجاعة وطرح أعماله دون خوف كالفنان نبيل شعيل حين طرح ألبومه "كبير الفن" في مارس الماضي، ما يعكس تشوق الجمهور للأعمال.

وأوضح بن ثاني أن أزمة الإنتاج التي تعانيها الأغنية تفاقمت خلال الجائحة، فأغلب المطربين ينتجون أعمالهم بأنفسهم، في ظل غياب شركات الإنتاج عدا "روتانا" الوحيدة المستمرة خلال الأزمة، وهو ما يزيد العبء على المطرب الذي يبحث عن القيمة في عمله، وفي ظل تردي الاوضاع الاقتصادية أصبح على كل مطرب يريد تقديم عمل جيد أن يتوقف حتى تتضح الرؤية وتنكشف ملامح السوق الجديد للأغنية بعد الأزمة.

وأضاف أن الأغنية الوطنية كانت الحصان الرابح خلال الفترة الماضية، فقدم أغنية "فخر الكويت" للشاعر محمد الشريدة من ألحان ولاء الصراف بتكليف من وزارة الإعلام، كما قدم لمؤسسة البرامج المشتركة أغنية تطوعية بعنوان "ظرف ويمر" كلمات وألحان محمد الزنكوي.

أنور عبدالله: تعافي الأغنية مرهون بعودة الحفلات والسفر دون قيود أو حجر صحي

بدر بورسلي: الأفكار مكدسة في أذهاننا وستصاحب الفترة المقبلة غزارة في إنتاج الأغاني

يوسف ناصر: المزاج العام أثناء الأزمة لم يكن يميل إلى سماع الأغنية ما جعل الفنان يفقد الحافز

حمد المانع: الجمهور متعطش للفرحة ولا مجال لأغنيات حزينة في الفترة المقبلة

يوسف المهنا: التكنولوجيا حلت بديلاً عن الحفلات والعروض الحية

جاسم بن ثاني: الأغنية الوطنية كانت الحصان الرابح خلال الفترة الماضية
back to top