«بُناة الأهرام» ... جدلٌ مستمر حول آخر عجائب الدنيا السبع القديمة
لا تزال أهرامات الجيزة في مصر شاهداً على عبقرية الحضارة المصرية القديمة، باعتبارها آخر عجائب الدنيا السبع القديمة التي لا تزال باقية، إذ يقف العلماء عاجزين عن تفسير سر بناء هذه المدرجات الصخرية العملاقة شامخةً منذ نحو 4500 سنة، وبين حين وآخر يعلن عالم أو فريق بحثي في مجال الآثار توصله إلى سر بناء الأهرامات، لكن حالة جدل كبيرة اشتعلت أخيراً بعد تغريدة للملياردير الأميركي إيلون ماسك ذهب فيها إلى أن من نفذ هذا الصرح البديع «كائنات فضائية»!
قبل أيام قامت الدنيا ولم تقعد، على إثر تغريدة كتبها على موقع "تويتر" رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك المتحدر من أصول كندية، قال فيها إن بناة أهرامات الجيزة هم "كائنات فضائية"، ما أثار دهشة وغضب قطاع عريض من المصريين، وبخاصة علماء الآثار والتاريخ، ودفع وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط إلى توجيه دعوة إلى ماسك لزيارة هذه المعالم التاريخية و"التحقق من مقابر بناة الهرم".ويبدو أن المشاط، التي كانت تشغل في وقت سابق منصب وزيرة السياحة، أرادت استثمار التغريدة للتسويق لآثار بلادها، حيث ردت بتغريدة على ماسك قائلة: "أتابع عملك بإعجاب كبير، وأدعوك لاستكشاف كتابات حول كيفية بناء الأهرامات، وأيضاً للتحقق من مقابر بناة الهرم". وأضافت: "سيد ماسك، نحن في انتظارك".تواصلت "الجريدة" مع الباحث المصري ثروت عبدالحفيظ، صاحب العديد من براءات الاختراع، والذي نجح منذ سنوات في فك لغز تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في معبده الفرعوني، ونفذ الفكرة عملياً في منزله، وسألناه عن رأيه في الجدل الدائر الذي يتجدد دائماً عن بناة الأهرامات، وكانت المفاجأة أنه أطلعنا على كتاب له صدر عام 2009 بعنوان "سر الأسرار وتصحيح الأفكار"، تحدث فيه عن نظريته في بناء هذا الصرح التاريخي العملاق.
ورفض عبدالحفيظ كل النظريات التي سبق أن طُرحت في هذه المسألة، ويقول إن بناء الأهرامات اعتمد على فكرة "الصب" والمناولة بين العمّال، حيث تم صب هذه الأحجار من مواد متوفرة في منطقة الهرم، وتحولت إلى أحجار بطبيعتها الحالية بفعل عامل الزمن.وأوضح أن ارتفاع الحجر (الدرجة الواحدة في الهرم) نحو متر، وهو ارتفاع مناسب لطول العامل لكي يصعد عليه ويناول مواد البناء لعامل آخر... وهكذا، فمثلاً في عمل الأحجار بارتفاع 70 متراً (أي ارتفاع 70 حجراً) يقف 70 عاملاً على 70 درجة ويناول بعضهم البعض مواد البناء ليقوم الأخير بدوره بصب الحجر في موقعه، على أن تُترك مسافة بين كل حجرين ليعود العامل مرة أخرى، وبعد جفاف الحجرين يصب المسافة الفارغة بين الحجرين، وهكذا يتم العمل للانتهاء من الأحجار اللازمة لارتفاع درجة واحدة بمسطح الهرم، ثم تترك بالأطراف ما قيمته درجة من جميع اتجاهات الهرم الأربعة ليعاود العمال الصب والعمل بالطبقة التي تعلوها بالطريقة نفسها.
«وادي الجرف»
ونظرية عبدالحفيظ هي الأخرى تسير في اتجاه مختلف عما جرى حسمه عام 2016، حين تم الكشف عن بردية تاريخية تُسمى "وادي الجرف"، يتحدث فيها رئيس عمّال هرم خوفو (الهرم الأكبر) "مرر"، عن بناء الهرم وقطع الأحجار من طُرة (منطقة تقع جنوبي القاهرة).ووفق هذه البردية، أشار عالم المصريات زاهي حواس إلى أن اسم هرم خوفو هو "أخت خوفو" بمعنى أفق خوفو، ومنطقة الهرم كانت تعرف باسم "عنخ خوفو" بمعنى خوفو يعيش، ما يؤكد أيضاً أن بناة الأهرام ليسوا كائنات فضائية أو خوارق.ورداً على الملياردير الأميركي، أطلق حواس قبل أيام مقطع فيديو باللغة الإنكليزية، قائلاً: "إن أموال هذا الملياردير لم تجعله مشهوراً، لذلك بدأ في الإعلان أن الأهرامات بناها قوم جاؤوا من الفضاء، وأن الملك رمسيس الثاني أيضاً من الفضاء، وكان المفروض ألا أرد لأنه لا يستحق ذلك، ولكن وجدت أن هذا الخبر نشر في كل مكان، ولكنه خبر ليس له أي دليل علمي". وتابع حواس: "الأدلة الأثرية والتاريخية واللغوية تثبت أن بناة الأهرام هم المصريون، وأن الملك رمسيس الثاني تعود أصوله إلى محافظة الشرقية في دلتا مصر، كما أن هناك أدلة لغوية مكتوبة داخل مقابر الموظفين والنبلاء تشير إلى خوفو وهرمه، وأن الهرم هو رمز لإله الشمس، وأنه جزء من الأهرامات المصرية التي بنيت منذ الأسرة الثالثة حتى بداية الأسرة 18".الأهرامات مقابر لملوك الفراعنة
اعتاد الملوك الفراعنة تشييد الأهرامات كمقابر لهم ولأسرهم، وبُني هرم خوفو المعروف بالهرم الأكبر والبالغ طوله 146 متراً، قبل أكثر من 4500 سنة، وخوفو هو ثاني فراعنة الأسرة الرابعة (القرن الـ26 قبل الميلاد)، ويعد إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، بل هو آخر عجيبة من تلك العجائب لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.